أمريكا تدعو لوقف فوري لإطلاق النار بالسودان.. الإمارات تدعم حكومة مدنية

طرح كامل إدريس، رئيس وزراء السودان ورئيس الحكومة المدنية الانتقالية في بورتسودان، أمام مجلس الأمن الدولي، مبادرة شاملة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أبريل 2023، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 150 ألف شخص وتشريد نحو 12 مليون نسمة، وسط دمار كبير في الاقتصاد والنسيج الاجتماعي.

وأوضح إدريس أن المبادرة تتضمن وقف إطلاق النار تحت إشراف مشترك من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وانسحاب قوات الدعم السريع من جميع المناطق التي تسيطر عليها، وتجميع مقاتليها في معسكرات محددة تحت رقابة أممية وإفريقية وعربية، مع نزع سلاحها لضمان نجاح الهدنة.

وأكد إدريس أن تحقيق الهدنة يعتمد على الالتزام الكامل بتجميع القوات شبه العسكرية في المعسكرات، داعيًا أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر لدعم المبادرة باعتبارها فرصة حاسمة لتفادي انهيار السودان ومشاركة المجتمع الدولي في عملية التعافي بدلاً من الاكتفاء بالمراقبة.

في السياق، حثّت الولايات المتحدة طرفي النزاع في السودان على قبول هدنة فورية لوقف إطلاق النار، خلال جلسة عقدت الاثنين في مجلس الأمن، فيما أكدت الإمارات دعمها لانتقال السودان إلى حكومة مدنية مستقلة، في ظل تصاعد الفظائع والانتهاكات بحق المدنيين.

وقال ممثل الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة لشؤون الإدارة والإصلاح، جيفري بارتوس، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجّه بعرض طريق للمضي قدمًا عبر هدنة إنسانية، مؤكّدًا على ضرورة قبول الطرفين لهذه الهدنة دون شروط مسبقة وبشكل فوري.

وأضاف بارتوس أن حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدين بشدة الفظائع المرتكبة من قبل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بما يشمل الاستهداف الإثني والعرقي للمدنيين، مشيرًا إلى استخدام الجيش للأسلحة الكيميائية في انتهاك لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، داعيًا إلى مساءلة السودان بشكل صارم.

وأوضح مسؤول أمريكي أن واشنطن طرحت نصًا قويًا لوقف إطلاق النار، وأن المسؤولية تقع على عاتق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للموافقة على هدنة إنسانية دون أي شروط مسبقة.

وأظهر تحقيق غربي مشترك نشرت نتائجه شبكة سي إن إن، أدلة دامغة على ارتكاب الجيش السوداني انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في ولاية الجزيرة على أساس عرقي، تصل إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما فيها التطهير العرقي، وعمليات قتل جماعي وإعدامات ميدانية خارج نطاق القانون، وإلقاء جثث الضحايا في القنوات المائية والمقابر الجماعية بعد انسحاب قوات الدعم السريع. وأكد التحقيق أن أوامر الحملة العسكرية صدرت من مستويات عليا داخل الجيش بمشاركة شخصيات مرتبطة بالحركة الإسلامية تمارس نفوذًا على القيادة العسكرية.

في الوقت نفسه، شدد مندوب دولة الإمارات في الأمم المتحدة محمد أبو شهاب على دعم بلاده لانتقال السودان إلى حكومة مدنية مستقلة، محذرًا من أن استمرار النزاع قد يمتد إلى الدول المجاورة، مؤكدًا أن الطرفين ارتكبا جرائم حرب، وأن المجتمع الدولي لا يجب أن يقف مكتوف الأيدي أمام استمرار الحرب الأهلية، داعيًا إلى مسار يحرّم الجماعات المتطرفة من الموارد والشرعية ويعتمد على قيادة مدنية مستقلة.

ومن جانبه، سيخاطب رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، مساء الاثنين، جلسة مجلس الأمن في نيويورك لتقديم “مبادرة حكومة السودان للسلام”، والتي تشمل إعلان وقف إطلاق نار مشروط بانسحاب المليشيات المتمردة من جميع المواقع تحت رقابة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.

وأوضح المستشار الصحفي لرئيس الوزراء محمد عبد القادر أن المبادرة تكمل خارطة الطريق المقدمة سابقًا إلى الأمم المتحدة، وتعزز جهود وقف النزاع وتحقيق السلام الشامل، مع شكر الدول الداعمة، أبرزها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر وتركيا وإريتريا.

وخلفية الأزمة، اندلعت في أبريل 2023 اشتباكات واسعة النطاق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في مناطق متفرقة، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح نحو 13 مليون شخص، بعضهم إلى دول الجوار، وتسببت بأزمة إنسانية من بين الأسوأ عالميًا وفق الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

كما تصاعدت الخلافات بين قيادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد توقيع الاتفاق الإطاري للفترة الانتقالية، ما أفضى إلى تصاعد المواجهات المسلحة.

الإمارات تنفي الاتهامات بالضلوع في الأزمة السودانية وتؤكد دعمها للسلام المدني

رد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، على الاتهامات الإعلامية التي تناولت دور بلاده في ما يجري بالسودان، مؤكداً أن الإمارات لا تسعى للزعامة أو الهيمنة في المنطقة.

وكتب قرقاش عبر حسابه على منصة “أكس” أنه تابع الحملات الإعلامية الشرسة التي استهدفت الإمارات، بعضها من مصادر متوقعة وأخرى من أطراف لم يكن متوقعاً أن تصدر عنها، مشيراً إلى أن هذه الحملات تجاهلت غالباً الظروف الداخلية للسودان بهدف تبرير تقصيرها، لكنها في النهاية بقيت بلا أثر.

وأضاف أن الإمارات ليست من يحمل رغبة السودانيين في السلام والحكم المدني، بل هي مطلبهم، وليست من تدعو إلى حق تقرير المصير في الجنوب، بل هي إرادة أهله، مشدداً على أن الدولة تعمل مع شركائها لتحقيق منطقة مستقرة ومزدهرة وخالية من التطرف.

وأكد قرقاش أن الشراكة مع الإمارات تقوم على الثقة والوضوح والتكافؤ، مشيراً إلى أن هذه المبادئ تشكل الأساس في تعاملات الدولة الإقليمية والدولية.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً