بينما كانت قمم الثلج تُطوّق منتجع بانف الكندي، اجتمع كبار المسؤولين الماليين في العالم لمناقشة اضطرابات الاقتصاد العالمي، غير أن التصريحات التي أدلت بها كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، حملت نبرة لافتة وتحذيرًا صريحًا: “التجارة الدولية تغيّرت للأبد”.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة الكندية، على هامش اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، أكدت لاغارد أن تداعيات التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية أعادت تشكيل النظام التجاري العالمي بشكل لا رجعة فيه.
وقالت: “من الواضح أن التجارة الدولية لن تعود أبدا لسابق عهدها، لكن من الواضح أيضا أنه سيكون هناك المزيد من المفاوضات”.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن لاغارد قولها إن جميع الشركاء في نظام التجارة الدولية سيتجهون إلى اتخاذ خطوات إضافية، في محاولة للحد من الاختلالات الاقتصادية الكبيرة المتجذرة منذ سنوات.
كما أشارت إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على معدلات التضخم لا يزال مسألة شديدة التعقيد، مؤكدة أن تقويم هذا التأثير سيكون أوضح مع تقدم المفاوضات وتغير المشهد العالمي.
وخلص الاجتماع الذي وصف بأنه شهد “مناقشات صريحة ومثمرة”، إلى بيان ختامي شدد فيه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في مجموعة السبع على ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الاقتصادية المعقدة وتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية.
وأكد البيان أن التقدم المحرز في خفض التوترات التجارية والاقتصادية يتطلب مواصلة التنسيق، لا سيما في ظل “الاختلالات العالمية غير المستدامة” التي تهدد النمو العالمي.
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة السبع تضم كلًا من: الولايات المتحدة، كندا، اليابان، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، وإيطاليا.
ويأتي هذا الحراك وسط تصاعد الأسئلة حول مستقبل النظام التجاري العالمي، خاصة بعد تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جديدة على واردات أوروبية، ووسط مخاوف متزايدة بشأن قدرة واشنطن على إدارة ماليتها العامة، وهو ما دفع البعض إلى التشكيك في جدارة الولايات المتحدة الائتمانية.
معهد الاقتصاد الألماني يحذر من تكبد ألمانيا خسائر تصل إلى 200 مليار يورو جراء رفع الرسوم الأمريكية
حذر معهد الاقتصاد الألماني (IW) من الأثر الاقتصادي الكبير المتوقع على ألمانيا في حال فرض الولايات المتحدة الأمريكية رسوماً على الواردات الأوروبية بنسبة 50%، كما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته بدء تنفيذ هذه الرسوم اعتباراً من أول يونيو المقبل. واعتبر ترامب المفاوضات التجارية مع الاتحاد الأوروبي غير مجدية، مما دفع إلى اتخاذ هذا الإجراء التصعيدي.
وتوقع المعهد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.1% خلال هذا العام، مع احتمالية تصاعد الخسائر الاقتصادية في السنوات القادمة، حيث قد يصل الانكماش السنوي إلى 1.1% في الفترة ما بين 2025 و2028، مع خسائر محتملة تصل إلى 250 مليار يورو في حال رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم مماثلة على الواردات الأمريكية.
وأكد التقرير أن الولايات المتحدة لن تكون بمنأى عن تداعيات هذه القرارات، بسبب اعتمادها على واردات ألمانية مثل الرافعات الآلية التي تشكل 95% من واردات الولايات المتحدة في هذا القطاع، مما قد يضر باقتصادها أيضاً.
يُذكر أن ترامب كان قد أصدر في أبريل الماضي مرسوماً بفرض رسوم جمركية ابتدائية بنسبة 10% على بعض الواردات، قبل أن يرفع بعضها بناءً على العجز التجاري، ومن ثم أعلن تعليق زيادة الرسوم لمدة 90 يوماً عقب طلب أكثر من 75 دولة الدخول في مفاوضات.






اترك تعليقاً