البكوش رداً على كلمة رئيس مجلس النواب: سابقة خطيرة تمسّ جوهر النظام الدستوري

قال المستشار محمد البكوش إن الرأي العام الليبي تابع ما ورد في الكلمة الافتتاحية لرئيس مجلس النواب، التي طالب فيها صراحةً بإيقاف المستشار عبد الله أبو رزيزة، رئيس المحكمة العليا، وإحالته إلى التحقيق، واصفاً إياه بأنه “خصم لمجلس النواب”، وذلك قبل أن يتم قطع البث عن الجلسة، في سابقة خطيرة تمسّ جوهر النظام الدستوري ومبدأ سيادة القانون.

وأضاف البكوش في تصريح لـ”عين ليبيا”، أنه إزاء خطورة هذا التصريح، فإن إيضاح الإطار القانوني والدستوري يصبح واجباً، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية.

أولاً: بطلان وصف رئيس المحكمة العليا بـ“الخصم”

أوضح البكوش أن الإعلان الدستوري الليبي ينص على أن السلطة القضائية سلطة مستقلة، والقضاة لا يخضعون إلا للقانون وضمائرهم، والمحكمة العليا هي الجهة المختصة بالفصل في النزاعات الدستورية والقانونية، وليست طرفاً فيها.

وعليه، فإن وصف رئيس المحكمة العليا بأنه “خصم” لسلطة تشريعية يخالف الطبيعة القانونية لوظيفة القضاء، ويُخرج القضاء من موقع الحكم إلى موقع الطرف، وهو توصيف منعدم قانوناً، ويُشكّل مساساً خطيراً بمبدأ الحياد القضائي، فالخصومة تكون بين أطراف دعوى، لا بين سلطة قضائية وسلطة تشريعية.

ثانياً: انعدام أي اختصاص لمجلس النواب في الإيقاف أو التحقيق

بحسب البكوش، لا يملك رئيس مجلس النواب ولا مجلس النواب مجتمعاً أي سلطة قانونية لإيقاف رئيس المحكمة العليا، أو المطالبة بإحالته للتحقيق، أو توجيه اتهام علني له، وأي مطالبة من هذا النوع تُعد اغتصاباً للاختصاص، وتدخلاً مباشراً في أعمال السلطة القضائية، ومخالفة صريحة لمبدأ الفصل بين السلطات. ثالثاً: الجهة المختصة حصراً وفق القانون رقم (6) لسنة1982

وأشار البكوش إلى أن القانون رقم (6) لسنة 1982 بشأن إعادة تنظيم المحكمة العليا وتعديلاته ينص على وضع خاص ومحصَّن للمحكمة العليا، حيث قرر أن:

  • رئيس وأعضاء المحكمة العليا لا يخضعون للتأديب أو التحقيق من أي جهة خارجية.
  • ولا حتى من المجلس الأعلى للقضاء.
  • وأن الاختصاص الأصيل والحصري في أي شأن يتعلق بالمساءلة أو الإجراءات الداخلية ينعقد فقط لـ الجمعية العمومية للمحكمة العليا.

وبالتالي، فإن أي طلب أو تصريح صادر عن جهة أخرى يفتقد السند القانوني، ويُعد باطلاً ومنعدماً الأثر. رابعاً: خطورة ذكر الاسم صراحةً في خطاب علني

وتابع البكوش أن ذكر اسم رئيس المحكمة العليا صراحةً في جلسة رسمية يُشكّل ضغطاً علنياً مباشراً على القضاء، ويُعد إخلالاً بواجب التحفّظ المفروض دستورياً على السلطات السياسية تجاه القضاء، ويفتح باباً خطيراً لتسييس العدالة وتقويض الثقة العامة في مؤسسات الدولة.

واختتم البكوش تصريحه بالقول، إن ما ورد في الكلمة الافتتاحية لرئيس مجلس النواب يخالف الإعلان الدستوري، وينتهك مبدأ الفصل بين السلطات، ويتعارض مع القانون رقم (6) لسنة 1982،ويمثل تدخلاً سافراً وغير مشروع في شؤون أعلى سلطة قضائية في الدولة.

وشدد البكوش على أن صون استقلال المحكمة العليا ليس دفاعاً عن أشخاص، بل دفاع عن الدولة ذاتها، وعن آخر ما تبقّى من الضمانات الدستورية في ليبيا.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً