إلى السيد اللواء أسامة جويلي

إلى السيد اللواء أسامة جويلي

د. أحمد معيوف

باحث أكاديمي ليبي

لقد استمعت باستغراب إلى تصريحات السيد اللواء أسامة جويلي عبر قناة ليبيا الأحرار في حوار ليلة الأربعاء بتاريخ  27 يوليو، وكانت ردوده عن استفسارات الإعلامي خالد مرعبة، ليس لأنه يتحدث عن إمكانية الحرب فقط، لكن لأنه يدرك أن تفسير شرعية الحكومتين المتصارعتين متضارب بين تفسيرات من يدعم حكومة باشاغا ومن يدعم حكومة الدبيبة، ويدرك تماما أن جل من يدعم بقاء حكومة الدبيبة يبني دعمه عن حقيقة الظن بأن تعيين حكومة باشاغا ميع فكرة الانتخابات وعطل سبل الوصول إليها، ورغم هذا الإدراك مازال يرى أن استخدام القوة مطلب مبدئي لا يتنازل عنه طالما تعنت الدبيبة في التسليم لباشاغا.

والسيد جويلي نفسه يتحدث عن البرلمان وحجم أخطائه، لكنه يرى ضرورة احترامه باعتباره الجسم التشريعي الوحيد في ليبيا، وهذا أمر أيضا لا يتفق عليه الجميع، بل عكس ذلك فالجميع…. باستثناء بعض أعضاء البرلمان فقط… لا يعترفون بشرعية البرلمان، وينظرون إلى وجوده كسلطة أمر واقع لا يتوجب احترامه إلا في ما يمكن أن يسهم به في حل الأزمة، والعديد ينظر إلى خطوة البرلمان في تكليف حكومة موازية هو خطاء كبير لم يصدر عن حسن نية من البرلمان، وبالتالي لا يجب احترامه.

الخلاصة، هناك اختلاف كبير في شرعية استمرار حكومة الدبيبة رغم التحفظات الكثيرة عليها، وشرعية الحكومة المكلفة بسبب الشكوك التي تواجه نية البرلمان. لكن السؤال: طالما هناك تفسيرين لشرعية الحكومتين من عدمه، فما هي المرجعية التي يجب الاحتكام إليها في تقدير أي الحكومتين أولى بالدعم والتمكين؟.

حكومة الدبيبة جاءت بحكم اتفاق جنيف، وهذا الاتفاق أنتج مجلس رئاسي ورئيس حكومة ولكن لم ينتج حكومة، فالحكومة إنتاج تفاهمات بين القوى السياسية بما فيها البرلمان ورئيس الحكومة المنبثقة عن اتفاق جنيف. لذلك فمن نافل القول أن نستنتج أن تفسير فشل الانتخابات هو نهاية لحكومة الوحدة، وإذا وافقنا على هذه النتيجة فمعنى هذا هو نهاية حكومة الدبيبة وليس نهاية لرئيس الحكومة، إلا إذا اعتبرنا أن فشل الانتخابات هو نهاية لكل الأجسام التي انبثقت عن خارطة جنيف بما فيها المجلس الرئاسي، بل أكثر من ذلك سقوط لكل الخارطة، وهذا الأمر لم يتحدث عنه أحد، بمعنى مازالت خارطة جنيف سارية، وبالتالي فالأجسام المنبثقة عنها يسري عليها ما يسري على الخارطة نفسها.

وإذا كان الأمر كذلك فسوف نصطدم بالسؤال التالي: من له الحق في تفسير خارطة جنيف؟ وهذا يُحيلنا إلى ما أشرت إليه أعلاه: ما هي المرجعية التي يجب الاحتكام إليها في تقدير أي الحكومتين أولى بالدعم والتمكين؟.

والجواب المنطقي لهذه التساؤلات هو من وضع خارطة جنيف هو الوحيد المخول بتفسير هذه الخارطة، وفي عبارات أخرى فالبعثة الأممية والأمين العام للأمم المتحدة هي الجهات المخولة بتفسير هذه الخارطة، أي لا يجب أن نترك تفسيرها لمن مع أو من ضد.

مازال المجتمع الدولي والبعثة الأممية ترى في حكومة الوحدة حكومة شرعية، وحتى هذه اللحظة لم تعلن صراحة اعترافها بحكومة باشاغا، لذلك أرى أن السيد جويلي بوقوفه إلى فهمه لخارطة الطريق التي انتجها مؤتمر جنيف يجانب الصواب ويبتعد عن مشروعية التفسير بانحيازه إلى خيار استعمال القوة في تمكين حكومة يشك الكثير من الليبيين في شرعيتها، ولا يعني هذا الانحياز إلى حكومة الدبيبة، وإنما إلى التغاضي عن وجود مرجعيات لها حق تفسير الأمور حتى لا يصبح تفسيرها مجال الأهواء والاعتقادات الأحادية الجانب.

أرجو من السيد اللواء جويلي ومن يوافقه اعتقاده إعادة التفكير في الأمر لوجود من يختلف معه ويقف على نقيض تفسيره، وإعادة التفكير في ما يعتقد بناء على المرجعية المخولة في تفسير الخارطة في الاجتماع القادم الذي أشار إليه، وهذا الأمر سيكفيه إصراره عن ما يعتقد ويجنب العاصمة الكثير من الدماء.

وأريد أن أذكر السيد جويلي أن حرب العاصمة التي خاضها حفتر قد خاضها بحجة أن الحكومة مختطفة من الميليشيات وأنها تفتقد الشرعية، لكن تلك الميليشيات التي حاربها حفتر كان السيد جويلي على رأسها، لذلك لا أتمنى له أن يقع في ما وقع فيه حفتر، ويسبب بذلك مآسي تسيء إلى ماضيه المشرف ودوره الكبير في ثورة فبراير.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. أحمد معيوف

باحث أكاديمي ليبي

اترك تعليقاً