في خطوة استثنائية لم تُسجّل منذ أكثر من أربعة عقود، يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدام أداة قانونية نادرة تعرف باسم “إلغاء الجيب” لإلغاء نحو 5 مليارات دولار من المساعدات الخارجية ومخصصات عمليات حفظ السلام التي أقرّها الكونغرس.
وأفادت صحيفة واشنطن بوست أن ترامب أبلغ الكونغرس رسميًا برغبته في إلغاء هذه الأموال، في خطوة تأتي ضمن جهوده المتواصلة لتقليص ما تصفه إدارته بـ”الإنفاق غير الضروري” في البرامج الدولية.
وتُعتبر آلية “إلغاء الجيب” مناورة قانونية مثيرة للجدل، تُستخدم عادة في المراحل النهائية من السنة المالية التي تنتهي في 30 سبتمبر، وتتيح للرئيس وقف تمويل بنود محددة دون الحاجة لموافقة الكونغرس، شريطة أن تُقدّم بعد انتهاء الفترة المخصصة لدراسة الاعتمادات.
ويشير محللون إلى أن هذه الآلية نادرة جدًا، ولم تُستخدم على نطاق واسع منذ عهد الرئيس جيمي كارتر في عام 1977، ما يجعل خطوة ترامب حديثة واستثنائية.
الأموال المستهدفة بالإلغاء تشمل:
- 3.2 مليار دولار من مساعدات التنمية عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
- 322 مليون دولار من صندوق الديمقراطية المشترك بين الـUSAID ووزارة الخارجية.
- 521 مليون دولار لمساهمات الدولة في المنظمات الدولية.
- نحو 838 مليون دولار من مخصصات عمليات حفظ السلام، منها 393 مليون دولار مخصصة لأنشطة الأمم المتحدة، و445 مليون دولار تحت بند منفصل.
وكانت هذه الأموال مجمّدة سابقًا بقرار من مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض، قبل أن تدخل في نزاع قضائي رفعت خلاله منظمة “مجلس الصحة العالمي” دعوى احتجاجًا على تجميد التمويل. وألغت محكمة الاستئناف في دائرة العاصمة واشنطن الحظر المؤقت، ما أتاح أمام ترامب إمكانية تنفيذ خطوته لإلغاء الاعتمادات.
وتشمل البنود الملغاة مشاريع تعتبرها إدارة ترامب “إسرافية” أو “مثيرة للجدل”، مثل:
- 24.6 مليون دولار لبرامج التكيف المناخي في هندوراس.
- 2.7 مليون دولار لمؤسسة في جنوب إفريقيا نُسب إليها نشر محتوى عنصري.
- 3.9 مليون دولار لدعم الديمقراطية في أوساط مجتمع المثليين في غرب البلقان.
- 1.5 مليون دولار لتسويق لوحات فنية للنساء الأوكرانيات.
كما تشمل التخفيضات دعم بعثات حفظ السلام في مناطق ساخنة، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تشارك الولايات المتحدة في جهود وساطة مع رواندا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، التي يُتهم فيها بعثة الأمم المتحدة بالانحياز لمصالح روسيا التجارية.
وبين البنود العسكرية الملغاة:
- 11 مليون دولار لشراء ناقلات جنود مدرعة لقوات الأوروغواي.
- 4 ملايين دولار لمركز تدريب في زامبيا.
- 3 ملايين دولار لثكنات عسكرية في كازاخستان.
ويُستثنى من القرار الدعم المالي لبعثة المراقبة متعددة الجنسيات على الحدود المصرية الإسرائيلية، ما يعكس حرص الإدارة على الحفاظ على بعض التزامات الأمن الإقليمي.
ويثير استخدام “إلغاء الجيب” جدلاً قانونيًا واسعًا، إذ يرى مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي (GAO) أن هذه الممارسة قد تنتهك قانون مراقبة الحجز لعام 1974، الذي يلزم الرئيس باتباع إجراءات رسمية، منها منح الكونغرس 45 يومًا للبت في طلبات الإلغاء.
وتعتمد إدارة ترامب على سوابق من عهد الرئيسين جيرالد فورد وجيمي كارتر، حيث سمح مكتب المحاسبة بانتهاء صلاحية بعض الاعتمادات دون اعتراض، لكن الوضع القانوني اليوم أكثر تعقيدًا.
وتشير المصادر إلى أن محكمة الاستئناف قضت مؤخرًا بأن الأفراد لا يملكون الحق في رفع دعاوى بناءً على قانون مراقبة الحجز، ما يفتح المجال أمام مكتب المحاسبة لاتخاذ إجراء قانوني محتمل ضد القرار، مما يزيد من الجدل حول شرعية خطوة ترامب.
وتعد هذه الخطوة جزءًا من سياسة أوسع لإدارة ترامب للتركيز على “الإنفاق الحكومي الفعال” وتقليص الدعم المالي للمشاريع الدولية التي تعتبرها الإدارة مثيرة للجدل أو غير ضرورية، بما يشمل برامج التنمية والمساعدات الإنسانية والديمقراطية وعمليات حفظ السلام في مناطق النزاعات حول العالم.






اترك تعليقاً