أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء التدهور الكارثي للأوضاع في ولاية شمال دارفور السودانية، حيث تشهد عاصمتها الفاشر هجمات عنيفة متواصلة.
وتأتي هذه الهجمات بعد أسبوعين فقط من اعتداءات على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، اللذين يعانيان من المجاعة، وقد أفادت تقارير بمقتل مئات المدنيين، بمن فيهم عاملون في المجال الإنساني.
وفي بيان منسوب إلى المتحدث باسمه، عبّر الأمين العام عن قلقه العميق إزاء تقارير تفيد بتعرض النازحين للمضايقة والترهيب والاحتجاز التعسفي عند نقاط التفتيش، مع اضطرار ما يُقدّر بأكثر من 400 ألف شخص إلى الفرار من مخيم زمزم وحده في وقت سابق من هذا الشهر.
وقال الأمين العام إنه، وعلى الرغم من استمرار انعدام الأمن والنقص الحاد في التمويل، تبذل الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني أقصى جهودهم لتوسيع نطاق الدعم الطارئ، بشكل عاجل، في منطقة طويلة بشمال دارفور، التي تستضيف غالبية النازحين من زمزم.
وأشار إلى أن حجم الاحتياجات “هائل”، مع ورود تقارير عن أشخاص يائسين، معظمهم من النساء والأطفال، يعبرون الحدود إلى تشاد بحثاً عن الأمان والمساعدة.
ويستمر العنف ضد المدنيين في أجزاء أخرى من السودان، مع ورود تقارير عن عمليات قتل جماعي في أم درمان بولاية الخرطوم خلال الأيام الأخيرة.
ومع دخول الصراع عامه الثالث في السودان، جدد الأمين العام دعوته لتيسير وصول المساعدات الإنسانية بصورة آمنة ودون عوائق إلى جميع المناطق المحتاجة، عبر جميع الطرق الممكنة، فضلاً عن حماية المدنيين.
كما جدد دعوته إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، وحث المجتمع الدولي على التحرك العاجل للمساعدة في وضع حد للمعاناة والدمار المتواصلين.
من جهته، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن موسم الأمطار القادم ونقص التمويل قد يهددان التقدم المحرز مؤخراً في مواجهة المجاعة في السودان.
وقد حولت الحرب التي استمرت عامين السودان إلى “أكبر كارثة جوع في العالم”، حيث يواجه ما يقرب من نصف السكان، أي 24.6 مليون شخص، جوعاً حاداً.
ويواجه حوالي 638 ألف شخص جوعاً كارثياً (التصنيف المرحلي المتكامل الخامس)، وهو أعلى عدد في العالم.
وقد تم تأكيد المجاعة في عشرة مواقع في السودان، ثمانية منها في شمال دارفور، بما في ذلك مخيم زمزم، وموقعان في جبال النوبة الغربية.
وهناك 17 منطقة أخرى معرضة لخطر المجاعة، بما في ذلك الخرطوم، وفي المناطق الأكثر تضرراً.
الأمم المتحدة: مقتل 542 مدنياً في شمال دارفور خلال 3 أسابيع
أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، مقتل ما لا يقل عن 542 مدنيًا في ولاية شمال دارفور بالسودان خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، محذّرة من أن العدد الحقيقي قد يكون “أعلى بكثير”.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، في بيان: إن “الرعب الذي يتكشف في السودان لا حدود له”، في إشارة إلى الحرب الأهلية المستمرة في البلاد.
وأشار تورك إلى هجوم شنته “قوات الدعم السريع” قبل ثلاثة أيام على مدينة الفاشر المحاصرة ومخيم أبو شوك، وأسفر عن مقتل 40 مدنيًا على الأقل، ليرتفع بذلك عدد القتلى المؤكدين في شمال دارفور إلى 542 مدنيًا خلال ثلاثة أسابيع فقط.
وتشهد مدينة الفاشر، منذ 10 مايو 2024، اشتباكات عنيفة ومتواصلة بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، رغم التحذيرات الدولية المتكررة من خطر التصعيد في المدينة التي تُعد مركزًا رئيسيًا للعمليات الإنسانية في ولايات دارفور الخمس.
يُشار إلى أن الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اندلعت في منتصف أبريل 2023، وأسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص، ونزوح نحو 15 مليونًا داخل وخارج السودان، وفق بيانات الأمم المتحدة والسلطات المحلية. بينما قدّرت دراسة أجرتها جامعات أمريكية عدد الضحايا بما يقارب 130 ألف قتيل.
الإمارات تدين استغلال الجيش السوداني لمنابر الأمم المتحدة لنشر “معلومات مغلوطة”
أدانت بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة ما وصفته بـ”استغلال القوات المسلحة السودانية” لمنبر مجلس الأمن الدولي لنشر معلومات غير دقيقة، مؤكدة رفضها لتحريف تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة لدعم ما اعتبرته “حملة تضليل إعلامي”.
وفي رسالة رسمية وجهتها إلى مجلس الأمن، عبّرت البعثة الإماراتية عن قلقها البالغ إزاء النزاع في السودان، محذرة من إساءة استخدام منابر الأمم المتحدة وتحريف تقاريرها الرسمية، مشددة على ضرورة تركيز الجهود الدولية نحو وقف دائم للأعمال العدائية ومعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
من جانبه، قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، إن التقرير النهائي لمجلس الأمن بشأن السودان “يدحض مزاعم الجيش السوداني ضد الإمارات”، مؤكداً أنه يفضح “انتهاكات الأطراف المتحاربة بحق المدنيين”، وجدد دعوته إلى وقف الحرب.
وكانت الإمارات أعربت في وقت سابق عن رفضها لما وصفته بـ”الادعاءات الباطلة” التي وجهتها القوات المسلحة السودانية خلال جلسة استماع أمام محكمة العدل الدولية، مشيرة إلى أن الجيش السوداني لم يقدم أي دليل موثوق يدعم تلك المزاعم.
وشددت الإمارات على التزامها منذ بداية الأزمة السودانية بالبحث عن حل سياسي شامل ينهي معاناة الشعب السوداني، مؤكدة أن الشكوى المرفوعة ضدها تفتقر للمنطق ولا تعفي الجيش السوداني من المسؤولية عن الانتهاكات الموثقة في تقارير أممية ودولية.
اترك تعليقاً