المنتدى الثقافي العربي البريطاني يُنظم ندوة تحت عنوان «ليبيا إلى أين؟»

نظم المنتدى الثقافي العربي البريطاني ندوة عبر الدوائر المغلقة، شارك فيها عدد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية والإعلامية من مختلف الدول العربية حول الأزمة الليبية الحالية تحت عنوان “ليبيا إلى أين؟”.

وافتتح الندوة الدكتور رمضان بن زير رئيس المنتدى بكلمة رحب في بدايتها بالمشاركين بورقات بحثية وكذلك السيدات والسادة الصحفيين المتابعين للندوة.

وأضاف يقول: “نلتقي اليوم لنتحدث حول ليبيا باعتبارها واحدة من بلدان الثورات العربي للإجابة على السؤال موضوع الندوة في الجوانب السياسية والاقتصادية والإدارية بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن الليبي.

وتابع د. بن زير: “وقبل إعطاء الكلمة للمشاركين نريد أن نذكر بتواريخ مهمة ساهمت في الأزمة الحالية من أهمها إعلان حفتر انقلابه على الشرعية بتجميد عمل المسار التشريعي المتمثل في ذالك الوقت المؤتمر الوطني العام الذي تم انتخابه انتخابا حرا وشفافًا وفي جو ديمقراطي شهد به الجميع في الداخل والخارج.

وأردف يقول: “ليبيا قبل هدا الانقلاب لم تكن تعاني من أي أزمة طيلة السنوات 2011-2012-2013.. في منتصف 2014 تم انتخاب مجلس النواب ليتولى السلطة من المؤتمر الوطني بالرغم من حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بعدم شرعية انتخابه لكنه تجاهل هذا الحكم بدعم من رئيس بعثة الـمم المتحدة في ذالك الوقت.. استغل حفتر وداعميه الانقسام الذي حصل بعد حكم المحكمة لزيادة الاحتقان في البلاد.

وطالب د. بن زير كل النخب الليبية بعد سقوط مشروع الحكم الشمولي بقياد حفتر على أسوار العاصمة والذي يتحمل وداعميه المسؤولية الأخلاقية على كافة الجرائم التي ارتُكِبت بسبب عدوانه على العاصمة أن تساهم في بناء ليبيا جديدة الدولة المدنية الديمقراطية دولة القانون والمؤسسات.

وأضاف د. بن زير يقول: “علينا أن نُعبر من خلال هذا المنبر عن انزعاجنا من بعض النخب الدين يقفون على حياد في الأزمة الليبية خاصة في ظل انتهاكات قيم ومبادئ حقوق الإنسان.. للأسف علمنا التاريخ أن الحكم الدكتاتوري في كل زمان ومكان لا يمكن أن يستمر إلا بدعم من يسمون أنفسهم بالمثقفين”.

واختتم د. بن زير كلمته الافتتاحية بقوله: “نتمنى لندوتكم النجاح والخروج بتوصيات تساهم في حل الأزمة الليبية وفق الإطار العام لاتفاق الصخيرات المعتمد من قِبل مجلس الأمن الدولي والمنبثق عنه مجلسي النواب والدولة والمجلس الرئاسي.

بعدها قام الأستاذ علي الحاج نائب رئيس المنتدى بإدارة الندوة وإعطاء الكلمات حيث أعطيت الكلمة للباحث التونسي البشير الجويني باحث في العلاقات الدولية والمختص في الشؤون الليبية.

وقدم الأستاذ الجويني عرضا مختصرا ومبسطا حول آخر التطورات الميدانية في ليبيا وانعكاساتها على المنطقة عموما وتونس بالأخص على اعتبار قرب المسافة والترابط الجغرافي والاجتماعي والتأثيرات السياسية لما يجري في ليبيا على الساحة التونسية وانعكاساته السياسية والاقتصادية.

ثم أعطيت الكلمة للدكتور محمد إسماعيل أستاذ جامعي والمستشار بوزارة الخارجية الليبية، لتقديم ورقته تحت عنوان “ليبيا ما بعد الحرب على طرابلس”.

وقد تضمنت الورقة الإجابة على عدة أسئلة منها هل حكومة الوفاق تملك رؤية لهذه المرحلة؟ وما هي التحديات؟.

وقال د. إسماعيل: “السؤال المطروح في هذه الندوة ليبيا إلى أين؟ قد تم طرحه قبل سقوط القذافي.. ما أريد أن أؤكده هنا أن حكومة الوفاق لم تكن لها رؤية واضحة ولم تقدم حتى الآن أي مبادرة لحل الأزمة الليبية بعكس عقيلة صالح رئيس برلمان طبرق الذي قدم مبادرة وبغض النظر عن جديتها.

وأضاف: “أما النقطة الثانية التي أريد الحديث عنها هي أن الملف الليبي قد أصبح ملفا دوليا بامتياز بعد اتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين حيت تم اعتماد ما تمخض عنهما من قبل مجلس الأمن الدولي.. النقطة الأخرى ليبيا في حاجة إلى تشكيل حكومة منفصلة عن المجلس الرئاسي لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجها”.

من جانبه تناول الأستاذ محمد كشادة في ورقته، التدخل الروسي وتساءل ما هي مصالح روسيا في ليبيا؟ هل هي العقود الموقعة أيام نظام القذافي؟.

وأضاف أن التدخل الروسي من خلال شركة الفاغنر قد أربك المشهد الليبي بدعمهم لمشروع حفتر.

وأشار إلى أن أطماع روسيا في ليبيا ليست جديدة بل ترجع إلى القرن الثامن عشر عندما طالبت الدولة القرمانلية تخصيص قاعدة البومبا البحرية بالقرب من درنة، ثم جدد ستالين الطلب نفسة بعد الحرب العالمية الثانية بطلب الولاية على ليبيا.

وتابع يقول: “اليوم وفي سنة 2020 تحاول روسيا إيجاد موطأ قدم من خلال دعمها لمشروع حفتر حيث تم رصد تدخلات الفاغنر منذ سنة 2016.

أما الدكتور محسن الدريجة أستاذ الاقتصاد ورئيس مؤسسة الاستثمار الليبية الأسبق أكد في مداخلته على أن فكرة توزيع الدخل على الأقاليم غير مقبولة، وأن سبب هذا الطرح غير المنطقي جاء بسبب انقسام مؤسسات الدولة.

وأضاف يقول: “أما التدخلات الأجنبية فهي بسب عدم التفاهم بين الأطراف السياسية الليبية فهذه التدخلات هي التي تغدي الانقسام.. وأن عملية إغلاق النفط كلفت ميزانية الدولة 120 مليار دولار وهذا أمر ضار بالاقتصاد الوطني فاستخدام النفط كوسيلة ضغط سياسية عبت غير مبرر.. كذالك التعنت والتعصب والتمسك بالمواقف مشكلة خطيرة لأن روح العمل الجماعي مفقودة عند أغلب الأطراف”.

واختتم الدريجة مداخلته بقوله: “ليبيا مرشحة خلال 6 السنوات القادمة أن يتضاعف دخلها القومي وستكون في حاجة إلى العمالة لتشغيل كافة موارد الدولة.. علينا أن نعمل جميعا على الحفاظ على مستقبل ليبيا كدولة مستقلة”.

ثم أعطيت الكلمة للدكتور عمر عثمان زرموح أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية ورئيس منظمة الحوار الوطني الذي قدم ورقة بحثية بعنوان “حول التسريبات المتعلقة بتوزيع العائدات النفطية”.

وقال د. زرموح: “قد يساهم في الإجابة على سؤال الندوة في الجانب الاقتصادي، أن القول بتوزيع الثروة بين الأقاليم هو نوع من الهراء وأفكار سطحية وساذجة ومرفوضة ومخالفة لكافة القوانين”.

وأضاف: “القول بتوزيع العائدات النفطية بين الأقاليم ليس له أساس في النظرية الاقتصادية ولا يوجد شيء اسمه توزيع الثروة بل هناك نظرية لتوزيع الدخل وهي مختلفة عما يروج له البعض في ليبيا حاليا.. كذالك عملية تسييس النفط أمر خطير والصحيح هو أنه يجب إبعاد قطاع النفط عن كافة المناكفات السياسية.

وأشار د. زرموح إلى أن سياسة مصرف ليبيا المركزي المنفردة بقفل منظومة الاعتمادات قد ساهمت في رفع أسعار النقد الأجنبي في السوق السوداء.

وأردف يقول: “الأسوأ هو ما يشاع عن فتح حساب مما يعد مسا بالسيادة الليبية يذكرنا ما كانت تعاني منه العراق في برنامج النفط مقابل الغذاء، وهذا ارفضه شكلا وموضوعا ومخالفا للقانون الليبي علاوة على مساسه بالسيادة الليبية.. الموارد النفطية ليست من حق الجيل الحالي فقط بل هي حق للأجيال القادمة أيضا.. فالعدالة لا تتحقق بزج قطاع النفط في السياسة بل تتحقق بأن يؤدي كل واحد دوره بصورة صحيحة وعلى الأخص مجلس النواب والمصرف المركزي”.

كما أشار د. زرموح إلى تصريحات رئيس مؤسسة النفط من أن ما تم تسريبه غير صحيح حيث قال د. زرموح: “ليته سكت عند هذا لكن رئيس المؤسسة أضاف أن المؤسسة سوف تحتفظ بإيرادات النفط في حساباتها وهذا خطير ومرفوض لأسباب كثيرة أهمها أن احتفاظ بالإيرادات في حسابات المؤسسة لا يستند على أساس قانوني وسيكون له أثر اقتصادي سلبي وخطير على سعر الصرف والميزانية العامة للدولة لا يختلف عن أثر إقفال النفط”.

واختتم د. زرموح بحته بقوله: “العدالة تتحقق في الاستفادة الصحيحة من الموارد النفطية واحترام التشريعات القائمة وان يعمل المصرف المركزي على القضاء على السوق السوداء وأن يقوم مجلس النواب بواجبه في اعتماد الميزانية بدلا من الترتيبات المالية”.

وقد عضو المكتب السياسي لحزب طلائع الحريات في الجزائر محمد حسان ورثة للرؤية الجزائرية لحلحاة الأزمة الليبية.

وجاء في الورقة: “يُمثل حل الأزمة الليبية بالنسبة للجزائر أولوية استراتيجية باعتبار أن ليبيا تعد امتدادا لعمقها الإستراتيجي وبداية لاستقرار المنطقة كلية وتبنى المقاربة الجزائرية للحل على عدم إقصاء أي طرف وعلى إعادة بناء مؤسسات الدولة بطريقة توافقية تشمل المكونات الأساسية للبنية المجتمعية الليبية، وبناء ثقة بين هذه المكونات بإطلاق مسار مصالحة تتحول فيه القوى الإقليمية لضامن بدل من بقاءها محركا للوضع”.

ثم أحيلت الكلمة للدكتور محمد الحراري أستاذ القانون العام ووزير الحكم المحلي الأسبق الذي أكد على أن عدم الاستقرار المؤسسي كان سمة التنظيم السياسي والإداري لكافة الأنظمة التي عرفتها ليبيا بعد الاستقلال الأمر الذي لم يسمح بتطور أي نظام بشكل طبيعي كما ان مؤسسة الدولة ذاتها كانت محل تساؤل، وأن بدأت تتبلور بعد إلغاء النظام الفدرالي عام 1963، إلا أن انقلاب القذافي أحدث انقطاع وأوقف هذا التطور، ولم تعرف ليبيا طيلة فترة حكمه أي استقرار، بل أن فكرة السلطة الشعبية ذاتها لم تعرف تحديدا أو ثبات يسمح بظهور أعراف وتقاليد في الحكم والإدارة، بل كان فكر القذافي ينحو نحو اللادولة، ويظهر ذلك من خطبه وما خطه في الكتاب الأخضر وشروحه، وفيلسوفي انقلاب أحمد إبراهيم وكتابه (الثورة والدولة) ورجب بودبوس وفكره الفوضوي (الفوضوية)، خاصة بعد إلغاء البلديات، التي سبق ظهورها الدولة في لبيبا، وكان ذلك في 1992 في ظل قانون الهيكلة الإدارية.

وأضاف د. الحراري أن الثورة ورثت شتات من نظام صعب تحديده ومركزية قوية للسلطة والإدارة، في ظل غياب كامل للأحزاب والدستور وعدم الاستقرار لم يسمح بظهور تقاليد ولا أعراف في الحكم والإدارة لهذا كان لزاما على الثورة أن تفرض واقع وإلا فأنها ستسمح بأن يفرض عليها واقع، من هنا كان على الحكومة الانتقالية الأولى بعد الثورة أن تعمل لتقديم نموذج، فعملت على إعادة الاستقرار، وإعادة إنتاج النفط لمعدلاته الطبيعية، وتحديد ملامح بعض السياسات الخارجية والداخلية، وكان من أهم ما أصدرت من تشريعات بخصوص الحكم المحلي، الذي كانت تطمح من خلاله لإزاحة الظلم بقتل التهميش، والدفع بالتنمية المحلية المستدامة والدفع بمشاركة المواطنين في ‘دارة شؤونهم.

واختتم د. الحراري مداخلته بقوله: “كان الهدف أيضاً هو تكوين سلطة مركزية قادرة على بسط نفوذها على كامل أرجاء الدولة والحكم المحلي سيؤدي إلى تخفيف الأعباء على السلطة المركزية مما سيسمح لها بالتطور والتمكين.. وبصدور القانون رقم 59/2012 حاولت الحكومة تحقيق بعض هذه الأهداف، وللأسف لم يسمح لها الوقت بوضع كامل هذه الأهداف موضع التنفيذ الفعلي (عمر الحكومة كان تسعة أشهر).. ولكنها تركت قانون 59 بلوائحه وخرائطه وتقسيماته الإدارية وتنظيم كافة الوزارات وتحديد اختصاصاتها وإعادة إنتاج النفط لمعدلاته التي كان عليها قبل الثورة”.

أما الدكتوره ماجدة الفلاح فكان لها تعقيب حول دور القبيلة بقولها: “لو اقحمنا القبيلة في السياسة فهذا يؤدي إلى عدم الاستقرار في ليبيا.. إن ـغلب المدن الليبية الكبيرة خاصة في المنطقة الغربية لا يوجد للقبيلة أي دور.. يمكن للقبيلة ـن يقتصر دورها على الجانب الاجتماعي وليس السياسي.. يمكن للقبيلة ـن تساهم في عودة النسيج الاجتماعي الذي تمزق بفعل الحرب على العاصمة”.

وأضافت د. ماجدة: “بعد هذه الحرب علينا أن نقوم بوضع إطار تنظيمي لكافة الكتائب المسلحة وكذلك عدم التركيز فقط على الجانب السياسي.. يجب وضع رؤية واضحة لمعالجة الجانب الاقتصادي وكذلك المصالحة الوطنية بعد ما قام به حفتر من هجوم على طرابلس”.

واختتمت بقولها إن ما تقوم به الجزائر باعتمادها على القبائل خطأ كبير.

ثم تدخلت الأستاذة ليلى بدر التي أشادت بأهمية هذه الندوة والإجابة على السؤل المطروح ليبيا إلى أين؟.

وأضافت: “أقول.. الأزمة الليبية مرشحة للدخول في منعطفات أكبر وأخطر فلنعمل جميعا من أجل إنقاذ ليبيا من الانهيار”.

ثم أختُتِمت الندوة بعد أكتر من 3 ساعات من المناقشات الإيجابية بين المشاركين.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً