إلى شباب مزده..كفى تقاتل

إلى شباب مزده..كفى تقاتل

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

إلى شباب مزده..كفى تقاتل..كونوا مبادرين بالإصلاح!!

مزده بلدة تحوطها الجبال الشهباء من كل الجهات في صحراء قاحلة لا خضرة ولا نماء! لكن طبيعة سكانها البدوية جعلتهم يرتضون العيش فيها رغم ذلك! ولموقعها المتوسط في صحراء ليبيا الغربية صارت مزده مركزا لقبائل القبلة. لذلك أصبحت مزده حاضرة تلك القبائل ومركز خدماتهم وواحة التقائهم برغم النعرات القبلية التي تسيطر على سكان تلك المناطق! بلدة مزده كانت الى الأمس القريب هادئة وديعة آمنة, انصهر فيها جميع القبائل إخوة متحابين, فنشأت علاقات محبة وصداقة ومصاهرة بين كل الأطياف وكاد الزمن ان يقضي في مزده على الانتماءات القبلية فتصبح مزده قبيلة الجميع! لكن ذلك للأسف لم يصمد أمام مثيري الفتنة والأشرار الذين استغلوا  أحداث الثورة, فسخَروا جهودهم الشيطانية لإذكاء روح العنصرية القبلية المقيتة  مما أدى إلى تقاتل الجيران والأصحاب والأصهار ففقدنا العشرات من القتلى من أبنائنا من القنطرار والمشاشية وكانت خسارتنا كبيرة عندما سقط العديد من الأبرياء ضحايا لذلك التقاتل الجاهلي المقيت!

لنسأل أنفسنا من حوَل حياة الناس في مدينة مزده إلى هذا الرعب والدمار والقتل؟! تصدمنا الإجابة إننا جميعا سكان المدينة مسئولون أمام الله على ذلك؟! وهنا يتساوى العقلاء والحكماء مع المتهورين ودعاة الفتنة والأشرار!,  أليس انسحاب العقلاء والحكماء وهروبهم من الواقع هو الذي ترك الفرصة مواتية للمتهورين والمتطرفين والأشرار؟!, ليعيثوا في مزده فسادا وإفسادا  ويقلبوا أمنها واستقرارها رعبا وخوفا وقتلا ودمارا؟! فهل هذا يرضيكم أيها العقلاء والحكماء؟!

هذه دعوة للخير لصحوة الضمير, لكم يا شباب مزده, أن عودوا إلى الله ليمنحكم رشدكم فيتعمق الإيمان في قلوبكم وتخشون الله في أنفسكم وفي ما يعمل بعضكم من شرور وقتل وتدمير وتخريب لمدينتكم. تعالوا جميعا إلى صوت العقل والضمير أقدموا على التضحية من اجل أن تحقنوا دمائكم ودماء أهلكم, اعلموا ان المستقبل لكم فلا تستمعوا إلى صوت الأشرار الذي يزج بكم في معارك انتم ضحاياها! انتبهوا الى من يجرَكم إلى الفتنة والتقاتل فيهرب ويترككم في واقعكم الذي فرض عليكم!  فكروا في مستقبلكم وتشجَعوا على قول الحق وتعالوا إلى رأب الصدع والإصلاح بينكم فانتم الأصحاب والأصدقاء والأصهار , تمسكوا بالحق والشريعة السمحاء, أو نسيتم إنكم جميعا مسلمون!

كفى موتا كفى تخريبا كفى دمارا.. كفانا فتنة! أيها الشباب كونوا عباد الله إخوانا وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر واقطعوا طريق الفتنة, اقبلوا الى بعضكم مسلمين.. تحاوروا وتصالحوا..  ضمَدوا الجراح وتعاونوا على إعادة اعمار بلدتكم ارحموا ضعف أطفالكم وشيوخكم ونسائكم.. وتذكروا أنكم أهل وأصحاب وأقرباء , تحرروا من عقد الحقد والانتقام والجاهلية الأولى!..فكروا في مستقبلكم ومستقبل أبنائكم من بعدكم.. اعلموا إن الحكمة تقتضي التفكير في الأحياء قبل الأموات بان تجعلوا حدا لمسلسل الموت الدامي وأن يقف عند هذا الحد ولا يزيد.. اعلموا يا أهلي وأحبتي وأصحابي من شباب القنطرار و المشاشية وكل أطياف مزده انه لا رابح في تقاتل المسلمين وان خسارتنا كبيرة دنيا وآخرة فهل من يستجيب؟!

يا شباب مزده الاوفياء بادروا بالخير واسعوا في تهدئة النفوس وساعدوا أعيان ووجهاء مزده من القنطرار والمشاشية وأولاد ابوسيف والزنتان وغيرهم على تفعيل ميثاق الشرف والتصالح, ميثاق حرمة دماء المسلمين في بلدتكم مزدة الذي تم الاتفاق عليه سابقا تحت مبدأ لا تزر وازرة وزر أخرى وأن يتحمل كل من يخالف ذلك المسئولية فردا لا جماعة وان يتبرأ الجميع من المجرمين ويتعاونون على تحقيق العدالة بقوة القانون والشريعة. نعم لتكن مبادرتكم ايها الشباب ولتفتحوا الطريق أمام حوار هادف يقودنا جميعا الى وفاق اجتماعي حقيقي يعيد إلى مزده أمنها واستقرارها ..بادروا وتقدموا الصفوف الى بناء واعمار بلدتكم ..ساهموا من بعد في بناء بلدكم ليبيا الذي يحتاج الى كل قطرة دم وعرق منكم.. صدقوني عندما تشتد الخطوب لن تجدوا الا بعضكم القنطراري مع المشاي مع البوسيفي مع الزنتاني, كلكم جنود ليبيا وحماتها..”وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”…

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً