ترسم الولايات المتحدة خطة واسعة لإعادة تنظيم هيكل القيادات العسكرية العليا في الجيش الأميركي، في إطار مراجعة شاملة يقودها مسؤولون كبار في وزارة الدفاع، بهدف تقليص عدد المناصب العسكرية العليا من فئة الأربع نجوم وتسريع آليات اتخاذ القرار داخل المؤسسة العسكرية.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الخطة، التي لا تزال قيد الإعداد داخل البنتاغون، تتضمن خفض مستوى عدد من القيادات القتالية الكبرى وإعادة توزيع الصلاحيات بين كبار القادة العسكريين، بما يعكس توجهاً استراتيجياً لإعادة ترتيب أولويات الانتشار العسكري الأميركي عالمياً.
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مطلعين أن المقترح يشمل تقليص نفوذ ثلاث قيادات جغرافية محورية هي القيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الأوسط، والقيادة الأوروبية، وقيادة إفريقيا، عبر وضعها تحت مظلة كيان جديد مقترح يحمل اسم القيادة الدولية الأميركية.
وأشارت إلى أن الخطة تتضمن في المقابل إعادة ترتيب القيادتين المسؤولتين عن العمليات العسكرية في نصف الكرة الغربي، من خلال دمج القيادة الشمالية والقيادة الجنوبية في قيادة واحدة جديدة تحمل اسم قيادة الأميركيتين، في خطوة تنسجم مع توجه أوسع داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإعادة توجيه الموارد والتركيز الاستراتيجي بعيداً عن الشرق الأوسط وأوروبا، لصالح أولوية أكبر للنشاط العسكري في محيط الولايات المتحدة القريب.
وبحسب واشنطن بوست، فإن اعتماد هذه التغييرات سيؤدي إلى خفض عدد القيادات القتالية الأميركية من 11 إلى 8، مع الإبقاء على قيادات الهندي الهادئ، والسيبراني، والعمليات الخاصة، والفضاء، والاستراتيجي، وقيادة النقل ضمن الهيكل العسكري القائم.
ولفت التقرير إلى أن نقاشات داخل البنتاغون شهدت طرح أفكار إضافية، شملت استحداث قيادات جديدة أو دمج بعض القيادات الحالية، إلا أن عدداً من هذه التصورات جرى استبعاده أو تراجعت فرص اعتماده في المرحلة الحالية، بسبب مخاوف تتعلق بفقدان الخبرة الإقليمية وتعقيدات نقل المسؤوليات بين القادة.
وأكدت الصحيفة أن هذه المراجعة تتقاطع مع مضامين استراتيجية الأمن القومي التي صدرت هذا الشهر، والتي تشدد على تقاسم الأعباء مع الحلفاء، وتدفع نحو تركيز أكبر على أولويات تعتبرها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر إلحاحاً على صعيد الأمن القومي الأميركي.
وفي المقابل، أثارت محدودية التفاصيل المقدمة إلى الكونغرس بشأن هذه الخطة استياء عدد من المشرعين المعنيين بالملف الدفاعي، ما دفعهم إلى إدراج قيود في مشروع قانون تفويض الدفاع للسنة المالية 2026، تشترط تقديم وزارة الدفاع تقريراً تفصيلياً قبل تنفيذ أي خطوة لإلغاء أو دمج أو تفكيك قيادات قتالية.
وأوضح المشروع أن التقرير المطلوب يجب أن يتضمن شرحاً للتكاليف والجداول الزمنية والتأثيرات المحتملة على الردع العسكري والعمليات والعلاقات مع الحلفاء والشركاء، إضافة إلى فرض فترة انتظار محددة قبل السماح باستخدام التمويل لتنفيذ الخطة.
وفي سياق متصل، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يصنف مادة الفنتانيل على أنها سلاح دمار شامل، في خطوة غير مسبوقة توسع بشكل كبير صلاحيات الحكومة الأميركية في مكافحة المواد المخدرة المصنعة، التي تُتهم بالتسبب في عشرات الآلاف من الوفيات بجرعات زائدة سنوياً داخل الولايات المتحدة.
وأشار الأمر التنفيذي إلى أن الفنتانيل غير المشروع أقرب إلى سلاح كيميائي منه إلى كونه مخدراً، ما يعكس نية إدارة ترامب التعامل مع هذه المادة بوصفها تهديداً للأمن القومي، وليس مجرد أزمة صحية عامة.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال حفل في البيت الأبيض لتكريم أفراد الجيش المكلفين بدعم مراقبة الحدود الجنوبية مع المكسيك، إن الولايات المتحدة تصنف الفنتانيل رسمياً سلاحاً للدمار الشامل، مؤكداً تصعيد المواجهة مع عصابات المخدرات التي يتهمها بالسعي لإغراق البلاد بهذه المواد.
ويتيح هذا التصنيف للبنتاغون تقديم دعم مباشر لأجهزة إنفاذ القانون، كما يسمح لوكالات الاستخبارات باستخدام أدوات وإجراءات عادة ما تُخصص لمكافحة انتشار الأسلحة، في مواجهة شبكات تهريب المخدرات.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد صنفت عصابات المخدرات في وقت سابق من هذا العام منظمات إرهابية أجنبية، ما فتح الباب أمام تنفيذ عمليات عسكرية ضدها. ومنذ أوائل شهر سبتمبر، نفذت الإدارة أكثر من 20 ضربة على سفن يُشتبه في نقلها مخدرات في منطقتي البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، وأسفرت هذه العمليات عن مقتل أكثر من 80 شخصاً.
وتشير المعطيات الأميركية إلى أن المكسيك تعد المصدر الأكبر للفنتانيل المتجه إلى الولايات المتحدة، في حين يتم الحصول على عدد من المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيعه من الصين.






اترك تعليقاً