تداعيات إستنساخ المشهد الليبي في اليمن!!

تداعيات إستنساخ المشهد الليبي في اليمن!!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

بكل مرارة ينظر المرء اليوم الى حال الشعب اليمني وهويعاني ويلات حرب اهلية جديدة ، طرفاها ابناء الشعب الواحد!.. لقد كنا نتمنى ان يتعافى اليمن سريعا من الآم ما يسمى “ثورات الربيع العربي!” وخاصة حينما ذعن الرئيس السابق علي صالح للمبادرة الخليجية وخرج من المشهد اواخر عام 2011! ولقد استبشرنا خيرا في اليمن بعد ان نهجوا الحوار ، والتأموا جميعا في ملتقى حواري وطني شامل ، تمخضت عنه جملة من التوافقات الوطنية ، تقود جميعها الى التحول من حالة الثورة الى الدولة وبناء مؤسساتها الدستورية. وكان ذلك ممكنا جدا بالنظر الى حالة عدم الاحتقان، وتجاوز ظروف الانتفاضة في ظل وجود جيش وطني وشرطة!، الا ان ذلك الوضع لم يروق للبعض من سماسرة الحروب وتجار السلطة ،  فعملوا على تقويض ذلك وادخلوا البلد من جديد في دوامة صراع وتقاتل اهلي كان طرفاه الحوثيون وأنصار الرئيس المعزول من جهة وأنصار الرئيس الحالي من جهة اخرى!

انه بعد تدخل ما يسمى بقوات التحالف بقيادة السعودية ، لصالح قوات الرئيس الحالي ومشاركتها العسكرية ، من خلال الضربات الجوية لمواقع الحوثيون وأنصارهم ، دخلت اليمن في منزلق خطير هو تماما استنساخ حرفي للمشهد الليبي ، وان تداعيات ذلك ولاشك قياسا على الحالة الليبية ستكون جد خطيرة وتتمثل فيما يلي:

1- توسيع حالة الانقسام بين ابناء الشعب اليمني وما يترتب عنها فيما بعد من نتائج سلبية تفكك اللحمة الوطنية وتضرب النسيج الاجتماعي

2- ارهاق واستنزاف قدرات الجيش اليمني المادية والبشرية وما يترتب عن ذلك من مضاعفات قصيرة وطويلة الامد

3- تمكين الطرف المدعوم من التحالف من الانتصار استنادا على التفوق العسكري والغطاء الجوي “كما حدث في ليبيا” وهو ماينتج عنه تصنيف الشعب اليمني لفئتين (المنتصرون والمهزومون)

4- توحش الفريق المنتصر ومحاولته فرض رؤاه بالقوة “كما حدث في ليبيا” وماينتج عن ذلك من حدوث صراعات انتقامية ذات منحى قبلي او جهوي او حتى ديني تكون سببا في التهجير ونزوح الكثير

5- غرق البلد في حالة من الفوضى الامنية والاقتصادية والسياسية “كما حدث في ليبيا” مما يضاعف من ويلات ومعاناة الشعب اليمني اقتصاديا وامنيا واجتماعيا

وحتى يتفادى الاخوة في اليمن مثل هذا المنزلق الخطير، عليهم ان يفكروا برويّة في مستقبلهم ، وان يعتبروا من الدرس الليبي ، فليس امامهم وقد بلغ الوضع ما بلغه من تقاتل واحتراب اهلي ، الا الركون الى طاولة الحوار الذي من خلاله يمكن الوصول الى حالة من التوافق ولو بالحد الادنى بما يساعد اليمنيين على تجاوز محنتهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الاوان!. واقعيا لن يتمكن اي طرف وان انتصر بمساعدة الاخرين من بسط سيطرته على اليمن ، وبالتالي حكمها بالنظر الى انقسام الجيش وتفتته وامتلاك الجميع لنفس نوع السلاح! لذا يستوجب على اليمنيين الاسراع واستدراك الامور ومسابقة الوقت مهما كانت التنازلات لالتئام الحوار من جديد وإحداث حالة توافق جمعي تقود الى تأسيس الدولة التوافقية الراسخة ، وإعادة بنائها من جديد وبمشاركة الجميع! ان ذلك يختصر طريق السلم والأمن الاجتماعيين ، ويقلل من حجم الخسائر بشريا وماديا.. فهل يعي اليمنيون الدرس ويتنازلون قليلا ليتحاوروا ويقللوا من حجم خسائرهم؟! ام هل تراهم يعاندون فيستنسخون المشهد الليبي ويضيعون الفرصة ويكونوا مجبرين لدفع فاتورة عالية التكاليف بشريا وماديا قد تدخلهم في دوامة الدولة الفاشلة!

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً