العزل الذي نريده.. – بقلم عبد السلام الزغيبي

قرأت عن دعوات العزل السياسي في ليبيا وضرورة تطبيق القانون الذي تبناه المجلس الوطني الانتقالي ابان فترة رئاسة المستشار مصطفى عبد الجليل لاستبعاد الموالين للنظام السابق، ولم يتم تفعيله حتى الان. وهو قانون يُقصد منه استبعاد بعض الاحزاب او الاشخاص من العمل السياسي نهائيا بمعنى منعهم من الترشح للانتخابات او العمل في السياسه نهائيا.

يؤيد البعض هذا الاجراء مستندين، على ان هناك العـديد من دول العالم قد طبقته في مرحلة انتقال أنظمتها من الشمولية إلى الديمقراطية بعـزل  كل من شغـل منصـبا قـياديا أو سياسيا في النظام السابق، وكان لذلك الإجراء  دورا  في دفع الحـياة السياسـية في تلك الـدول نحـو الأفـضل.

من يخالفونهم الرأي  يستندون على  حجة إن العزل السياسي  لا يختلف عن  الاقصاء الذي يقوم على أساس المعتقد السياسي  أو الديني أو  الاثني  من النشاط الاجتماعي السياسي  وبالتالي يعتبر تدخلا سافراً في خصوصيات المواطن ومساساً مباشراً بكرامته ناهيك عن سلب حقه الشرعي الذي ينص عليه القانون المدني وميثاق هيئة الامم المتحدة ومؤسساتها العالمية المتعلقة بحقوق الانسان ، وان فكرة العزل السياسي تمثل احد أوجه الحكم الشمولي الذي يقصي الافكار والمعتقدات التي لا تتفق معه ويجبر الناس على  تبني العقيدة الوحيدة التي يرتئيها لهم.

وهناك من يأخذون  يتخذون موقفا وسطيا،و يرون  ضرورة ان يتم الاحتكام إلى القضاء ، وضمان محاكمات عادلة لكل من ارتكب جرما ضد شعبه، سياسيا أم ماليا، فترة وجوده مع النظام السابق .

اذا كان غرض البعض من المطالبة اليوم بتمرير قانون العزل السياسي، هوالاقصاء والتهميش لخصومهم، فان هذا يقع تحت طائلة تصفية الحسابات الجهوية والأيديولوجية والسياسة.

نعم للعزل ولكن ما هو العزل الذي نريد..

نريد أن يعزل الثوار الحقيقيون الذين جاهدوا من اجل الوطن، ومن اجل تحقيق مبادئ الشرف والعدالة والحرية، اشباه الثوار جرحى الغنائم.

أن يعزل الوطنيون الذين يؤمنون بالديمقراطية كسلوك ومعتقد وممارسة، التابعين والعملاء والمتسلقين والانتهازيين.

أن يعزل الاخوان اصحاب الدعوة بالموعظة الحسنة، المتشددين، ودعاة الكراهية والمقت والجهل والغلظة والقسوة والعنف والتطرف والارهاب.

أن يعزل الجيش الليبي ببسط  نفوذ الدولة في البلاد، المجموعات المسلحة من مليشيات وكتائب تختطف الدولة وتسعى لتدمير البلاد وأرهاب العباد.

أن تعزل الشرطة الليبية بفرض الأمن وإرساء الاستقرار، خفافيش الظلام وعصابات القتل والاغتيال والتفجير.

أن يعزل الفيدراليون الحقيقيون الذي يعملون من اجل الابقاء على  ليبيا موحدة، دعاة  المركزية المقيتة. وأن يعزل الشرفاء المفسدين من اللصوص وسراق المال العام.

أن يعزل دعاة الاستقرار المستفيدين من الفوضى والخراب.

واصحاب دعوة المصالحة الوطنية وتحقيق العدالة وحكم القانون، اصحاب تكريس الخصام والفرقة والشقاق بين ابناء الوطن الواحد.

ورجال القضاء والمحاماة ذو النزاهة والشرف باستعادة هيبة القضاء ،وعزل الفاسدين والمرتشين والمنافقين.

وأن يعزل المثقفون والاعلاميون والفنانون الحقيقيون الادعياء والدخلاء وانصاف الموهوبين.

ان استحواذ وتسلط جماعة بعينها تريد أن تفرض رأيها وفهمها ونظرتها على الجميع، و تغليب لغة الإكراه والعنف على لغة الحوار والجدال يقودنا الى التهلكة لا محالة، ، لان البديل للتسامح هو الصدام والعنف و التمزق الاجتماعي و الحروب.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً