الوداع الأخير.. رواية عن الحب والخيانة والاستغلال في مجتمع مأزوم

تحاكي الرواية الواقع المرير في المجتمع العربي المتأزم. [إنترنت]

تتطرق رواية ”الوداع الأخير“، الصادرة حديثا، للأديبة الجزائرية نوال سلماني، للقضايا الشائكة في المجتمع العربي المأزوم، والطبقية وما يرافقها من استغلال وظلم يودي بالحب إلى منحدرات الخيانة والانحراف عن جادة الصواب.

وتحاكي الرواية الواقع المرير، مُحللة ظاهرة الخيانة وتفاصيلها وأسبابها، وانعكاس الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المشاعر الإنسانية.

وتمتد أحداث الرواية على فترات زمنية طويلة، تصل إلى نصف قرن، في حواضر عدة؛ منها بيروت والقاهرة وباريس، إذ يعاني بطلها ”فريد“ من تشوهات نفسية عميقة، إلى جانب تشوه وجهه بحادث مأساوي، لتحفر في وجدانه خيانة محبوبته ”جيهان“، التي تبيع جسدها مقابل المال.

وتتأزم حالة ”فريد“ مع وصول خبر زفاف ”جيهان“ بعد أن استغلته واستولت على أمواله التي كان يغدقها عليها وعلى عائلتها الفقيرة، فيأخذ منه اليأس كل مأخذ ويكفر بجميع المشاعر، إلى أن يلتقي في باريس بالفنانة التونسية ”نور“.

وتتعقد أحداث الرواية وتتشابك فيها العلاقات الإنسانية، بلقاء غير متوقع في بيروت بعد مرور عقود، لدى وقوع ابنة ”جيهان“ بحب ”فريد“، كما تتطرق الرواية لويلات الحرب، وانعكاساتها المأساوية على الأفراد في العالم العربي، دون أن تغفل خيانة الأوطان.

وتقول الكاتبة في روايتها: ”منذ أن عصفت بنا الحرب اللئيمة، وتساعر لهيب شرهم المستعر قام خونة الوطن بتمهيد وتسهيل دخـول الأعداء للوطن، وحينما علمت أن الوضع يزداد سوءا وتدهورا، خرجت مع إخوتي نحو قبرص“.

وتضيف: ”نجونا بأعجوبة من الرصاص والذبح والخطف، ولكن أخي أمير لم يخرج معنا، اعتقدت أنه سيلتحق بنا وخاب ظني؛ فقدناه في الحرب، لا أعلم إن كان ميتا أم حيا، أبقاه حب الوطن والدفاع عنه، أين هو؟ ومع من؟ وكيف حاله؟ وإن كان قد توفي، بأي زاوية من الوطن قد دُفِن؟ هل كفنوه؟ هل صلوا عليه مثل أي قتيل“.

وتتساءل الكاتبة قائلة: ”أيها الأحياء أهذه لبنان أم مقبرة الحياة؟ أيها العائدون المجروحون الخائفون أهذه أرضنا أم قطعة سوداء أرض للغرباء؟ لاحظت مشردات يبتن في العراء، والتقيت بنساء يبحثن عن فلذات أكبادهن، عن أشقائهن، وآبائهن، يبكين يصرخن، ويقعن على الأرض مضطربات، في وجوههن ملامح العذاب والاحتياج والشقاء، ترهقهن المسكنة“.

وتتابع قائلة: ”أتدري ما حل بهن؟ الاغتصاب والتعذيب، أتدري ماذا حل بهن؟ هن فضلن البقاء في الوطن وخدمته والدفاع عنه، والبقاء كان له ثمن، الأغنياء هاجروا والبؤساء من دفعوا بأبنائهم ودمائهم من أجل تحريرها من البطش والحرام والفساد“.

وتعج الرواية بالبحث عن المجهول وتقصي خفايا الأماكن وخصوصيات الحقب التاريخية، في بحث حثيث عن معنى للحياة.

وفي حديث خاص لـ“إرم نيوز“؛ قالت سلماني إن ”الرواية تتضمن دراسة تحليلية عن أسباب الحرب الأهلية اللبنانية، وأدرجت القصة ضمن هذه الأحداث وكنت على تواصل مع لبنانيين؛ بعضهم أفادني والبعض لم يزودني بأي معلومة حول هذه المأساة، لا أعلم لمَ، ربما هو الخوف من إعادة ذكرها“.

وأشارت إلى أنها اعتقدت ”حسب ما يقولونه (تنذكر ولا تنعاد إن شاء الله)، وأرى أن ما عانى من ويلات الحرب لا يزال حبيسا لأحداثها المدمرة، وحافزي لكتابة هذه الرواية أنني أردت بث رسالة للبشرية، تركز على ضرورة حب العائلة وتقديسها، وتسليط الضوء على ظواهر سلبية؛ أبرزها الجشع الذي يعمي أصحاب القلوب القاسية“.

وأضافت سلماني: ”اتبعت في الرواية مبدأ التسلسل الزمني مع التقطيعات بين المدن أحيانا، والاعتماد في بعض الفصول على تيار الوعي لإضفاء جاذبية على السرد، وجذب فضول القارئ لمعرفة التفاصيل“.

وتقع رواية ”الوداع الأخير“، وهي من إصدارات دار ”ببلومانيا“ للنشر والتوزيع، مصر، في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، في 205 صفحات من القطع المتوسط.

الكاتبة في سطور

نوال سلماني، روائية وشاعرة جزائرية، تبلغ من العمر 30 عاما، وتعمل مشرفة تربوية في المرحلة الثانوية.

سبق أن أصدرت رواية ”أحببت ملكًا“ عام 2018، وكتاب ”رسالة إلى فلذات أكبادنا“ 2019، ولها قيد الطبع رواية ”صعيدي من نوع خاص“، ورواية ”سيدة الظلام“، ومجموعة ”ساندي وقصر الذهب“ القصصية للأطفال“.

وسلماني عضو الاتحاد الدولي للأدباء والشعراء العرب في مصر، وعضو الأكاديمية الدولية للدراسات والعلوم الإنسانية .

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً