“بيطبب العين عورها”…زيدان يفقد توازنه

“بيطبب العين عورها”…زيدان يفقد توازنه

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

هل يعقل أن نسمع ونرى ما يجري الآن من صراع بين الفرقاء من ساستنا؟! وما تلك الاتهامات المتبادلة التي تدور بين رأس الحكومة التنفيذية وأعضاء من الحكومة التشريعية إلا دليلا على مدى تغلغل الصراع واحتدامه بينهما,أولئك الساسة الذين أمنهم الشعب على مصيره ومستقبله, ليتقوا الله فيه ويحكموا بما يمليه الواجب والضمير لماذا نجدهم اليوم أكثر خلافا ومفاتيح للفتنة التي تتربص بليبيا؟! كيف وهذه الحال يمكن لنا أن نثق بعد ما جرى ويجري بين ساستنا من شقاق وان ننتظر منهم ما يلم الشمل ويرقع بياد ثوبنا قبل ان تمزقه الخطوب!

لقد تعرض السيد زيدان إلى عملية اعتقال غير شرعية بكل المقاييس وربما أصابه ما أصابه من سوء المعاملة وحتى الاهانة التي لا تليق بمسئول في مستوى رئيس الحكومة! لكن ذلك قد يكون متوقعا في دولة لا سيادة للقانون فيها بل لا سلطة راسخة موحدة تضبط الأمور شبه دويلة لا جيش ولا شرطة فيها بالمفهوم المتعارف عليه وهل زيدان نفسه لا يدرك حقيقة ذلك ومدى هشاشة الوضع المني والفوضى التي تحكم البلد! ام انه يحاول مكابرا تجاهل ذلك وهو الذي يعيش الواقع على رأس السلطة لأزيد من عام!.. هل غرق في أحلام يقظة حتى يطمئن إلى أوهام زائفة يتخيلها ولا يعيشها! لقد كانت عملية اعتقاله بمثابة الصعقة الكهربية التي نأمل ان توقظه من سباته فيعود إلى حقيقة الواقع المعاش بمرارته ليبدأ من ثم في التفكير العملي المنطلق من الواقع لإيجاد مخرجا له ولحكومته من ورطته التي أقحم نفسه فيها مدفوعا برغبة شديدة في الحكم وان لم يفقه فنونه!

نستغرب لماذا السيد زيدان لا يزال يعيش في أوهام عالمه الخاص فيتغافل عن مآل الحال في ليبيا والى ما وصلت إليه من تفكك واحتقان وفوضى؟! ..لقد قدمت النصائح لزيدان أكثر من مرة لكنه للأسف لم يلتفت إليها إما تكبرا وإما استخفافا وإما جهلا وإما خوفا! لكنه حتما لن يستطع الصمود أكثر أمام الأزمة خاصة بعد أن أقحم نفسه في تجاذبات وصراعات كان يمكن تفاديها لو توفرت له الحنكة السياسية وبعد النظر الذي يفتقده الكثير من ساستنا الذين زجوا بأنفسهم في المعترك وهم لا يملكون العدة والعتاد اللازمين ويقتقدون الخبرة السياسية التي تؤهلهم لقيادة هذه المرحلة وثبت فشلهم في كثير من المواقف, وهم الآن رهن موقف يتطلب منهم شجاعة تدفعهم إلى الاعتراف بعجزهم والتراجع خطوة للوراء لفتح الطريق أمام قيادات وطنية ذات تجربة ورصيد سياسي وشعبي مناسب لهذه المرحلة الحاسمة.

هل من الحنكة السياسية أن يعلن رئيس الوزراء عن أسماء ويتهم أشخاص من بينهم أعضاء في البرلمان قبل إجراء التحقيق المناسب؟! وفي بلد يعاني الانفلات ويرتكز على الاصطفاف القبلي والجهوي المتكئ على قوة السلاح لا القانون!. ان ما ذهب إليه زيدان من شخصنه موضوع اعتقاله وذكره لأسماء بعينها يزيد الأمر تعقيدا فما كان ينبغي ان يحدث ذلك بالنظر الى معطيات الواقع الراهن المحتقن أصلا. لقد كنا نتوقع أن يكون زيدان اكبر من ذلك وان يضحي من اجل الوطن ويترك الأمر للتحقيقات السرية وان لا يبادر بفتح النار على خصومه فموقعه يحمله مسئولية كبرى تتلاشى عندها الاعتبارات الشخصية, للأسف قد فتح زيدان ملفا بتصريحاته مما نتج عنه ردود أفعال كانت أيضا قوية وتشتم منها رائحة الخلاف الكبير! الذي قد يقسم البلد إلى صفين ويزيدها هما جديدا!

السؤال الذي يبرز الآن: رغم خطورة الموقف وإدراك زيدان.. لماذا صرح بما صرح به؟! وهل كان ذلك بإرادته؟! أم أن هناك من دفعه الى ذلك مرغما؟! في كل الأحوال سيكون زيدان حتما كبش الفداء! وهو بهذه الحالة كمن يريد تطبيب العين فيفقأها وينطبق عليه المثل الشعبي بالخصوص, رغم خيبات الأمل نأمل ان يتعقل ساستنا ويتنازلون عن عنادهم وعن شخصنة الأمور وان يراعوا الله في ليبيا وشعبها ولو لوقت قصير.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً