بوكا أنشودة الحرية

بوكا أنشودة الحرية

لا يشك عاقل في أن الجنرال الأسير قد انهار وسقط سقوطا مدويا على أعتاب أسوار العاصمة والتي كانت دائما عصية على الغزاة طوال التاريخ ولم يكن ذلك إلا لعقم تفكيره الجنوني فمنذ أن لبس الرجل البدلة البيضاء وطرد رئيس مجلس النواب من احتفال تخريج الضباط بمنطقة توكرة أدرك الجميع أن قذافي جديد آخر طل برأسه من ثقافة الديكتاتورية وبرزت أنيابه الدموية وأصبحت مؤسسة الجيش الوليدة مسخرة فقط ليصل هذا الضابط الانقلابي وأبنائه إلى السلطة واليوم وقد انهزم على ايدي شباب زادهم فقط الإيمان والتضحية ليزول وهم العظمة والقومجية والذي أفقد الليبيين خمسين عاما من حياتهم وصنع لهم جحيما لا يُطاق وأصنام أسقطتها إرادة الليبيين.

اليوم اجتماع القاهرة هو إعلان للهزيمة ومحاولة بناء موقف متماسك للبقاء على طاولة المفاوضات لتمثيل النظام المصري والمنهزم دائما وطوال التاريخ فقد كانت مبادرة المصريين مضحكة فهي تتضمن شروطا يجب أن يلتزم بها المنتصرون وتلك سابقة تسجلها العقلية المصرية والتي غالبا ما تبتعد عن المنطق والعقل فهم يدعون الشباب الوطنيين المقاتلين إلى تسليم سلاحهم إلى ميليشيا حفتر والتي تتشرف بوجود محمود الورفلي والمطلوب دوليا وقادة مليشيات قبلية معروفون بالاسم والوصف.

المنطق يقول أن حفتر قد انتهى غير مأسوف عليه كأفشل عسكري فتاريخه دموي لم يتأثر يوما لمقتل جنوده بل كان يعدم المصابين منهم فالقائد العسكري الناجح هو من يحقق النصر بأقل خسائر ممكنة ويكفي انه لتحرير حيين في منطقة بنغازي ولم يزد عدد الشباب المقاومين له عن مائتي مقاتل خسر سبعة آلاف جندي ودمر وسط المدينة وسرقت مليشياته مئات الملايين من سوق العرب.

ولعل هذه الحرب بالرغم من تكاليفها من أبنائنا في كل الصفوف درسا قويا وصلت نتائجه كل متر مربع حل به هذا الطاغية فلم يكن أهل طرابلس يدركون حجم المعاناة عند ثوار بنغازي ولم يكن البعض يدرك معاني صرخات واستغاثة أطفال قنفودة فقط الآن أدرك أهل قصر بن غشير وأبوسليم والمطار وأدرك أهل ترهونة ومصراتة أن بن حميد وبوكا وجلال مخزوم واحمد بوحجر لم يكونوا إرهابيين وإنما كانوا سدا منيعا عطل هذا الدكتاتور عن الوصول إليهم عدد سنين.

لقد صنع أولئك الأبطال تابوتا محكما لأحلام هذا المجرم فسلام لأرواح تلك النفوس الطاهرة التي لم تنتظر تلفونات السفراء والوزراء ولا يعرفون الفنادق الفاخرة ولا يعرفون معنى الاعتمادات ولا يعرفون الحبري ولا الصديق الكبير ولا يعرفون شوارع جنيف ولا برلين ولا حتى الصخيرات.

كانت سلامة الوطن ونجاته من الديكتاتورية وانتصار الحرية هي راياتهم فسلام لهم حتى يوم الدين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

سالم المعداني

كاتب ليبي

اترك تعليقاً