الدّجّالُ يفتنُك بادِّعائهِ القدرةَ؛ لتنسى قدرةَ اللهِ؛ فتكفُر

الدّجّالون هم الذين يدّعون القدرة على القيام بأمورٍ خارقةٍ للعادة، مثل إخراج النار من فمهم، أو المشي على الماء، أو الطيران، أو معرفة الغيب، أو التحدث مع الحيوانات، أو إحياء الموتى، أو شفاء الأمراض المستعصية، أو التحكّم في الطبيعة، فينسبون قدرة الله تعالى إلى قدرتهم.

وهدف الدجالين من هذه الادعاءات هو لفت انتباه الناس إليهم، وإغرائهم باتباعهم، وجعلهم يؤمنون بهم، كما أنهم يهدفون إلى نشر الفتن والاضطرابات في المجتمعات، وإفساد عقائد الناس، كي يغشوا بصيرتهم، من النور إلى الضّلال، فيفتنوهم ويتمكنوا منهم، ويتحكموا بهم.

والله _عزّ وجلّ_ ذكر لنا علامات تفضح الدّجّالين الذين يفترون عليه وعلينا بالكذب والادّعاء :-

  • ادّعاء النبوّة أو الألوهية، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 93].
  • ادّعاء القدرة على القيام بأمور خارقة للعادة، قال تعالى: ﴿ وَيُرِيهِمُ الْآيَاتِ ﴾ [الزخرف: 48].
  • القدرة على إغواء الناس، قال تعالى: ﴿ لِيُضِلَّ بِهِ كَثِيرًا وَلِيُهْلِكَ بِهِ كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 11].
  • فِسقهم بقدرة الله بالموت والحياة ويوم الخروج، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بِالْحَقِّ وَأَيَّدَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (111) إِذْ قَالَ الْفَاسِقُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (112) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ (113) ﴾ [البقرة: 111-113].

وبناءً على هذه الصفات، يمكننا أن نعرف أن الدجال هو شخص يدّعي النبوة أو الألوهية، ويدّعي أنّه يمتلك قدرات خارقة للعادة، ويسعى إلى إغواء الناس وفتنتهم.

وحذّر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الدّجّالين، وأمر المسلمين بتحذير الناس منهم، فقال صلى الله عليه وسلم: “إنه سيخرج فيكم قومٌ يكذبون على الله ورسوله، فاحذروهم”.

وهناك العديد من الطرق التي يستخدمها الدجالون لفتن الناس، منها:

  • الظهور بمظهرٍ دينيٍ: مثل ارتداء ملابسٍ خاصةٍ، أو ترديد عباراتٍ دينيةٍ، أو ادعاء أنهم يتواصلون مع الأنبياء والأولياء.
  • استخدام السحر والشعوذة: مثل القيام بأعمالٍ خارقةٍ للعادةٍ، أو تلقي الوحي من الجن.
  • استغلال جهل الناس: وقلة علمهم بأمور الدين.
  • التنجيم وقراءة التنبؤات: والسعي لتحقيقها أو أن لها مؤشرات وعلامات سابقة لحدوثها من الله عز وجل.

ومن ذلك علامة كثرة الفساد التي يعقبها وعيد الله بالعذاب والفناء، فقال تعالى ﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ من سورة الفجر، فيستغلّ أتباع الشيطان آيات الله، فيصنعون الفساد في المجتمعات المستهدفة، وهم مصدّقون لوعيده لهم، فينسبون قدرة الله لأنفسهم ويستغلونها لصالح أهدافهم، كي يصدقهم الضالّون ويخشونهم، إذ يمكرون ويمكر الله، فهم يتناسون عقاب الله لهم، وإحباط مخططاتهم، بل وانقلابها عليهم بعذاب أشدّ هلاكاً، فهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.

أما التنبؤات الغيبية فالمؤمن يدرك يقيناً بالشهاب الراصد والثاقب الذي أعدّ للشياطين إذا حاولوا تجاوز حدود السماء لاستراق السمع أو اكتشاف الغيب، فيحرقهم به، حيث قال تعالى ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً* ﴾ [ الجن : 8 – 9].

وهناك العديد من المخاطر التي يتعرض لها المسلمون بسبب الدّجالين، منها:

  • الضلال عن دين الله، وارتكاب المعاصي.
  • الفتنة والاضطرابات والخوف في المجتمعات.
  • انتشار الفساد والشرّ.

ولذلك؛ يجب على المسلم أن يكون على حذرٍ من الدجالين، وأن يتجنب مجالسهم أو محطاتهم وألا يستمع إليهم، وأن يحذر الناس منهم، كما يجب عليه أن يتعلم دينه جيدًا، حتى لا يقع في فتنتهم.

كيف نحمي أنفسنا من فتن الدجالين؟

هناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها حماية أنفسنا من فتن الدجالين، منها:

  • التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
  • العلم الشرعي، ومعرفة عقائد الدين الصحيحة.
  • الدّعاء، والاستعانة بالله تعالى من شرّ الدجالين.
  • التحذير من الدجالين ونشر الوعي، وعدم الاستماع لهم وعدم تصديقهم، مهما تحقّقت أكاذيبهم، فكذب المنجّمون ولو صدقوا، والله تعالى فقط صاحب القدرة، وقد يختبرك الله بفتنتهم، ويحقّق بقدرته بعضاً مما يقولوا لحكمته، فلا تصدقهم واعتصم بحبل الله، ولا تكن من الخاسرين.

وإن من أعظم ما يمكننا فعله للوقاية من فتن الدجالين، هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهما الضّمان الوحيد لسلامة عقائدنا وإيماننا، وإن أصابك خوف أو شكّ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واتّق الله وآمن بأنه القوي القدير على كل شيء، ولا قدرة تفوق قدرته، ولا يحصل شيء إلا بأمره، وبالدّعاء يزول كلّ بلاء، فاستعن به وحده دون سواه، وإن كنت بعيداً عنه فاقترب إليه، فهو قريب مجيب رحيم لطيف ناصر غافر.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً