المثقف الحقيقي لا يقف على حياد

المثقف الحقيقي لا يقف على حياد

د. رمضان بن زير

الأمين العام المفوض للمركز العربي-الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان ودبلوماسي سابق.

أريد طرح بعض الأسئلة حول دور المثقف في ظل الأزمة الحالية وتصرفات بعض من يسمون أنفسهم بالنخبة المثقفة هل في ليبيا توجد نخب مثقفة حقيقية يمكن الاعتماد عليها أو حتى المساهمة في حل الأزمة الليبية؟ هل يمكن أن نسمي من ينادي بضرورة دعم مشروع حفتر باعتباره ضرورة من أجل إعداد الأمة الليبية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة العدل والمساواة ويطالبون بإعطائه 4 سنوات فقط لتحقيق هذا الهدف، هل يمكن أن نعتبر من يقول بذالك بأنه من النخب أم هو من المزمرين والمطبلين؟ هل يمكن أن نطلق على من كتب كلمة حفتر – وهو معروف – الذي أعلن فيها انقلابه على الشرعية وتجميد كافة مؤسسات الدولة عبر قناة العربية يعد من النخب المثقفة؟ هل من يبرر المقابر الجماعية وقتل الأبرياء ورميهم في شارع الزيت يعد من النخب؟ هل من يبرر تدخل فرنسا وروسيا ومصر والإمارات والأردن والسعودية ويجرم تدخل تركيا وقطر يعد مثقفا؟ هل من يعطي الشرعية لمجلس النواب ويحجبها عن المجلس الرئاسي أو مجلس الدولة يعد من النخب؟ هل من يجعل ما يقوم به عقيلة صالح منفردا عملا وطنيا ومشروعا ويجرم ما يقوم به السراج يكون من النخب المثقفة؟ هل المثقف هو من يحاول أن يمارس النجومية والأستاذية على الآخرين الذين قد يفوقونه أدبا وثقافة؟ هل المثقف هو من يوظف كتاباته لدعم صاحب الخط الأحمر الذي يهدد بغزو بلادنا؟.

ليس عيبا إذا عبرنا عن الانزعاج من بعض النخب الذين يقفون على حياد في الأزمة الحالية لبلادنا خاصة في ظل انتهاك قيم ومبادئ حقوق الإنسان.

لا يمكن للمثقف الحقيقي وهو الذي يستجيب لضميره باعتباره الحارس للقيم الأخلاقية أن يقف محايدا.

لقد سجل المثقفون الذين رفعوا أصواتهم ضد الظلم الذي تمارسه حكوماتهم موقفا تاريخيا يحسب لهم مثل الكاتب الفرنسي المعروف جان بول سارتر الذي وقف مع حق الجزائر في الاستقلال ضد حكومة بلاده فرنسا.

كذالك موقف الكاتب الانجليزي المعروف جورج برنارد شو الذي أدان الجريمة التي ارتكبها جيش بلاده في “دنشواي” بمصر.

وفي الوقت نفسه سجل التاريخ مواقف سيئة على بعض الكتاب الذين كانوا يدعمون القتلة والمجرمين من الحاكم مثل دعم الكاتب الألماني الشهير “هايدجر” الذي ساند المجرم النازي هتلر.

المثقفون في بلادنا يُشاهدون بأعينهم المقابر الجماعية ويطالبون بغض النظر عنها ولا ينتقدون من قام بها بل نجد بعضهم يبررونها.

ألا ترون هذا نوعا من أنواع السقوط الأخلاقي أو كما عبر عنه الكاتب عبد الله الكبير الدرك الأسفل من السقوط الأخلاقي والإنساني؟ إن هذا يحول المثقف إلى ظهير للمجرمين بتأييد عصابات تسمي نفسها جيشا ارتكبت هذه الجرائم في حق الوطن وأهله فتجلب المرتزقة وتدخل البلاد في صراعات المحاور الإقليمية والتنافس الجيوسياسي الدولي لتعدو ملعبا ومختبرا للأسلحة الجديدة.

أطالب كل النخب المثقفة بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية خاصة في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها بلادنا بالمساهمة الفعالة والإيجابية ونسيان الماضي والتطلع للمستقبل. جميعنا يتمنى العيش مع بعضنا إخوة متحابين لا يتدخل بيننا أجنبي.

لكن ذلك يبقى في إطار الأمنيات التي يمكن أن تتحقق أو قد لا تتحقق لأن واقعنا لا يعطي قراءة مختلفة لواقع ومستقبل ليبيا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. رمضان بن زير

الأمين العام المفوض للمركز العربي-الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أستاذ القانون الدولي وحقوق الانسان ودبلوماسي سابق.

اترك تعليقاً