التدخل الغربي في سوريا بانتظار لحظة الصفر

القوات الغربية على أهبة الاستعداد لردع الأسد بعد مجزرة ريف دمشق
القوات الغربية على أهبة الاستعداد لردع الأسد بعد مجزرة ريف دمشق

 

قالت مصادر مطّلعة في واشنطن إن الإدارة الأميركية تدارست جملة من الخيارات التي تهم تنفيذ تدخل عسكري في سوريا ردا على قصف ريف دمشق بالأسلحة الكيماوية، وإنه تم التخلي عن فكرة الهجمات الخاطفة ضد مواقع عسكرية محددة، وهي الفكرة التي يتبناها الرئيس بارك أوباما.

وأضافت المصادر أنه تم بمقابل ذلك إقرار تنفيذ حملة مركزة وفق استراتيجية متكاملة قدمها وزير الدفاع تشاك هاغل، وقائد الأركان مارتن دمبسي، وأن هذه الخطة وجدت دعما إسرائيليا، كما لم تعارضها روسيا التي نجحت السعودية عن طريق رئيس استخباراتها بندر بن سلطان، الذي زار موسكو منذ شهر، إقناعها بالحياد مقابل توافق إقليمي ودولي حول مواجهة المجموعات الأصولية بسوريا.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية عقدت اجتماعات مفتوحة منذ الخميس الماضي مع قيادات عسكرية وخبراء استراتيجيين في مراكز الدراسات لدراسة التحرك الأميركي تجاه سوريا بعد الهجوم الكيماوي على الغوطة.

وقال خبراء عسكريون إن الولايات المتحدة حسمت أمرها باتجاه قيادة تدخل عسكري ضد نظام الأسد والمجموعات الأصولية المرتبطة بالقاعدة في آن واحد، لافتين إلى أنها نسقت مع شركائها الأوروبيين وخاصة لندن وباريس المتحمستين للتدخل ضد دمشق.

وقد تبدى وضوح الموقف الأميركي من خلال وزير الخارجية جون كيري الذي أكد الاثنين على ضرورة محاسبة نظام الأسد، وكذلك من تصريحات وزير الدفاع تشاك هاغل الذي جدد أمس استعداد بلاده لشن هجوم على سوريا إذا أعطيت الأوامر بهذا من الرئيس باراك أوباما.

بريطانيا تحرك مقاتلاتها

من جانبها، حولت بريطانيا تصريحات مسؤوليها إلى أفعال، فقد ذكر تقرير أن طائرات وناقلات عسكرية بريطانية بدأت في الوصول إلى قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص، في ما اعتبرته مؤشراً على تزايد الاستعدادات لتوجيه ضربة عسكرية ضد الأسد.

ونقل التقرير عن طيارين اثنين يقومان برحلات تجارية منتظمة من لارنكا أنهما “شاهدا طائرات نقل عسكرية من طراز (سي ـ 130) من قمرة القيادة في طائرتيهما، وتشكيلات صغيرة من طائرات مقاتلة على شاشات الرادار يعتقدان أنها آتية من أوروبا”.

وقال التقرير إن سكاناً يقيمون بالقرب من القاعدة الجوية البريطانية في قبرص، التي تتمتع بالسيادة منذ عام 1960، أكدوا بأن الحركة في قاعدة أكروتيري أصبحت أعلى بكثير من المعتاد في اليومين الماضيين.

وذكرت صحيفة “الغارديان” أمس أن وصول الطائرات الحربية إلى قبرص يشير إلى أن الاستعداد المتقدم تم بموجب أوامر من الحكومة البريطانية، مع تصعيد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما وزعماء أوروبا خطابهم ضد الأسد.

وفي سياق متصل، ذكرت مصادر حضرت الاثنين اجتماعا بين مبعوثين غربيين والائتلاف الوطني السوري المعارض في أسطنبول أن القوى الغربية أبلغت المعارضة السورية بتوقع توجيه ضربة لقوات الأسد في غضون أيام.

وقال مصدر حضر الاجتماع لرويترز “تم إبلاغ المعارضة بعبارات واضحة أن التحرك لمنع نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى قد يحدث في غضون الأيام القليلة المقبلة”.

موقف سعودي مؤثر

وصعدت المملكة العربية السعودية جهودها لحث الولايات المتحدة الأميركية على اتخاذ إجراءات عسكرية فعّالة للرد على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في غوطة دمشق. ودعت الرياض أوباما إلى احترام وعده بالتحرك بعد أن تخطى الأسد الخط الأحمر.

ويأتي الموقف السعودي في ظل مساع من المملكة لتطبيق ما تعتبره الحلّ الأمثل للأزمة في سوريا وأيضا لردع الطموح الإيراني في المنطقة، وذلك من خلال إسقاط نظام الأسد.

ويتولّى هذه المهمّة الاستراتيجية رئيس الاستخبارات السعودية، الأمير بندر بن سلطان. وأشار تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إلى أن الأمير بندر، الذي وصفته بأنه “لاعب سعودي مخضرم محترف يعمل على إسقاط الأسد” نجح في ترجيح كفّة الميزان لصالح مخطّط إسقاط النظام في سوريا.

ونقل التقرير عن مصادر رسمية في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن الرياض جادة في إسقاط الرئيس السوري بشّار الأسد، وقد بدا ذلك واضحا حين أوكل العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذه المهمّة إلى الأمير بندر بن سلطان.

وتشير ذات التقارير إلى أن السعودية لا تتوقّع انتصارا قريبا للثوار بسبب فارق التسليح مع القوات النظامية، إلا أنها تأمل في ترجيح ميزان القوى لصالح جهات معتدلة من الثوار، تدريجيا، كي تتمكن هذه القوى من السيطرة على العاصمة دمشق، محذّرة واشنطن من أن أي بديل لذلك سيكون إما سيطرة إيرانية أو سيطرة تنظيمات متطرفة.

الصين وروسيا.. محايدتان

وأشار مراقبون إلى أن القرار بالهجوم خرج من المكاتب المغلقة، وأنه أصبح أمرا واقعا ما يجعل أي محاولة لتعطيله صعبة إنْ لم تكن مستحيلة، وهذا فهمته روسيا التي أعلن وزير خارجيتها الاثنين أن بلاده لن تشترك في أي حرب بسوريا، كما أنها بادرت أمس إلى إرسال طائرة نقل إلى مدينة اللاذقية لإجلاء رعاياها.

ويكتفي المسؤولون الروس بالتهوين من نتائج الهجوم الغربي المنتظر، واعتبار أن اي تدخل عسكري غربي لن يحقق “نصرا سهلا”.

وهو الموقف الذي اتخذته الصين، فقد قالت وكالة (شينخوا) أمس إن شن هجوم على سوريا سيكون خطيرا وإنه ينبغي على العالم تذكر كيف بدأت حرب العراق بادعاءات أميركية زائفة حول وجود أسلحة دمار شامل فيه.

وبخصوص دمشق، فقد أكد وزير خارجيتها وليد المعلم أنها “ستدافع عن نفسها” في حال شن ضربة عسكرية ضدها، مؤكدا امتلاك بلاده وسائل دفاع عن النفس “ستفاجئ الآخرين”.

ولم يصدق المعلم أن تكون موسكو قد تخلت عن بلاده، فقال “أؤكد أنه ليس هناك تخل روسي عن سوريا. علاقتنا مستمرة”.

وأضاف “عماد قواتنا المسلحة يعتمد على العقود التي نبرمها معهم (الروس)، وهناك التزام من الطرفين بتنفيذ هذه العقود. روسيا جزء من صمودنا”.

ويتوقع الخبراء العسكريون أن تدخل المنطقة خلال أسابيع قليلة حربا جديدة قد تعجز عن السيطرة على نيراننا خاصة أن نظام الأسد سيحاول تنفيذ شعار “أنا ومن بعدي الطوفان” رغم توقعات بأن تتخلى عنه إيران وحزب الله كما تخلت عنه روسيا.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً