خليها تعفن.. من يحل لغز الأسعار؟ المنتج يشكو والمستهلك يبكي!

أطلق نشطاء ليبيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي دعوا فيها إلى مقاطعة منتجات الدجاج والبيض، التي ارتفع سعرها بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة.

وحملت الحملة التي تستمر أسبوعا شعار “خليها تعفن عندك” وبدأت بالفعل أمس السبت، بمشاركة واسعة من معظم الصفحات العامة في ليبيا، وانضم إليها صحفيون ومؤثرون على السوشيل ميديا.

وبات مصطلح “الدحي” من بين المصطلحات الأعلى تداولاً على “فيسبوك” تزامنًا مع انطلاق الحملة وقالت بعض الصفحات إن الأسعار بدأت بالانخفاض بالفعل بشكل نسبي.

حسني بي: لاتسأل عن الأسعار.. بل عن السياسة العامة

وفي تصريح لـ”عين ليبيا” قال رجل الأعمال الليبي حسني بي، إن “السعر ليس إلا معادلة بسيطة وتتمثل في مقدار العرض وما يقابله من الطلب على منتجات (بيض/دجاج/لحم)، مواد غذائية أخرى، وحتى الخدمات (هواتف/نقل//بناء) وكذلك العملة فالسعر نتيجة عرض مقابل طلب يسري على كل شيء من الأرض إلى البحر”.

وبحسب هذا الرأي، فإن المقاطعة بمعنى (تراجع الطلب) أو (انعدامه) ربما تكون مؤثرة جدا في السعر، خاصة أن منتجي البيض والدجاج لا يستطيعون تخفيف العرض كونها مواد قابلة للتلف بسرعة.

ووفقا لنشطاء، فإن نجاح الحملة سيكون بمثابة جرس إنذار للتجار الذين رفعوا أسعار بضائعهم بشكل كبير، لكن يبقى السؤال من يا ترى المسؤول عن وصول الأمور إلى هذا الحد؟.

يجيب حسني بي، على هذا السؤال محملا المسؤولية للسياسات العامة المسؤولة عن أي ظاهرة اقتصادية وقال: “لا تبحث عن مسببات ولا تبحث عن مؤامرات بل ابحث عن سياسات عامة لها تأثير مباشر على المعادلة طلب + عرض= سعر”.

وبدأت بعض الشركات تعلن عن أسعارها على مواقع التواصل، تزامنا مع بدء الحملة لتكسب الدعاية خلال فترة تعتبر مثالية نظرا لكثافة المتابعة وخاصة على “فيسبوك”.

وحددت إحدى الشركات أسعارها يوم أمس على النحو التالي:

ـ سعر كيلو الدجاج الحي 12 دينارا.

ــ سعر كيلو الدجاج المذبوح غدا جمله للكيلو 16.50 دينارا.

ــ سعر كيلو الدجاج المذبوح غدا جمله 3 كيلو فما فوق 15.75 دينارا.

ــ سعر البيض جمله اليوم للصندوق 160دينارا.

ــ سعر البيض الأحمر جمله اليوم ل لصندوق 160دينارا.

ولا تبدو هذه الأسعار مقنعة أبدا، حيث أن السعر قبل الحملة كان يتراوح بين 12 و13 دينارا، والانخفاض المعقول يجب ألا يقل عن 30 بالمئة، حسب منظمي الحملة.

وإذا كان الكل يبحث عن تحليل لظاهرة ارتفاع الأسعار في الأسواق الليبية وما هي الحلول وهل من شيء يمكن فعله، فإن التجار ورجال الأعمال هم الأقدر على تقدير الموقف.

ويقول حسني بي، إن السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا اليوم هو “لماذا ارتفع الطلب أو لماذا انخفض العرض” فالسعر ليس إلا نتيجة.

ويوضح رجل الأعمال الليبي، أنه يعتقد أن الطلب على اللحوم البيضاء ارتفع “بسبب ارتفاع تكاليف البدائل مثل أسعار اللحوم الحمراء (غنم وبقر) الناتج عن عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي”.

وهناك سؤال آخر يجب أن نسأله في أي أزمة اقتصادية، يتمثل بالبحث عن أثر سعر الصرف والسياسات النقدية على الأسعار، وهنا أيضا يجيب حسني بي بالقول “إن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار يكمن في ارتفاع الفجوة بين السعر الرسمي والموازي للدولار” مضيفا أن هذه الفجوة وصلت خلال الأشهر الأربعة الماضية إلى 50%.

وحاول مصرف ليبيا المركزي كبح أثر هذه الفجوة على الأسعار في السوق، من خلال منح اعتمادات للبيض والدواجن واللحوم جميعا بسعر 4.65 قبل فرض الرسم 27% الذي عمل به حتى نهاية فبراير 2024، وتم منح كل من له علاقة بسلسلة الغداء الحيواني وتعدت التغطية للطلب على الأعلاف والبيض المخصب وجميع أنواع اللحوم، لتغطية السوق حتى آخر شهر يونيو 2024.

وقال حسني بي، إن ذلك لم يساهم في انخفاض السعر وارتفاع العرض بل إن الطلب تعدى العرض ولم تنخفض الأسعار لمواجهة الطلب المتصاعد على اللحوم البيضاء مع ارتفاع كبير وسريع لسعر اللحوم الحمراء.

وأكد حسني بي أن الاقتصاد والمال والنقد مرتبط ببعضها البعض تطبيقا لنظرية “الأواني المستطرقة” مضيفا لا شيء في الدولة (الاقتصاد – المال) يعمل بمعزل عن الآخر الكل مرتبط.

ويراقب الليبيون بأمل حملة المقاطعة، لكن الأمور ليست بهذه البساطة، لأن السوق الليبية تعاني أصلا من تعطل قطاعات إنتاجية مهمة، وإذا تعرض قطاع الدواجن لهزة كبيرة فإنها مخاطرة اقتصادية قد تؤدي إلى خفض الأسعار مؤقتا لكنها قد تؤدي إلى تضرر القطاع برمته، لذلك لا بد من حضور الدولة والقيام بدراسة كلفة حقيقية لمنتجات البيض والدجاج حتى يتسنى لها تحقيق التوازن بين مصلحة المواطن ومصلحة التاجر أو المنتج تطبيقا للمثل الشامي الدارج (لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم).

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً