بعد حوالي 14 شهرا من الجولات الحوارية المستمرة ، حسمت الامم المتحدة الامر بدفع قوي من الدول الكبرى ، والتي كانت حاضرة بقوة في مؤتمر روما حول ليبيا بتاريخ 3-12-2015م ، لذلك تقرر ان يتم التوقيع النهائي يوم الخميس الموافق 17-12-2015 بالصخيرات المغربية ، وقد تم فعلا توقيع الاتفاق السياسي ، بحضور اعضاء عن المجلس والمؤتمر يرأسهما رئيسا الوفدين للحوار ، وهما النائبان الاولان في كل من المؤتمر والمجلس ، وبذلك اعلن عن حكومة “الوفاق الدولي” برئاسة السيد السراج بإرادة اممية ، وتحت ضغوط دولية ، والتي توجب ان يعترف بها العالم من خلال الامم المتحدة ، كجسم شرعي واحد في ليبيا دون سواه.
ان هذه الحكومة بالرغم من عدم رضا كل الليبيين عليها ، تحقق الحد الادنى من التوافق بين اطراف الصراع في ليبيا حاليا ، وعلى الليبيين دعمها والوقوف معها دون تردد ، لا من باب التوافق عليها فهم المغيبون دائما! ولكن من باب الحرص على ان لا يستمر نزيف البشر والحجر وكل الثروات الليبية المستباحة!. وعلى الليبيين ان لا ينجرّوا وراء الدعوات الخادعة المحمومة ، التي تسوّق لها اجندات مختلفة ، هدفها التمسك بالسلطة والحكم بأي ثمن! ، تحت ستار الوطنية الكاذبة تارة وتحت مبررات رفض التدخل الاجنبي تارة اخرى ، من قبل الذين رحبوا وهللوا بالأمس لتدخل الاجنبي “الناتو” عسكريا ، وانقلب مزاجهم اليوم فأصبحوا يعتبرون رعاية الامم المتحدة للحوار بين الليبيين بعد ان اختلفوا وتباعدوا ، عدوانا ومؤامرة كبرى واستعمارا جديد!!.
لا عجب اليوم من مواقف بعض المتشددين في الغرب والانفصاليين في الشرق ، فهم قد وجدوا البيئة المناسبة لهم ، ولا يروق لهم انتهاء فترة الفوضى والعبث ، وعودة الروح للمنظومة الامنية الليبية المتمثلة في الجيش والشرطة ، بما يسهم في عودة الامن والاستقرار للشعب والدولة ، ان العجب اليوم هو صمت الشعب الليبي المعيب وكأنه راض بما فعلته فيه حكومات العبث المتوالية ، من قتل وتشريد وتهجير وتجويع وانهيار مالي واقتصادي! فهل يعقل ان لا يكون وجود حكومتين منفصلتين واحدة في الشرق والأخرى في الغرب دافعا اساسيا لدعم حكومة واحدة ، وهي التي توافق عليها العالم ويعترف بها ويدعمها.
على الليبيين ان يدركوا ان رفض حكومة الامر الواقع هذه ، قد يكلفهم الكثير وسيضاعف من معاناتهم امنيا ومعيشيا وسياسيا ، حيث لا بديل افضل منها في هذا الظرف وفقا لمعطيات الواقع المريرة. وعلى الليبيين التحلي بروح التعاون والنظر الى مستقبلهم ، وعدم الركون الى سلبيتهم المعهودة التي حتما ستقودهم الى ما هو اسوأ ، ان الوضع في ليبيا اليوم بلغ حدا من الخطورة لا يمكن الاستمرار فيه ، فالانفلات الامني مقرونا بالانهيار الاقتصادي اصبح واضحا للعيان ولا لبس فيه ، وان لم يستدرك الليبيون امرهم ويستعجلون دعمهم ومساندتهم لحكومة واحدة ، توافق عليها العالم وقرر دعمها ومساندتها فستضيع عليهم حتما فرصة تاريخية لن تتكرر ابدا.
ايها الليبيون لا تصدقوا دعوات الخداع والزيف التي يطلقها الواهمون من هنا وهناك ، ولا تصدقوا دعاوى الوصاية الدولية او غيرها من المصطلحات ، التي قصد بها تضليلكم والاستهتار بعقولكم! فبلدكم لا يزال مكبلا بقرارات الفصل السابع من مجلس الامن الدولي منذ مارس 2011 ، ولا يزال ساريا مفعوله حتى الآن ، والى ما شاء الله من الوقت القادم ، ان منطلق الحرص على الوطن هو ما يدفعنا لقول هذا ، وليس ذلك من باب الرغبة المطلقة ، لكنه التعامل مع الواقع وفق معطيات فرضت علينا ، ولا خيار بديل افضل يمكن الالتجاء اليه ، فترتيب الاولويات يقتضي ذلك والخيارات الاخرى كلها كارثية ، من التقسيم الى الحرب الاهلية الشاملة الى التدخل الاجنبي خارج السيطرة ، فأين المفر!؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً