حكومة “الوفاق الدولي” أهون الضررين، فهل يدعمها الليبيون؟!

حكومة “الوفاق الدولي” أهون الضررين، فهل يدعمها الليبيون؟!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

بعد حوالي 14 شهرا من الجولات الحوارية المستمرة ، حسمت الامم المتحدة الامر بدفع قوي من الدول الكبرى ، والتي كانت حاضرة بقوة في مؤتمر روما حول ليبيا بتاريخ 3-12-2015م ، لذلك تقرر ان يتم التوقيع النهائي يوم الخميس الموافق 17-12-2015 بالصخيرات المغربية ، وقد تم فعلا توقيع الاتفاق السياسي ، بحضور اعضاء عن المجلس والمؤتمر يرأسهما رئيسا الوفدين للحوار ، وهما النائبان الاولان في كل من المؤتمر والمجلس ، وبذلك اعلن عن حكومة “الوفاق الدولي” برئاسة السيد السراج بإرادة اممية ، وتحت ضغوط دولية ، والتي توجب ان يعترف بها العالم من خلال الامم المتحدة ، كجسم شرعي واحد في ليبيا دون سواه.

ان هذه الحكومة بالرغم من عدم رضا كل الليبيين عليها ، تحقق الحد الادنى من التوافق بين اطراف الصراع في ليبيا حاليا ، وعلى الليبيين دعمها والوقوف معها دون تردد ، لا من باب التوافق عليها فهم المغيبون دائما! ولكن من باب الحرص على ان لا يستمر نزيف البشر والحجر وكل الثروات الليبية المستباحة!. وعلى الليبيين ان لا ينجرّوا وراء الدعوات الخادعة المحمومة ، التي تسوّق لها اجندات مختلفة ، هدفها التمسك بالسلطة والحكم بأي ثمن! ، تحت ستار الوطنية الكاذبة تارة وتحت مبررات رفض التدخل الاجنبي تارة اخرى ، من قبل الذين رحبوا وهللوا بالأمس لتدخل  الاجنبي “الناتو” عسكريا ، وانقلب مزاجهم اليوم فأصبحوا يعتبرون رعاية الامم المتحدة للحوار بين الليبيين بعد ان اختلفوا وتباعدوا ، عدوانا ومؤامرة كبرى واستعمارا جديد!!.

لا عجب اليوم من مواقف بعض المتشددين في الغرب والانفصاليين في الشرق ، فهم قد وجدوا البيئة المناسبة لهم ، ولا يروق لهم انتهاء فترة الفوضى والعبث ، وعودة الروح للمنظومة الامنية الليبية المتمثلة في الجيش والشرطة ، بما يسهم في عودة الامن والاستقرار للشعب والدولة ، ان العجب اليوم هو صمت الشعب الليبي المعيب وكأنه راض بما فعلته فيه حكومات العبث المتوالية ، من قتل وتشريد وتهجير وتجويع وانهيار مالي واقتصادي! فهل يعقل ان لا يكون وجود حكومتين منفصلتين واحدة في الشرق والأخرى في الغرب دافعا اساسيا لدعم حكومة واحدة ، وهي التي توافق عليها العالم ويعترف بها ويدعمها.

على الليبيين ان يدركوا ان رفض حكومة الامر الواقع هذه ، قد يكلفهم الكثير وسيضاعف من معاناتهم امنيا ومعيشيا وسياسيا ، حيث لا بديل افضل منها في هذا الظرف وفقا لمعطيات الواقع المريرة. وعلى الليبيين التحلي بروح التعاون والنظر الى مستقبلهم ، وعدم الركون الى سلبيتهم المعهودة التي حتما ستقودهم الى ما هو اسوأ ، ان الوضع في ليبيا اليوم بلغ حدا من الخطورة لا يمكن الاستمرار فيه ، فالانفلات الامني مقرونا بالانهيار الاقتصادي اصبح واضحا للعيان ولا لبس فيه ، وان لم يستدرك الليبيون امرهم ويستعجلون دعمهم ومساندتهم لحكومة واحدة ، توافق عليها العالم وقرر دعمها ومساندتها فستضيع عليهم حتما فرصة تاريخية لن تتكرر ابدا.

ايها الليبيون لا تصدقوا دعوات الخداع والزيف التي يطلقها الواهمون من هنا وهناك ، ولا تصدقوا دعاوى الوصاية الدولية او غيرها من المصطلحات ، التي قصد بها تضليلكم والاستهتار بعقولكم! فبلدكم لا يزال مكبلا بقرارات الفصل السابع من مجلس الامن الدولي منذ مارس 2011 ، ولا يزال ساريا مفعوله حتى الآن ، والى ما شاء الله من الوقت القادم ، ان منطلق الحرص على الوطن هو ما يدفعنا لقول هذا ، وليس ذلك من باب الرغبة المطلقة ، لكنه التعامل مع الواقع وفق معطيات فرضت علينا ، ولا خيار بديل افضل يمكن الالتجاء اليه ، فترتيب الاولويات يقتضي ذلك والخيارات الاخرى كلها كارثية ، من التقسيم الى الحرب الاهلية الشاملة الى التدخل الاجنبي خارج السيطرة ، فأين المفر!؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً