الشاطر: سيناريوهات ناعمة لجر فبراير إلى رمال متحركة

عشر سنوات من عمر الثورة شاهدنا خلالها الكثير من الأفراح والأتراح، والقادم من السنوات سنشهد الكثير من الأحداث الهامة قد يكون فيها ما هو مفرح ولكن المعطيات تشير إلى خلاف ذلك.

بهذه الكلمات افتتح عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر حديثه لـ”عين ليبيا”، في تقييم له للعشر سنوات الماضية من عمر الثورة والأخطار التي قد تتعرض لها من وجهة نظره.

وأشار الشاطر في معرض حديثه إلى أن صراعات دموية حدثت وحصدت آلافا من الأرواح البريئة وشردت عشرات الآلاف من المواطنين ودمرت مئات الآلاف من المباني وعطلت عجلة بناء الدولة المستقرة.

ونوه إلى أن الصراعات كانت من صنع وفعل تيارات مختلفة أهمها شخصية رجل واهم بالسلطة انقلابي دون تردد تسانده مجموعات من البشر منهم المقتنع به ومنهم المقتنع بحكم العسكر ومنهم الجهوي الانفصالي ومنهم من لا يزال يحلم بعودة حكم الفرد ولو بالاستنساخ.

وأضاف الشاطر: “تزامنا مع احتفالنا بالعيد العاشر للثورة يستعد المجلس الرئاسي الجديد وحكومته الإعلان عن الاستلام الرسمي لمهام قيادة البلاد على أمل أن يتحقق الاستقرار وتنتعش الأمور وتبدأ عجلة بناء الدولة في الدوران”.

ولفت إلى أن الآمال كبيرة والطموحات أكبر ولكن ما كل ما يتمنى المرؤ يدركه فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

وأردف الشاطر: “وتزامنا مع الإعلان عن مجلس رئاسي جديد وتكليف رئيس وزراء منفصل عن المجلس بدأ التيار الذي ناصب قيام الدولة العصرية العداء ووضع أمامها كافة العراقيل سياسيا وعسكريا وإعلاميا يغير في تكتيكه وخطط عمله.

وتابع: “عقيلة صالح الذي فرض رأيه بالعودة إلى النظام الفدرالي المبطن – ضد شعار الثورة بوحدة ليبيا – بدأ يلوح بشعارات السلام و الأخوة والمصالحة الوطنية وطي صفحات الماضي وما حدث كان خطأ وليس هناك من هو معصوم من الخطأ… خليفة حفتر الذي دمر بنغازي ودرنة وجنوب طرابلس ومرزق بدأ يدعو للسلام والوئام ولا  يمانع في وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسة العسكرية وتحقيق المصالحة بين الليبيين والاستفتاء على الدستور وهو الذي أعلن عام 2014 تجميده للإعلان الدستوري وحل المؤسستين التشريعية والتنفيذية”.

واستطرد الشاطر قائلاً: “أرى في كل هذه التوجهات تخطيط جديد لمواصلة الانقضاض على ثورة السابع عشر من فبراير عن طريق السياسة المرنة لدغدغة العواطف والآمال بخطاب سياسي ناعم لتحقيق ما عجزوا عن نيله بقوة السلاح”.

وأشار عضو المجلس الأعلى للدولة إلى أن “المخاوف تنتابني من هذه الاستراتيجية الجديدة ومن أهدافها خاصة وأن الكثير من السياسيين بلعوا طعم التوافق السياسي والمصالحة بين المتخاصمين وبدؤوا في التنازل للجانب الآخر عن الكثير من الثوابت”.

وقال الشاطر: “تنازلوا عن وحدة ليبيا وأذعنوا أن يكون الاستفتاء على مشروع الدستور من خلال ثلاثة دوائر وليس دائرة واحدة.. ما يعني ترسيخ الأقاليم و ما يعني الرضوخ للتيار الفدرالي وما يعني أيضا إفشال الاستفتاء والرجوع اليهم لصياغة دستور يُلبي مطالبهم”.

وأضاف: “تنازلوا عن حق المواطنة وهو المبدأ المعمول به في كل دول العالم المتحضر لتصبح المناصب الحكومية غنائم لقبائل وجهويات ما يبعد شبح تحقق الدولة المدنية العصرية.. وأصبحت المحاصصة في الوظائف واقعا قبيحا يعلن عنه دون خجل ويلبى بكل سذاجة بدوافع المصالحة الوطنية”.

وأردف الشاطر: “ويشتغلون على استلام السلطة التشريعية بالكامل ومن بعدها تشكيل الحكومة من خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمتين ليبقى فبراير شهر بلا معنى ولا مضمون ثوري.. وبذلك لا قدر الله يتم بالخداع هدر دماء الشهداء الأبرار”.

ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة أن تيار فبراير قد جُرّ إلى رمال متحركة لن يفلت منها ما لم يتدارك الأمر ويضع خطط واستراتيجيات مضادة تمنع ابتلاع الثورة و أهدافها.

وتابع قائلاً: “قد أكون متفائلا بالمجلس الرئاسي الجديد بشخوصه الوطنية الثلاثة التي لا يزايد على وطنيتها أحد.. وقد أشعر بالارتياح بتكليف عنصر شاب ورجل أعمال ناجح ومدرك لتركيبة المجتمع الليبي ومطّلع بما فيه الكفاية وأكثر على تفاصيل ما حدث ولعل له رؤية وبرنامج لمعالجة الأخطاء المدمرة التي تسببت في كل المعاناة والعذابات التي يتعرض لها المواطن”.

واستطرد الشاطر قائلاً: “لكني أشعر أن ليبيا تحتاج إلى قيادة قوية تعمل في خطين متوازيين… الأول رفع ما يمكن رفعه من المعاناة على أفراد الشعب.. والثاني وضع أسس الدولة الحديثة… ولا تقولوا لي أن عمر هذه الحكومة عشرة أشهر فقط فتلك خدعة ورطتنا فيها السيدة ستيفاني وليمز كما ورطنا من سبقوها بالتسريع في عقد صفقة (الاتفاق السياسي) منتهجين سياسة المدد القصيرة التي لم تعن شيئا ولا حققت شيئا مفيدا”.

كما أبدى الشاطر شكه في أن تكون هناك انتخابات قادمة في 24 ديسمبر القادم، وقال: “ولو حدثت بمعجزة فان مخاوفي أن تنتج مجلسا تشريعيا الأغلبية فيه لتيارات معادية لفبراير.. وسوف تأتي لنا برئيس نزع البدلة العسكرية وارتدى بدلة مدنية لكن فكره لا يزال عسكريا ومن الصعب تغييره لأنه يمثل ثقافة تشربها عبر سنوات طويلة.. أو برئيس جهوي يزيد من التخلف و يصنع دستورا جديدا على مقاسه ومقاس إقليمه”.

وأبدى شكه أيضاً في أن يتم توحيد المؤسسة العسكرية ما لم يعط خليفة حفتر منصبا قياديا، وبعدها سينفذ انقلابه بحق وحقيقة، وفق قوله.

وتابع الشاطر في معرض حديثه: “الآن أمامنا الاعتراف بالواقع من منظور جديد يتمثل في ليس المصالحة بين الأطراف المتصارعة وإنما الامتثال للحكومة الشرعية وكيف تفرض هذا الامتثال.. طبعا بهيبة الدولة وبإنفاذ القانون.. لا ينبغي الرضوخ لمغالبة الأقلية على حساب الأغلبية مهما كان الثمن.. والحكومة التي لا تستطيع أن تغير في قيادة منصب ما سيكون وجودها مثل سابقاتها.. الأمر صعب وصعب جدا ولكن في الشدائد يعرف معدن الرجال.

وأضاف قائلاً: “الشعب الليبي متصالح مع نفسه والضجيج الذي يحدث من هنا أو هناك لا يدعو للخوف منه لأنه مجرد إعلاء لأصوات أقلية مشاغبة وعليها أن تمتثل لرغبة الأغلبية وبالتالي فمن يخرج عن الإجماع يعرض نفسه للمساءلة القانونية.. تماما مثلما يشهر عسكري بندقيته ليستولى على السلطة فإن مكانه السجن لا التفاوض معه لإرضائه.. فمن يسطو على مصرف مثلا لا يتم التفاوض معه لمنحه جزء مما سرق وإنما إعادة كامل المسروق وإيداع الفاعل السجن”.

واختتم عضو المجلس الأعلى للدولة حديثه بالقول: “أنبه بأن هناك سيناريوهات ناعمة قادمة لا تأخذوها مأخذ الجد فهي تكتيك جديد للاستيلاء على السلطة بأسلوب حريري”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً