المرأة في الإعلام المحليّ.. أيّ حضورٍ؟

المرأة في الإعلام المحليّ.. أيّ حضورٍ؟

بسام عيشة

خبير استشاري في مجال حقوق الإنسان والتنمية

“لم تستأثر المسائل المتعلقة بالمرأة كموضوع بحيز مهمٍّ في المضامين الإعلامية المحلية، كما لا يتم اعتمادها كمصدر بشكل متكافئ مع الرجل، بل تواصل تناول الموضوعات التي تهم المرأة بشكل نمطي، حيث نجد المرأة تعتمد كمصدر أساسي للأخبار حول المرأة واقتصر حضورها في الغالب على المواضيع التي تهم ربات البيوت والشأن العائلي والمواضيع التقليدية كالصحة والتعليم”، هذا ما توصّل إليه تقرير “المرأة العربية وخطّة التّنمية 2030 في الإعلام المحلّي – 2017” الذي أصدره مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث “كوتر” مؤخّراً، مضيفاً أنّ حضور المرأة كفاعل في المجال الإذاعي كان أكثر تنوعا من حيث المجالات التي تتطرق إليها مع إسهامها بشكل متكافئ كمصدر مع الرجل، مما يفسح المجال إلى إمكانية تطور أدائها والإسهام في النقاشات حول الشأن العام المحلي، بما في ذلك في المجال السياسي. وهو أمر يؤشر أيضا إلى بدء ظهورها كفاعل في المجال التلفزيوني بعد تبلور قدرتها على التفاعل مع مقتضيات وضغوطات الحضور المباشر.

كما يشير التّقرير إلى أن ضعف ظهور المرأة في التلفزة ضمن الشخصيات في القصة مقابل حضورٍ مباشر ومتميز نسبيا في الإذاعة، سواء الإخبارية منها أو التنشيطية، يُحيل إلى قدرة المرأة على تخطي العوائق التي قد تعترضها عند التوجّه إلى الرأي العام، ويتيح لها الدُّربَة والخبرة الضرورية مما يساعد على الولوج مستقبلا إلى الفضاء التلفزيوني، الذي تكون متطلباته وضغوطاته أكبر، وتظهر كفاعل يحمل مضامين وآراء لا فقط كصورة تلفزيونية.

كما يشير التّقرير إلى أنّ عزوف بعض الإعلاميات عن العمل أو الضغط للدفاع عن حقوق المرأة بما في ذلك موضوع العنف ضدّها، يعود إلى اعتبارهنّ الخطابات والحملات والتركيز على جمع البيانات حول حالات العنف، لا يمكن أن تفضي إلى حلول جذرية، وأن المجهودات لا بد أن تتركز على بناء القدرات الذاتية للمرأة وعلى الارتقاء بمهاراتها، وشخصيتها، والسعي إلى الوصول إلى تجمعات المرأة النائية.

وحول المشاغل المتصلة بالنساء في مجال التنمية المحلية كما يراها الإعلاميون والإعلاميات فيشير التّقرير إلى أنّها مشاغل عامة تهمّ النساء في المطلق دون تخصيص لا في التنمية المستدامة ولا في علاقتها بالتنمية المحلية،

كما تواصل تهميش المرأة كفاعلة في المضامين الإعلامية سواء من موقعها كمنتجة أو معدة برامج أو كإعلامية في قاعات تحرير وسائل الإعلام المحلية. ولم يختلف في ذلك وضعها عما توصلت إليه الدراسات السابقة حول المرأة والإعلام في كبريات المؤسسات الإعلامية المركزية.

وينبّه التّقرير إلى تواصل نهج سلعنة صورة المرأة في الإعلام خاصة المرئي منه، فكانت الصورة الطاغية في الشاشات العربية من نصيب الإعلاميات الشابات، في حين لم يختلف الأمر في هذا بالنسبة إلى الرجل، كما أنّ ظهور الرجال من بين الشخصيات في القصة لتناول الموضوعات ذات البعد الاجتماعي الذي كان تقليديا حكرا على المرأة، كما أنّ ظهور المرأة كمراسلة وصحفية ميدانية مع غياب شبه تام في مجال التحليل والتعليق خاصة في المضامين التلفزيونية التي تبقى حكرا على الرجل. ويعتبر العمل الميداني، باستثناء المراسلات التي يتم إنجازها لحساب المؤسسات الإعلامية العالمية، حكرا على المبتدئين في العمل الصحفي ويبقى التعليق والتحليل من نصيب الإعلاميين القدامى ورؤساء التحرير لما له من قيمة اجتماعية وسياسية باعتباره يعبر عن الخط التحريري للمؤسسة ويساهم في صياغة توجهات الرأي العام.

هذه النتائج بينت ظهور مفهوم جديد لحقوق المرأة في المجتمع ككل ولدى النساء الشابات بالخصوص مغايرة للتفكير النسوي، تتمثل في عدم مناصرة قضايا المرأة من المهنيات أنفسهن بدعوى الالتزام بمعايير المهنية والحيادية. كما بينت النتائج في جانب آخر وجود فرص وإضاءات يمكن تثمينها لصالح تموقع أفضل للمرأة ضمن المشهد الإعلامي. وتهم هذه التوصيات الإعلاميين/ات وكذلك الناشطات في الحقل السياسي والجمعياتي على المستوى المحلي.

و في هذا السياق يدعو التّقرير إلى أخذ التوصيات التالية بعين الاعتبار:

بخصوص الإعلاميين/ات:

  • تنظيم حوارات ولقاءات لبحث التوجهات العامة في المجال الحقوقي عامة وحقوق المرأة بالخصوص بحضور الناشطات والقياديات على المستوى المحلي،
  • تكثيف تنظيم المسابقات في المجال الإعلامي وعدم الاكتفاء بمسابقات سنوية مع تنويع الموضوعات،
  • إعداد خطة لإدماج مفاهيم النوع الاجتماعي وحقوق المرأة في المناهج الدراسية ومساقات كليات ومعاهد الإعلام،
  • تضمين مفهوم التكافؤ في اختيار المصادر في كافة المسابقات وورش التدريب على أساس أنها من المعايير المهنية وقواعد الجودة في المنتوج الإعلامي،
  • التعريف بقصص حياة المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة وتخصيص جوائز تخلد أسماءهن.

بخصوص القياديات على المستوى المحلي:

  • تنظيم دورات تدريبية حول آليات التعامل مع الإعلام مع تشريك الإعلاميين/ات فيها بهدف خلق شبكات تواصل بين الفئتين،
  • تنظيم دورات تدريبية في التعامل مع وسائل الإعلام وتقنيات مخاطبة الناس عبرها،
  • تنظيم ورش تدريب وإنتاج صحفي للإعلاميين/ات مع التركيز على المواضيع التي تتضمن عددا كبيرا من الصور النمطية مع إيلائها الأهمية التي تستحق باعتبارها في علاقة وثيقة بالحياة اليومية للمواطن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

بسام عيشة

خبير استشاري في مجال حقوق الإنسان والتنمية

اترك تعليقاً