إحاطة المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن الدولي

عقد مجلس الأمن الدولي، جلسة اليوم الأربعاء، حول آخر تطورات الأوضاع في ليبيا.

وقدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش، أول إحاطة له منذ تولي مهامه، أمام المجلس.

وفيما يلي النص الكامل للإحاطة:

سيدتي الرئيسة، السفيرة ليندا توماس-غرينفيلد (الولايات المتحدة الأمريكية)

أعضاء مجلس الأمن،

أشكركم لإتاحة الفرصة لي لاطلاعكم على آخر المستجدات بشأن الوضع في ليبيا – وهي أول إحاطة لي إلى مجلس الأمن بصفتي الجديدة.

بعد اختيار ملتقى الحوار السياسي الليبي في 5 شباط/ فبراير للسلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة لحكم ليبيا للفترة التي تسبق الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021، منح مجلس النواب في 10اذار/ مارس بأغلبية ساحقة  ثقته لحكومة الوحدة الوطنية التي قدمها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة. حيث اجتمع أكثر من 130 عضوًا في سرت لحضور جلسة مجلس النواب التي كانت بحد ذاتها حدثاً سياسيًا وتاريخيًا بارزاً بعد سنوات من الشلل والانقسامات الداخلية.

تمثل الحكومة الجديدة، المكونة من 35 عضوًا، المناطق والدوائر الليبية المختلفة، ذلك فيما بلغت نسبة تمثيل المرأة 15٪ فقط، وتعهد رئيس الوزراء الدبيبة بتعيين المزيد من النساء في مناصب تنفيذية عليا أخرى وذلك ايفاء بالتزام ضمان مشاركة المرأة بنسبة 30٪ المنصوص عليه في خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي. ذلك فيما ظل منصب وزير الدفاع الهام  شاغرًا يديره رئيس الوزراء الدبيبة نفسه.

واجتمع مجلس النواب مجددا في طبرق في 15 آذار /مارس لإقامة مراسم أداء اليمين الرسمية للحكومة الجديدة  بحضور الرئيس الجديد للمجلس الرئاسي محمد يونس المنفي ونائبيه موسى الكوني وعبد الله حسين اللافي الذين قاموا بأداء اليمين قبل ذلك أمام رئيس المحكمة العليا. وفي اليوم التالي، أكمل  رئيس المجلس الرئاسي المنتهية ولايته لحكومة الوفاق الوطني الرئيس السراج نقل السلطة إلى مجلس الرئاسة الجديد وحكومة الوحدة الوطنية خلال حفل تسليم ودي أقيم في مقر الحكومة في طرابلس.

ودعت الرسائل الرئيسية التي وردت في الكلمات التي القيت خلال مراسم أداء اليمين إلى المصالحة ولم شمل البلاد وحماية حقوق الإنسان وتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب الليبي وتحرير ليبيا من القوات الأجنبية والتدخل الأجنبي.

لقد اتى هذا التعبير عن الإرادة السياسية الناشئة المتطلعة إلى الوحدة بعد سنوات من الفتنة والصراع الداخليين أولاً وقبل كل شيء نتيجة للحوار الليبي والقرارات الليبية النابعة من رغبة الشعب الليبي في إنهاء الانقسامات والمواجهات في الفترة الانتقالية بشكل نهائي واستعادة البلاد ووحدتها وسيادتها. لقد كان دور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مثالا للمساعي الحميدة والتيسير بدعم من عملية برلين وشركاء دوليين أخرين.  وأود أن اشيد بالمساهمة الهائلة التي قدمتها الممثلة الخاصة السابقة للأمين العام بالإنابة السيدة ستيفاني وليامز وفريقها من خلال إطلاق الحوار السياسي الليبي-الليبي عبر ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي تيسره بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

كما أود أن أشكر شركاء ليبيا الدوليين على الاضطلاع بدور داعم، لا سيما الأطراف الفاعلة الإقليمية والبلدان المجاورة، وتحديداً مصر والمغرب، التي يسرت عدد من المسارات المساندة بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب. وفي 17 آذار / مارس وصل الرئيس التونسي معالي السيد قيس سعيّد إلى ليبيا في أول زيارة يقوم بها رئيس دولة أجنبية في السنوات الأخيرة.

سيدتي الرئيسة،

إن هذه التطورات تمثل توجهاً وزخماً ينبغي الا يضيع سدى. وفي سبيل المضي قدما نحتاج جميعًا إلى مساعدة وتشجيع السلطة التنفيذية الجديدة ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتحقيق الأهداف التي حددها ملتقى الحوار السياسي الليبي والحفاظ على الزخم على جميع المسارات الليبية -الليبية، والتي ينبغي ان يتواصل عملها بطريقة تعزز بعضها البعض. وتقع على عاتق القادة الليبيين مسؤولية إظهار رغبتهم في احترام التعهدات والالتزامات التي تم إقرارها في خارطة الطريق الخاصة بملتقى الحوار السياسي الليبي والتي تتفق مع إرادة الشعب الليبي. وتحتاج القيادة الليبية إلى  دعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمجتمع الدولي على نحو مستمر وموحد في الوقت الملائم.

تتفق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مع السلطة التنفيذية المؤقتة في الأولويات الرئيسية التي حددها رئيس الوزراء الدبيبة، وتقف البعثة على الاستعداد لدعم السلطة التنفيذية المؤقتة.  وتشمل هذه الأولويات إعادة توحيد البلاد ومؤسساتها السيادية ودفع عجلة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وإصلاح القطاع الأمني ونزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج وتقديم الخدمات الأساسية لليبيين على أساس نظام لامركزي والتصدي لجائحة كوفيد-19 وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة القائمة على حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والنهوض بتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا وإجراء الانتخابات الوطنية في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.

سيدتي الرئيسة،

هناك دعم واسع وقوي في البلاد بما في ذلك الدعم المتنام من الشباب لإجراء انتخابات شاملة في 24 كانون الأول / ديسمبر والتي ينبغي أن تظل محور اهتمام السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة ومؤسسات الدولة. وفي سبيل اجراء الانتخابات فإنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك إطار قانوني دستوري واضح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وتحقيقا لهذه الغاية، توصلت اللجنة الدستورية التي أنشأها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى اتفاق في 12 شباط / فبراير على أساس دستوري مقترح للانتخابات.

ويسلط هذا الاتفاق الضوء على اجراء استفتاء على المقترح الدستوري الذي تم تبنيه في عام 2017. وإن لم يتسنى  إجراء استفتاء على مسودة الدستور الدائم بناءً على قرار من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومصادقة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية على أساس تعديل الإعلان الدستوري المنبثق عما يسمى بتقرير لجنة فبراير 2014، وينص ذلك على انتخاب مجلس النواب بالاقتراع العام الحر السري والمباشر وفقًا لقانون انتخابي صادر عن مجلس النواب بالاتفاق مع المجلس الأعلى للدولة، وينتخب رئيس الدولة بالاقتراع العام الحر السري المباشر وبالأغلبية المطلقة للأصوات المدلى بها في نفس تاريخ انتخاب مجلس النواب وفقًا لقانون يصدر عن مجلس النواب بالاتفاق مع المجلس الأعلى للدولة.

لقد صادق المجلس الأعلى للدولة على الاتفاق، غير انه لم يتم البت فيه من قبل مجلس النواب بعد – وهي مهمة تمس الحاجة إليها. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري البدء في العمل – دون مزيد من التأخير بشأن قوانين الانتخابات. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى ما ذكره رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بشأن ضرورة اعتماد التشريعات اللازمة للانتخابات في موعد أقصاه 31 تموز/ يوليو، حتى يتسنى إجراء الانتخابات في كانون الأول / ديسمبر.

بالتوازي وتماشيا مع ولاية ملتقى الحوار السياسي الليبي، بدأت اللجنة القانونية للملتقى مداولاتها وقامت بصياغة مقترحات من شأنها أن توفر إطارًا احتياطيًا، وفي حال الانقسامات المستمرة داخل مجلس النواب دون توصله الى قرار في وقت مناسب يمكن من إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.

إن استمرار عمل مجلس النواب مستنداً على الزخم الحالي والمؤشرات الإيجابية سيكون ذا أهمية قصوى لإكمال المهام الحيوية التالية بما في ذلك اعتماد الميزانية وقانون الانتخابات والتشريعات الأخرى ذات الصلة اللازمة لإنهاء هذه المرحلة المؤقتة.

إن لحكومة الوحدة الوطنية دو مميز في بناء بيئة سياسية وأمنية مواتية لإجراء الانتخابات وفي تسهيل عمل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من خلال مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات الصلة، ومن المهم أن تضمن الحكومة صرف الميزانية الكافية للمفوضية في الوقت المناسب.

تبذل السلطات الانتخابية الليبية جهودًا جديرة بالثناء لإجراء انتخابات المجالس البلدية على الرغم من الظروف التي المحيطة بتفشي جائحة كوفيد-19 والبيئة الأمنية غير المستقرة. وعقب الانتخابات البلدية التي أجريت خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير، تولت ستة مجالس بلدية جديدة مهامها في غرب ليبيا، بما في ذلك في طرابلس، وسيتم اجراء الانتخابات المتبقية بعد شهر رمضان. وستواصل الأمم المتحدة في ليبيا عملها لتعزيز قدرة المجالس البلدية المنتخبة ديمقراطياً على تقديم الخدمات وبناء التماسك الاجتماعي وتحسين حياة الفئات الضعيفة من السكان.

سيدتي الرئيسة،

كان انعقاد جلسة مجلس النواب في سرت، بعد التطمينات التي قدمتها اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 بمثابة الحافز لإعادة تموضع المقاتلين والمرتزقة الأجانب في سرت وما حولها، مما أتاح إعادة فتح مطار القرضابية لوصول أعضاء مجلس النواب. غير أنه لا يزال هؤلاء المقاتلون في البلاد، وفي الواقع، بالقرب من المدينة. إن انسحابهم من ليبيا سيقطع شوطا طويلا في إعادة بناء وحدة وسيادة البلاد وتضميد الجراح العميقة التي سببتها سنوات عديدة من الصراع الداخلي والصراع النشط. يطالب الليبيون بجميع فئاتهم واطيافهم السياسية بشدة بمغادرة جميع المرتزقة والقوات الأجنبية – وهي دعوات تدعمها السلطات الليبية.

لا تزال إعادة فتح الطريق الساحلي خطوة حاسمة لتحقيق مطّرد ومستدام في حالة التنفيذ التدريجي لاتفاق وقف إطلاق النار. لقد تم إحراز تقدم كبير في إخلاء الطريق الساحلي الذي يربط مصراتة بشرق ليبيا من المتفجرات ومخلفات الحرب بالتنسيق والدعم الفنيين مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ودائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام. وخلال اجتماعهم الأخير في سرت في 15 آذار/ مارس، وافقت اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 على فتح الطريق في غضون أسبوعين.

سيدتي الرئيسة،

نشرت الأمانة العامة للأمم المتحد في 3اذار/ مارس، فريقًا متقدمًا إلى ليبيا لتقييم الدعم المحتمل للأمم المتحدة لآلية مراقبة وقف إطلاق النار التي يقودها الليبيون. وقد تم إطلاع هذا المجلس على النتائج الأولية في التقرير المرحلي الصادر في 22 آذار / مارس. وفي حين أنه لم يتم الانتهاء من عمل الفريق المتقدم بعد، فقد برزت عدد من المتطلبات الأساسية. وتشمل هذه القيادة والملكية الوطنية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020، واستمرار الزخم في المسار الأمني الذي يعمل في انسجام معزز بشكل متبادل مع المسارات السياسية والاقتصادية والإنسانية، وتوفير موارد مالية وبشرية إضافية في الوقت المناسب، باعتبارها ضرورية لضمان الدعم الأمني واللوجستي والتشغيلي لمراقبي وقف إطلاق النار التابعين للأمم المتحدة، وهذا أمر أساسي لنشرهم.

من الضروري أن يأخذ تنفيذ وقف إطلاق النار في الاعتبار التأثير على المدنيين، واستعادة الخدمات الأساسية وحرية الوصول إلى الأسواق وحرية التنقل الآمن. ليس لذلك فقط، بل يجب أن يكون فريق المراقبين متوازنًا وأن يضم النساء والشاب.

وبينما يستمر سريان اتفاق وقف إطلاق النار، هناك تقارير عن استمرار التحصينات وإنشاء مواقع دفاعية على طول محور سرت الجفرة في وسط ليبيا، فضلاً عن استمرار وجود المعدات والعناصر الأجنبية. وتواصل عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام نشاطها في البلاد. ومن المهم مواصلة دعم السلطات لمواجهة هذا التهديد المستمر، والعمل ضد الإرهاب الدولي ومحاربة شبكات الجريمة المنظمة التي ابتليت بها البلاد. وفي غضون ولاية حكومة الوحدة الوطنية التي تستمر لتسعة اشهر، فانه من المشجع أن نرى عزمها على الشروع في توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية الليبية ونزع سلاح الجماعات المسلحة والميليشيات المختلفة وتسريحها وإعادة دمجها وإصلاح قطاع الأمن الذي يعد أمرًا بالغ الأهمية لاستقرار ليبيا واستقرار منطقة الساحل.

سيدتي الرئيسة،

منذ عام 2014، كانت ليبيا تفتقر إلى وجود ميزانية أو كان لها ميزانيتان متوازيتان. وفي 17 اذار/مارس أعلنت اللجنة المالية في مجلس النواب أنها تسلمت مشروع ميزانية حكومة الوحدة الوطنية البالغ 96 مليار دينار ليبي، والذي يأتي في وقت اتخذت فيه الدولة خطوتها الأولى للتخفيض الحاد لقيمة الدينار. وتشمل الميزانية زيادة رواتب موظفي الدولة بنسبة 20٪، والتي سبق أن وافق عليها المجلس الرئاسي وتشمل أيضًا 1.4 مليار دينار للاستجابة لجائحة كوفيد-19، و100 مليون دينار ليبي للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وهذا مثال إيجابي على استعادة العمليات العادية للحكومة ومؤسسات الدولة المعاد توحيدها في الاضطلاع بدورها الدستوري، بما في ذلك الدور التشريعي والرقابي للبرلمان الموحد.

وأرحب بإعلان شركة النفط الوطنية الذي أفاد بأن عائدات النفط التي تم حفظها في حساب خارجي، يتم تحويلها الآن إلى المصرف المركزي.

وتواجه البلاد أزمة كهربائية حادة هذا الصيف. كما أن هناك مخاطر تهدد أمن المياه في البلاد أيضا. وتقدر منظمات الأمم المتحدة أن أكثر من 4 ملايين شخص، من بينهم 1.5 مليون طفل، قد يواجهون الحرمان من الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي إذا لم يتم العثور على حلول فورية وتنفيذها.

كما أن قطاع النفط، بوصفه المصدر الرئيسي للإيرادات والمصدر الأكبر للوظائف، يتطلب استمرار الدعم والاستثمار. ويبلغ حجم ديون ليبيا أكثر من 160 مليار دينار ولديها مليارات أخرى من الالتزامات التعاقدية غير المسددة.

وكان من المشجع أن أسمع من رئيس الوزراء الدبيبة أن السلطات الليبية ستعمل على نحو من شأنه أن يضع معايير عالية للحكم الرشيد والكفاءة والمسؤولية والشفافية والمساءلة فيما تتم مكافحة الفساد وسوء الإدارة.

سيدتي الرئيسة،

وفي حين أسفر وقف إطلاق النار عن انخفاض هائل في عدد الضحايا المدنيين، تواصل البعثة توثيق عمليات القتل والاختفاء القسري والعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاعتقال والاحتجاز التعسفيين والهجمات ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان وجرائم الكراهية. إن حرية التعبير تتعرض للتقويض. ولا تزال مختلف الجماعات المسلحة تعمل دون عائق ولا تزال انتهاكات حقوق الإنسان تمر دون عقاب تقريباً. ومن الضروري أيضا أن يتمكن النازحون داخليا من العودة إلى ديارهم وأن يلمس النازحون خارج ليبيا أن الأوضاع باتت آمنة لعودتهم الى وطنهم.

وفي أعقاب الاكتشاف المقلق للغاية لمقابر جماعية جديدة في ترهونة في وقت سابق من هذا العام، بلغ عدد المقابر الجماعية المكتشفة 101 مقبرة، ولا يزال الوضع الأمني غير مستقر وتزداد حدة التوترات وتزداد تفاقما بسبب الافتقار إلى العدالة والمساءلة. ومن الأهمية بمكان، فرض الاتحاد الأوروبي في 22 مارس/ آذار 2021 عقوبات على أعضاء بارزين في ميليشيا الكانيات.

كما أنه من المشجع، إعلان رئيس الوزراء الدبيبة يوم الجمعة الماضي عن توجهه لإطلاق تحقيق بشأن اكتشاف عدد من الجثث في بنغازي.

ولا يزال الاحتجاز التعسفي يشكل مصدر قلق بالغ. وهناك أكثر من 8,850 شخصاً تم احتجازهم تعسفياً في 28 سجناً رسمياً في ليبيا لدى الشرطة القضائية، حيث يقدر أن حوالي 60 إلى 70 في المائة منهم رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك نحو 10,000 شخص في مراكز احتجاز خاضعة لسلطة الميليشيات والجماعات المسلحة. وتشير التقديرات إلى أن من بين المحتجزين هناك نحو 480 امرأة، منهم 184 من غير الليبيين، بالإضافة إلى 63 حدثاً وطفلاً. ولا تزال البعثة تتلقى تقارير موثوقة عن الاحتجاز التعسفي وغير القانوني والتعذيب والاختفاء القسري والقتل خارج القانون والحرمان من زيارات الأسر والمحامين والحرمان من إمكانية اللجوء إلى القضاء.

سيدتي الرئيسة،

ويتعين عدم التغاضي عن الاحتياجات الإنسانية المستمرة في ليبيا، ويجب تعزيز الحيز المدني. وقد عاد ما يقدر بـ 38,000 شخص من النازحين إلى ديارهم منذ نهاية كانون الثاني/ يناير، إلا أن عمليات العودة لا تزال محدودة بسبب نقص الخدمات الأساسية ووجود أخطار المتفجرات، لا سيما في الأجزاء الجنوبية من طرابلس. وما زال تأثير جائحة كوفيد-19 يجعل الحياة شاقة للغاية بالنسبة للكثير ممن هم أكثر ضعفاً في البلاد. وحتى 21 آذار / مارس تم الابلاغ عن وجود نحو 150,300 حالة مؤكدة من بينها 2,487 حالة وفاة. وكملاحظة إيجابية، فقد وُضعت الصيغة النهائية لخطة التوزيع الوطنية للقاح في إطار مبادرة الاستجابة لجائحة كوفيد-19 بدعم من اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية.

في الوقت الراهن لم يتم تمويل سوى 5 في المائة (10 ملايين دولار) من إجمالي خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2021 (189 مليون دولار). وأشجع الدول الأعضاء على المساهمة بالتمويل لمساعدة نحو 450,000 شخص من الضعفاء المحتاجين.

وفي حين أن أعدادهم لا تزال منخفضة مقارنة بمجموع المهاجرين في ليبيا، فإن عدد المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط قد زاد خلال الشهرين الأولين من عام 2021 ولا يزال ثابتاً مما يعرضهم لمخاطر الحماية والموت. ففي الفترة من 20 إلى 28 فبراير، غرق ما يقدر بنحو 56 شخصًا أثناء محاولات العبور. لقد تزايد أعداد المهاجرين واللاجئين، حيث لا يزال حالياً 3,858 شخصًا محتجزون في مراكز الاحتجاز الرسمية التي تديرها إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية في ظل ظروف سيئة للغاية ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة علاوة على تقييد الوصول للمساعدات الإنسانية. ويساور البعثة القلق إزاء الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها المهاجرين وطالبي اللجوء من جانب أفراد إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والجماعات المسلحة الضالعة في الاتجار بالبشر.

سيدتي الرئيسة،

منذ أن توليت مسؤولياتي في أوائل شباط/فبراير، انطلقت سلسلة من الإنجازات التي حققها الليبيون بما يؤكد أنه يمكن التغلب على الانقسامات، التي كانت عصيّة فيما مضى، وذلك بإرادة سياسية حازمة واستجابة لمطالب وتطلعات الشعب الليبي.

وفيما ننظر في أفضل السبل لدعم السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة للنهوض بأولوياتها، يجب أن نأخذ في الاعتبار المخاطر المقبلة على الطريق، وخصوصاً، أولئك الذين يهدفون لتأخير أو عرقلة المسار نحو انتخابات كانون الأول /ديسمبر.

وفي الختام، يسرني أن أشير إلى عودة البعثة إلى البلاد خلال الشهرين الماضيين، ومنذ تولي القيادة الجديدة للبعثة مهامها، بوجود منسق البعثة السيد ريزيدون زينينقا، والمنسقة المقيمة، منسقة الشؤون الإنسانية السيدة جورجيت غانون على الأرض، فقد عادت البعثة إلى البلاد وتضاعف وجود الأمم المتحدة في ليبيا. وحتى 16 آذار/ مارس، بلغ عدد موظفي الأمم المتحدة الدوليين 112 موظفا، في كل من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومختلف الوكالات والبرامج التابعة للمنظمة في طرابلس وبنغازي. وسيكون وجود الأمم المتحدة على الأرض مهماً في دعم أولويات حكومة الوحدة الوطنية. ولكي يتحقق ذلك، ولتتمكن البعثة من تنفيذ حتى الأهداف والمهام المنوطة بها حاليًا سوف تحتاج البعثة إلى موارد وامكانات كافية على التعيين لشغل العديد من الوظائف الشاغرة، بما في ذلك الوظائف الأمنية.

شكراً لكم.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً