السودان.. كارثة إنسانية في الفاشر وانعدام شبه كامل للمواد الغذائية الأساسية

تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، كارثة إنسانية غير مسبوقة مع انعدام شبه كامل للمواد الغذائية الأساسية، حيث تحولت السلع الضرورية إلى أمنيات بعيدة المنال للمواطنين في ظل أوضاع مأساوية، بحسب تقارير ميدانية صادرة من المدينة ومن معسكر “أبو شوك”.

وأكد مجلس تنسيق غرف طوارئ شمال دارفور في بيان أن مستويات انعدام الأمن الغذائي داخل الفاشر وصلت إلى 88%، ما يعني انعدام شبه كامل للمواد الغذائية، موضحًا أن الأزمة تجاوزت مرحلة التحذير لتصبح مأساة إنسانية حقيقية.

وأشار البيان إلى أن الأطفال والنساء، كأكثر الفئات ضعفًا، يعانون من جوع مروع وسوء تغذية حاد، مع انتشار مشاهد الهزال في المخيمات والمجتمعات المضيفة، مبدياً أسفه لمشاهدة حالات وفاة ناجمة عن الجوع وسوء التغذية.

وفي معسكر “أبو شوك” بمدينة الفاشر، أعلنت غرفة الطوارئ انعدام الخدمات الأساسية، خاصة المواد الغذائية، وغياب خدمات الصحة، مع ارتفاع سعر شوال الدخن إلى 4 ملايين و300 ألف جنيه دون توافره في الأسواق.

وأوضحت الغرفة أن “الموت البطيء” يهدد حياة المدنيين العزل في شمال دارفور ومعسكر أبوشوك، مع تفاقم حالات سوء التغذية وزيادتها بشكل كبير، وصعوبة الحصول على المياه نتيجة انعدام وقود تشغيل الآبار، وسط أوضاع اقتصادية متدهورة.

وأشارت إلى أن متوسط الوفيات بسبب الجوع يبلغ أربعة أشخاص أسبوعيًا في المخيم، بالإضافة إلى حالات الوفاة الناتجة عن الأمراض.

تأتي هذه الأزمة الإنسانية وسط استمرار الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي دخلت عامها الثالث مخلفة دماراً شاملاً وأزمة نزوح هي الأكبر في العالم، حيث نزح أكثر من 14.3 مليون شخص، أي ما يعادل ثلث سكان البلاد.

وأدت الحرب إلى تفاقم الأوضاع المعيشية وندرة الخدمات الأساسية، لا سيما الغذاء والمواد الطبية، مما يعمّق معاناة المدنيين في مناطق متفرقة من السودان.

15 مدنياً يلقون حتفهم في قصف جوي على أبوزبد بغرب كردفان وسط تصعيد عسكري متواصل

قُتل 15 مدنياً على الأقل وأصيب العشرات، جراء قصف جوي شنّه الجيش السوداني على مدينة أبوزبد في ولاية غرب كردفان، وفقاً لما نقلته وسائل إعلام محلية اليوم السبت. في الوقت ذاته، شنت قوات “الدعم السريع” هجمات عنيفة على عدة قرى في الولاية نفسها.

وذكرت مجموعة محامو الطوارئ في غرب كردفان أن طائرة حربية تابعة للجيش استخدمت قنابل شديدة الانفجار في القصف الذي وقع يوم الجمعة، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وإصابة أعداد كبيرة بجروح متفاوتة.

وأضافت أن الهجمات تأتي في ظل تصعيد مستمر بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، رغم تدهور الأوضاع الإنسانية ونقص الخدمات الطبية والدوائية.

واتهمت المجموعة الحقوقية كلا الطرفين، حيث اتهمت قوات “الدعم السريع” باستهداف مواقع في شمال كردفان والنيل الأبيض عبر طائرات مسيّرة، مما أدى أيضاً إلى سقوط قتلى بين المدنيين.

وتعد ولاية غرب كردفان من أكثر مناطق السودان توتراً منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، نظراً لأهميتها الاستراتيجية كونها تضم حقول النفط الرئيسية في البلاد.

رغم الحرب والأوضاع الصعبة.. أكثر من مليون نازح سوداني يعودون إلى مناطقهم الأصلية

أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن أكثر من 1.3 مليون سوداني، بينهم مليون نازح داخليًا، عادوا إلى مناطقهم الأصلية خلال الأشهر الماضية، على الرغم من الظروف الإنسانية القاسية التي تشهدها البلاد نتيجة النزاع المسلح المستمر منذ أبريل 2023.

جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نُقل عنهم أن موجات العودة بدأت بالتزايد تدريجيًا، رغم أن الأوضاع في السودان ما زالت تُعد من بين “الأكثر تدميرًا في العالم”، بحسب توصيف الأمم المتحدة.

وقال مامادو ديان بالدي، المنسق الإقليمي للأزمة في السودان، إن “أعدادًا متزايدة من النازحين قرروا العودة إلى ديارهم”، مشيرًا إلى أن “مليون نازح داخليًا عادوا بالفعل في الأشهر الأخيرة”. من جانبه، أوضح عثمان البلبيسي، المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، أن “أكبر موجات العودة بدأت مطلع 2025، وتواصلت باتجاه العاصمة الخرطوم منذ مارس الماضي”.

ووفق المفوضية، فإن ما لا يقل عن 320 ألف شخص عادوا إلى مناطقهم الأصلية منذ يناير فقط، ضمن حركة عودة جماعية بدأت أواخر عام 2024.

رغم ذلك، حذّرت الأمم المتحدة من أن العديد من المناطق التي عاد إليها النازحون لا تزال “محفوفة بالمخاطر”، إذ يفتقر العائدون إلى الممتلكات، ويواجهون تحديات تتعلق بفقدان الوثائق المدنية، وانتشار الذخائر غير المنفجرة، إلى جانب مخاطر العنف الجنسي وانعدام الخدمات الأساسية.

كما أشار البيان إلى أن ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة تعاني من تدمير شبه كامل للبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، التي تحوّل بعضها إلى ملاجئ جماعية.

وفي ظل هذه الأوضاع، توقعت الأمم المتحدة عودة نحو 2.1 مليون شخص إلى الخرطوم بحلول نهاية عام 2025، لكنها شددت على أن هذا الرقم يعتمد على تحسن الأوضاع الأمنية واستعادة الخدمات الحيوية.

ودعت الوكالات الأممية إلى تعزيز التمويل الإنساني بشكل عاجل، مع استمرار وجود نحو 10 ملايين نازح داخل السودان، بينهم 7.7 مليون شخص نزحوا بسبب الحرب الحالية.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً