أوقدوا مصابيحكم ينقشع الظلام لا محالة

أوقدوا مصابيحكم ينقشع الظلام لا محالة

الصراع بين الخير والشر أزلي ومآله سيادة الخير لا محالة، فلنكن في صف الخير قدر استطاعتنا ولنعلم أن لا خير مستحيل فالخير بلا شك يتحقق، الخير منتشر منتصر والشر منحصر مندحر لا محالة، هذه حقيقة حتمية يعيها خير البرية وشر البرية في هذه القضية.

لقد بدأ الصراع في عالم القناعات والأفكار قبل أن يبدأ في عالم الأشخاص والأحداث، فانتصروا على سوء النفس والشيطان في عالم القناعات والأفكار، بأن تسودوا أنفسكم بالخير قناعة وفكرا وقولا وعملا وسلوكا مع أنفسكم والغير، بأن تنموا الخير وتبثوه في أنفسكم والغير على قدر استطاعتكم، تندحر عنكم وعن أوطانكم قناعات الشر وأفكاره السيئة المتطرفة تدريجيا، بذلك لن يجد الشر والسوء منفذا إليكم ولا إلى فكركم فتبدأ نهاية الصراع في عالم الأشخاص والأحداث بسيادة الخير تدريجيا، فقوموا بتغليب الخير بداخلكم يغلب الخير على واقعكم، وعندما يسود الخير بذواتكم يسود بأوطانكم.

دعوا الشر يخسأ بعدم الاكتراث به، دعوا الشر يعود على نفسه، فعندما تحاربون الشر بالخير لن يجد الشر منفذا إليكم لأنكم لم تحاربوا الشر بالشر فمنعتم عنه ازدياده، الشر يزداد بالشر ولا يقل ويضمحل إلا بالخير، حينئذ، عندما تقابلون الشر بالخير لن يجد الشر مكانا يذهب إليه سوى العودة إلى مكان صدوره، المكان الذي تم تصدير السوء منه تجاهكم، تصديقا لقول الله تعالى : { وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه }. [سورة فاطر : الآية43].

قَرِّرُوا الخير تطمئنوا ففي الخير تآلف وتعارف، وتجاهلوا الشر ففي الشر تنافر وتناكر، تجاهلوا السوء تُقَزِّمُوه واكترثوا بالخير تُدَعِّمُوه، الخير حقيقة للمحققين والشر سراب للمشككين، فَتَحَقَّقُوا بالخير وغَلِّبُوه بداخلكم على الشر ترون الخير بخارجكم لا محالة، ومن يغلب خيرهم على شرهم يكثر نفعهم فاجعلوا النفع معيارا، كلما نفعت غيرك أكثر أصبحت خَيِّرًا أكثر، الأخيار هم من غلب خيرهم على شرهم فكثر نفعهم، هذه دعوة إلى الخير وتقريره في شتى مناحي الحياة ومجالات العمل، قال تعالى : { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْر }. [آل عمران:الآية 104]، فادعوا إلى الخير ولو بأن تدلوا عليه تصديقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (من دلَّ على خير، فله أجر فاعله). [رواه مسلم]. وفي رواية أخرى : ( إن الدال على الخير كفاعله ). [رواه الترمذي]. فدلوا على الخير تفعلوه.

استمعوا إلى الجميع، فحرية التعبير مكفولة، ولكن لا تكترثوا إلا بالأخيار منهم، فحرية توجهكم للخير وتجاهلكم للشر مكفولة أيضا، واعلموا أن الخير معروف والشر منكر، خير البرية من يسعون إلى نفع الغير وشر البرية من يسعون إلى إلحاق الضرر بهم، هذه موازنة بسيطة ترينا جميعا أن الإرهابيين والمتطرفين هم من ضمن شر البرية فقد تضررت منهم الإنسانية عامة ودول العرب والمسلمين خاصة، قرروا أن تقفوا في صف قضية الخير قدر استطاعتكم وتذكروا هذه المعادلة دائما : ( لا تقابلوا الأشياء السيئة بمرادفاتها لكي لا تزيدوا من ضراوتها فالشر يزداد بالشر ، قابلوا الأشياء السيئة بأضدادها بذلك تدحرونها وتقللونها فالشر ينقص بالخير ). عندها يخسأ الشر معدوم التأثير عليكم تدريجيا، يَقِل الشر ويَضْمَحِل، فقد بدأتم في تحقيق الاكتراث بالخير وعدم الاكتراث بالشر، بذلك لن تتأثروا إلا إيجابيا من كل شيء، أليس من الْقَيِّمِ أن نكون أخيارا ؟، أليس من الْقَيِّمِ أن لا نتأثر إلا إيجابيا من كل شيء ؟. ذاك اتزان في الشدة والرخاء سيان مع لزوم الصبر والشكر لله في كل الأحوال، لم أخاطبكم بهذا المقال إلا لأنني التمست الخير فيكم ولأنني مكترث بالخير فإنني أخاطب فيكم الخير، وأبدأ بنفسي لتقليل سوءها إلى أدنى المستويات وتنمية الخير بها إلى أقصى المستويات، ونفسي أول المُخَاطَبين لأكن نافعا لغيري محققا للخير قدر استطاعتي وهذه مهمتنا جميعا فلنسعى إلى تحقيق الخير قدر استطاعتنا.

إن تحقيق الخير يبدأ بأن ننوي الخير، اللهم إنا نوينا الخير خالصا لوجهك الكريم وابتغاءً لمرضاتك فوفقنا اللهم بيدك الخير إنك على كل شيء قدير، بثوا الأمل اصنعوا الحياة، الأمل نتاج الخير، لا تتركوا مكانا لليأس بينكم فاليأس نتاج الشر، تجاهلوا الشر وقزموه، اكترثوا بالخير ونموه دائما، لا يغرنكم الشر فهو كالزبد يذهب جفاء، وتأملوا وتفكروا وتدبروا في الخير فما ينفع الناس يمكث في الأرض علما، قال تعالى : { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال }. [سورة الرعد:آية17]، لا تقابلوا الشر بالشر قابلوا الشر بالخير فالظلام لا يخشى الظلام، إن أكثر ما تخشاه الظلمات هو ( النور )، لذلك بثقتنا جميعا في النور وبالسراج المنير وبإيقاد مصابيحنا نطمئن أن الظلام منقشع لا محالة.

بعض الإنارة كفيلة بأن ترينا أن الرؤية لم تكن جيدة أو أنها أصبحت في تحسن كثير عن ذي قبل، اتبعوا أسباب النور، إني أخاطب نفسي معكم ونفسي أول المُخَاطَبين، أوقدوا مصابيحكم ينقشع الظلام لا محالة، أنيروا قلوبكم وأبدانكم وأماكنكم بالصلاة على السراج المنير صلوات الله وسلامه عليه قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) }. [سورة الأحزاب]. وقال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }. [سورة الأنبياء:الآية107]. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد رحمة الله للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.

خير البرية من ينفعون الناس وشر البرية من يلحقون الضرر بهم، الإفراط والتفريط إرهاب وتطرف من الشر فانبذوه والاعتدال والاتزان من الخير فادعموه، رجحوا المنافع وادفعوا المضار بالموازنة المستمرة قبل إصدار قرارتكم العامة والخاصة على حد سواء في شتى مناحي حياتكم ومجالات أعمالكم، زِنُوا تَتَّزِنُوا تُتْقِنُوا تُوَفَّقُوا بالله والله ولي التوفيق، اللهم اجعلنا من خير البرية ممن قلت فيهم وقولك الحق : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ }. [سورة البينة:الآية7]. اللهم اجعل بلدنا آمنا مستقرا وسائر بلدان العرب والمسلمين ووفق كل من فيه الخير إلى ما فيه الخير للصالح العام واجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر وانفعنا وانفع بنا ووفقنا جميعا إلى ما فيه محبتك ومرضاتك برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد رحمة الله للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

علي بوخريص

كاتب ليبي

اترك تعليقاً