الغرب واسباب حساسيته من الشرق؟

الغرب واسباب حساسيته من الشرق؟

من قبل الميلاد والعلاقة بين الشرق والغرب دائما علاقة مصبوغة بالدم.

علاقة ملتهبة لاتسكن الا لتزداد اضطراما وازداد لهيبها عندما قام حنى بعل بمهاجمة روما سلطانة الدنيا في ذلك الحين  في عقر دارها تفاديا لهجوم كاسح كانت ستشنه روما على القرية الجديدة قرطاجة ….ضرب العدو في عقر داره استباقيا فكرة حنى بعل التي لم يتسنى لها النجاح.

صدقت هواجس وتحليلات حنى بعل اذ قامت روما باكتساح الشمال الافريقي والشرق الاوسط ودمرت قرت حدش….قيام دولة منافسة تمنع الغريب الاجنبي من التمدد امر مرفوض من قبل  المخططات الاستعمارية في كافة الازمان.

الغرب كان لايعرف من الشرق كما يقول ادوارد سعيد الا الشرق الاوسط ولم يكتشفه الا بعد رحلة ماركو بولو والتي قاده فيها للاسف ربان مسلم في تصرف ينبيء عن غياب الحس الامني لدى بعض النخب حتى في ذلك الوقت. نقول عن الصراع انه بين الشرق والغرب بالرغم من ان الصراع بين روما وقرطاجة هو صراع شمال وجنوب وليس شرق وغرب نقول ذلك كون ان الغالبية جاءت من عكس الشرق الذي هو الغرب دون التركيز كثيرا على تسميات الشرق من شرق اوسط و اقصى وأدنى فهي من وضع الاستعمار الغربي حسب بعده وقربه من القوة  الاستعمارية العظمى بريطانيا.

ان جلب العدو للديار قد يقوم به العلماء المبجلين والوطنيين الاحرار ؟ المسألة تتعلق بالفكر والقدرة على الادراك وليس الملاحظة …اي ان من ننبهر بوطنيتهم ودينهم واخلاقهم الفيصل في تقديمهم ينبغي ان يكون لسرعة ادراكهم فاذا غابت هذه الخصلة منهم فلابأس ان نطلب بركتهم  ولكن يجب وفورا منعهم من قيادة المركب.

الاسلام وحده الذي قضي على التواجد الغربي في الشرق فهو الذي اكتسحهم في حالة ثأرية لعصور رزح فيها الشرق تحت نير الاستعمار الغربي ….حالة العداء بين الغرب والاسلام استمرت ولازالت مستمرة وستستمر فالاسلام هو القوة التي قضت على التمدد الغربي وحجمت من تطلعاته وبالتالي هناك شعور بالامتعاض ورغبة في الثأر تعمل عملها في الوعي الغربي.

لو اننا نظرنا الى مافعله الغرب بمسلمي اسبانيا من محاكم واعدامات ومصادرات لرأينا حجم  الحقد والعنصرية على كل ما هو اسلامي بالرغم من حالة التنوير والاشعاع التي غمرت اوروبا كلها جراء ذلك الذي سموه الغزو الاسلامي …لم ينظر اليه الا على انه احتلال يستحق المكافحة والمواجهة وفعلا نجحوا في طرد المسلمين واقيمت حفلات الدم لاولئك ( الغزاة  ) من قبل الغرب وباركتها الكنيسة …حالة العداء تلك لازالت موجودة ولن تذهب فعداء الغرب للشرق تاريخي وموغل في القدم قبل الاسلام وبعده انما  زاده الاسلام بعقيدته.

العلاقة بين الشرق والغرب مبنية على التوسع المتبادل مما ارسى حالة من عدم الثقة والريبة  وهذا ترتب عليه ما هو اسؤ اذ ضربت منظومة القيم التي يفترض ان تحكم علاقة الجيران ببعضهما البعض ….الاسلام وهو يقوم بطرد الرومان وحشرهم في مرحلة اولى بالقسطنطينية ومن بعد ذلك طردهم منها والوصول الى اسوار فيينا لم يترتب عنه أي اجحاف او تعدي اللهم الا حالات فردية لاتقرها القيادة ولاتعمل بها المنظومة اما الغرب فقد استعمر مناطق الشرق وسحقها والحقها به من منطلق التبعية وليس الندية وهو امر جعل الاحقاد والضغائن تنمو ولا تتبدد.

اقول بالرغم من التطور المدني من خلال مجموعة القيم التي انتجتها الحضارة الاسلامية و الغربية الا ان هذه القيم لم تستطع ان تتلاقى بل ظلت في حالة عداء مستحكم وحتى تلك العلاقات التي نراها اليوم بين بعض دول المنطقة والغرب سرعان ما تنتكس امام اول اختبار كنتيجة حتمية لما وقع في الوعي من استحالة الخروج من حالة الخصومة والعداء.

الغرب لم يكن يوما بالنسبة للشرق الا مكانا للشر والتأمر والخديعة والشرق بالنسبة للغرب لم يكن يوما الا مكانا للاسطورة والخرافة والتخلف …هذه الحالة من المجابهة القيمية جعلت من العسير التلاقي على اهداف حضارية مشتركة كون الاحكام غير واحدة على الشي الواحد وهذا الامر يعود لاختلاف العقيدة.

عقيدة الغرب تجاه الشرق يشوبها الحذر وزادت هواجسها بعد ظهور الاسلام وطرد جحافله من الشرق على ايدي المسلمين.

الوعي الغربي يصر على ان قيام الشرق لايكون الا بقيام الاسلام والاسلام لايترعرع الا في ظل الفتوحات أي ما يسمونه الغزو وبالتالي الغرب يعيش حالة من الاستنفار في داخله تجاه العقيدة الغالبة في الشرق وهي الاسلام ومن ثم لايرى امكانية صناعة توافق مع هذه العقيدة المتوثبة والتي تنتظر الفرصة كي تباشر سبي بنات بني الاصفر.

رسائل الطمأنة للغرب التي يبعثها ويبرقها بعض متساكني الشرق من المسلمين لن تجدي نفعا ولن تهديء من روع الغربيين المتوجسين الذين تهمين عليهم و تحركهم عقيدة ضالة.

الحقيقة ان القبضة الغربية على مجموعة القيم التي تتبناها وتراها حضارية والشرق يراها انتقائية تراخت مما سبب حالة اسهال وتسرب لاسرار علمية انتجتها المختبرات الغربية قد تترتب عنها كوارث وفواجع كما نراها في موضوع الاسلحة والتسلح  فلو اننا تمعنا لرأينا الغرب لايعير اهتمام كبير بكوريا الشمالية بقدر اهتمامه بما يأتي من السعودية او ايران مثلا …ان التحرك الغربي واستنفار قواه وحساسيته تجاه خطر يتهدده لايكون بنفس الكيفية والقدر حتى في مناطق الشرق .. الجهة التي يخشاها ويعمل بكل قواه لكي تكون تحت الهيمنة تلك صاحبة العقيدة المختلفة.

التصور الساذج ان الاهتمام الغربي بالشرق الاوسط يعود الى وجود اسرائيل امر غير صحيح فالغرب يعيش حالة العداء والتحفز قبل وجود اسرائيل.

ان الادراك الحقيقي كقيمة في الوعي لايمكن  الحصول عليه الا من خلال قوة ربط وهذه لاتأتي الا عبر منظومة حياتية تمكن افرادها من الوصول الى احكام واحدة وهذا ما توفره العقيدة الواحدة وهذا ما تعمل على خلخلته القوى الغربية.

ايضا عدم قدرة المسلمين ايصال رسائل طمأنة حقيقية لجيرانهم يأتي بسبب فشلهم في انجاز المشروع النهضوي الحقيقي الذي يبرز وجه الاسلام الحضاري.

هذا المقال لايعبر سوى عن رأي كاتبه كما أنه لا يعبر بالضرورة عن عين ليبيا

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً