«العمال الكردستاني» يبدأ تسليم السلاح رسمياً.. نهاية 4 عقود من الصراع المسلح

بدأ حزب العمال الكردستاني، اليوم الجمعة، رسميًا تسليم سلاحه، في خطوة وُصفت بالتاريخية، إيذانًا بإنهاء أكثر من 40 عامًا من الصراع المسلح مع تركيا، حيث جرت مراسم البداية بشكل رمزي في منطقة سورداش بمحافظة السليمانية شمال العراق، داخل كهف “جاسنه” التاريخي، حيث قام عشرات المقاتلين بإحراق أسلحتهم داخل مراجل معدنية، وسط إشراف أمني مشدد ومنع للصحفيين.

هذه المبادرة جاءت استجابة لدعوة زعيم الحزب عبد الله أوجلان، الذي أعلن في رسالة مصورة نهاية الكفاح المسلح، ودعا إلى الانتقال الكامل للعمل السياسي تحت مظلة القانون، ويُنتظر أن تُستكمل العملية على مراحل حتى سبتمبر المقبل، ضمن خطة من خمس مراحل تشمل: المبادرة السياسية، نزع السلاح، تفكيك الميليشيات، إعادة الإدماج القانوني، والتكامل الاجتماعي والنفسي.

وتشرف على العملية لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الجيش والاستخبارات التركية، وبتنسيق مباشر مع حكومتي بغداد وأربيل، وبمشاركة أعضاء من اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى ممثلين عن أحزاب كردية ويسارية.

العمال الكردستاني يحرق سلاحه في السليمانية ويؤكد التزامه بالسلام: “نتخلص بحرية من أسلحتنا”

أعلن حزب العمال الكردستاني، خلال مراسم رمزية جرت في مدينة السليمانية شمال العراق، عن تخلصه الطوعي من السلاح، مؤكداً تصميمه على إنجاح مسار السلام والتحول الديمقراطي، وذلك استجابة لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان، وفي سياق ما وصفه بـ”خطوة تاريخية نحو المجتمع الديمقراطي”.

وقال الحزب في بيان رسمي: “نتخلص بحرية من أسلحتنا أمامكم كخطوة حسن نية وتصميم على النجاح العملي لعملية السلام”، مضيفاً أن هذه المبادرة تستند إلى دعوة أوجلان في 19 يونيو 2025، ونداء السلام في 27 فبراير، وقرارات المؤتمر الثاني عشر للحزب.

وأضاف البيان أن الخطوة تهدف إلى مواصلة “النضال من أجل الحرية والديمقراطية والاشتراكية من خلال الأساليب السياسية والقانونية”، مشيراً إلى أن النضال كان ثمنه باهظاً، لكن الحزب اليوم يعتز بتحقيق مبدأ الاعتماد على السياسة لا السلاح.

وشدد الحزب على أن هذه المبادرة تأتي في ظل الحاجة المتزايدة لحياة سلمية وديمقراطية في الشرق الأوسط، ودعا جميع القوى السياسية والاجتماعية، في المنطقة والعالم، إلى دعم عملية السلام وضمان الحقوق المشروعة للشعب الكردي.

كما دعا إلى “مواصلة النضال من أجل الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان”، وتعزيز التضامن الديمقراطي والاشتراكي على المستوى الدولي، مؤكداً أن “الظلم والاستغلال سينتهيان، وستسود الحرية والتضامن”.

وكان الحزب قد أعلن في مايو الماضي عن قراره بحل نفسه وإنهاء الصراع المسلح المستمر مع تركيا منذ أكثر من أربعة عقود.

ردود الفعل التركية

وصفت الرئاسة التركية ما حدث بأنه “نقطة تحول لا رجعة فيها”، واعتبرته مؤشرًا واضحًا على نهاية حقبة دموية، وبداية مستقبل خالٍ من الإرهاب. وقال مسؤول رفيع في الرئاسة إن الخطوة تندرج ضمن المرحلة الثالثة من عملية نزع السلاح والتفكيك، مؤكدًا التزام أنقرة بدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الدائمة والاستقرار الإقليمي.

 أردوغان يشيد ببدء “العمال الكردستاني” تدمير أسلحته ويصفه بخطوة أساسية نحو “تركيا خالية من الإرهاب”

أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة 11 يوليو، ببدء حزب العمال الكردستاني في تدمير أسلحته، واصفًا الخطوة بأنها تطور مهم وأساسي على طريق تحقيق هدف بلاده في القضاء التام على الإرهاب.

وكتب أردوغان على منصة “إكس”: “آمل أن تكون هذه الخطوة المهمة التي اتُخذت اليوم في طريقنا نحو تركيا خالية من الإرهاب خيرًا”، “اللهم وفقنا في تحقيق أهدافنا من أجل أمن أمتنا.. وإرساء سلام دائم في منطقتنا”.

وتابع باللغة التركية: “نتمنى أن تثمر الخطوة المهمة التي اتُّخذت اليوم في طريقنا نحو تركيا خالية من الإرهاب عن نتائج مباركة، نسأل الله أن يوفقنا لتحقيق أهدافنا من أجل أمن بلادنا، وطمأنينة شعبنا، وإرساء سلام دائم في منطقتنا”.

وكان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جليك، قد أكد في بيان رسمي إطلاق المرحلة الأولى من عملية تسليم وتدمير أسلحة حزب العمال الكردستاني، في إطار برنامج “تركيا بلا إرهاب”.

وقال جليك: “اليوم، تم اتخاذ الخطوة الأولى لنزع سلاح مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وتدمير أسلحتهم، ضمن رؤية وطنية متكاملة تهدف إلى القضاء على التهديدات الإرهابية بشكل دائم”، “هذه لحظة تاريخية في مسيرة الجمهورية التركية نحو التخلص من هذا التهديد الذي استمر لعقود”.

وأضاف أن الدولة اتخذت “جميع التدابير اللازمة لتطبيق برنامج تركيا بلا إرهاب في جميع المناطق”، مشددًا على ضرورة “استكمال عملية نزع السلاح بالكامل، وتدميره، بالإضافة إلى حل جميع فروع الحزب وتحديد هويتها دون تأخير”.

في سياق متصل، أكد حزب العدالة والتنمية الحاكم أن العملية الجارية لا تشمل فقط حزب العمال الكردستاني في العراق، بل تمتد أيضًا إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا، وحركة “بجاك” الكردية في إيران، وكل أذرع منظومة المجتمع الكردستاني “KCK”، بما فيها وحدات حماية الشعب (YPG) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD).

وأوضح المتحدث باسم الحزب، عمر جليك، أن تركيا ستواصل الضغط لتفكيك كل التنظيمات المرتبطة بـ”PKK” سياسيًا وأمنيًا، مشددًا على أن بقاء “قسد” خارج بنية الجيش السوري يشكل تهديدًا مزدوجًا لكل من تركيا وسوريا، داعيًا إلى دمجها تحت سلطة الدولة السورية.

السياق السياسي والأمني

يأتي هذا التحول عقب إعلان الحزب في مايو الماضي حل نفسه، وإبداء استعداده لوقف كامل للأعمال المسلحة. وقد سبقته خطوات ميدانية تمثلت بإغلاق بعض الأكاديميات التدريبية في شمال العراق وسحب مجموعات من المقاتلين من مناطق التماس مع القوات التركية.

بالموازاة، قالت مصادر أمنية إن المرحلة الثانية من عملية نزع السلاح ستُنفذ خلال الأيام المقبلة، وسط ترتيبات أمنية دقيقة وتنسيق ثلاثي بين أنقرة وبغداد وأربيل، وسط تأييد ملحوظ من بعض الأطراف السياسية الكردية.

آفاق المرحلة المقبلة

تُطرح في البرلمان التركي مبادرة لتشكيل لجنة إشراف وطنية لمتابعة تطبيق اتفاق نزع السلاح، والتعامل مع المقاتلين السابقين، سواء من استسلموا طوعًا أو تورطوا في عمليات عنف.

ويُنظر إلى هذه الخطوة كفرصة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة التركية والمجتمع الكردي، وتحقيق مصالحة مستدامة قد تعيد التوازن إلى ملفات إقليمية معقدة، خاصة في سوريا والعراق، وتفتح الطريق لتفاهمات أمنية جديدة بين أنقرة وحكومات الجوار.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً