«داعش» يعود إلى البادية السورية

«داعش» يعود إلى البادية السورية

أحمد الخالد

صحفي وكاتب سوري

كان شمال شرق سوريا يتجه نحو الفوضى على مدى الأشهر القليلة الماضية وسط تصاعد العنف والإرهاب وإعادة  تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى القوته السابقة. بعد ما يقرب من خمس سنوات من وجودها في حالة سبات ، بدأ التنظيم الإرهابي زيادة نفوذه في سوريا. نظرًا لعدم السيطرة على الأراضي السورية، فقد حاوالوا أعضاء داعش إلى هجمات الكر والفر على المواقع المنعزلة وزرع عبوات ناسفة على طرق. وتستهدف هذه الهجمات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة ووحدات الجيش السوري العاملة في محافظتي الرقة ودير الزور شمال شرقي البلاد. في الوقت نفسه، تمكن الإرهابيون من استعادة شبكة أمان مالي من خلال ابتزاز الأموال من السكان المحليين، بما في ذلك أصحاب الأعمال الصغيرة والأطباء والمعلمين. هذا ويساهم انعدام الأمن إلى توسيع نطاق أنشطة التنظيم بشكل أكبر.

لم يعر تدهور الوضع الأمني في سوريا أي اهتمام من قبل المجتمع الدولي المشتت بسبب الصراع الأوكراني. في هذه الظروف، حصلت الولايات المتحدة على فرصة لكبح نفوذ روسيا  في سوريا وتقويض صورة القوة التي تظهرها موسكو في الشرق الأوسط.

شهدت المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوري والروس في دير الزور وحمص زيادة في الهجمات الدموية التي يُفترض أن ينفذها مقاتلو تنظيم داعش. وتمكن الإرهابيون من تجنب الانتقام من خلال التراجع إلى المناطق الحرام المتاخمة للقواعد الأمريكية، وهي الشدادي والمنطقة الخضراء بالقرب من معبر أبو كمال الحدودي وقاعدة التنف. علاوة على ذلك، فقد أعقب كل هجوم سابق للتنظيم في المناطق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة عمليات مشتركة لقسد والقوات الخاصة الأمريكية. لم يعد الأمر كذلك. تم تخصيص موارد كبيرة كان من الممكن استخدامها في عمليات مكافحة الإرهاب للحفاظ على الأمن في مخيم الهول حيث يحتجز قسد حوالي 12000 من مقاتلي داعش وأفراد أسرهم. نضف إلى ذلك التهديد الوشيك بالغزو التركي من الشمال. دخلت قوات سوريا الديمقراطية في طريق مسدود وتفقد تدريجياً السيطرة على المنطقة. بينما تستغل الخلايا النائمة لداعش الوضع لصالحها وتتسلل إلى مناطق سيطرة الجيش السوري.

هذه الشكوك أكدها مصدر رفيع في المخابرات السورية. وزعم المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته ، أن المروحيات الأمريكية نقلت 200 مقاتل سابق في التنظيم من سجون في حسكة إلى المنطقة الأمنية “55 كم” حول التنف. سيتم تشكيل مجموعات من 10 إلى 15 إرهابياً وبعد ذلك سيتم إرسال هذه المجموعات إلى المحافظات ذات وجود القوات السورية بما في ذلك حمص واللاذقية وطرطوس ودمشق لتنفيذ هجمات بالعبوات الناسفة في المواقع العسكرية الروسية. ينحدر معظم المسلحين المختارين من شمال القوقاز أو آسيا الوسطى وبالتالي يجيدون اللغة الروسية.

وأضاف المصدر أن قائمة الأهداف الأولية للإرهابيين تشمل مناجم الفوسفات في خنيفس التي تحرسها شركات أمنية روسية إضافة إلى القواعد العسكرية الروسية في اللاذقية وطرطوس ودمشق وحلب.

في نهاية المطاف، لن يصبح تجنيد أعضاء داعش لاستهداف للروس سوى تطور منطقي لسياسة “حرب الوكالات” التي تتبناها الولايات المتحدة في سوريا. بعد كل شيء، تقتل واشنطن عصفورين بحجر واحد من خلال زعزعة استقرار في منطقة النفوذ الروسي والاستفادة من إرهابيي داعش. ومع ذلك، هناك استنتاج آخر يجب التوصل إليه: لقد فشلت واشنطن في مهمتها الأولية لهزيمة داعش وهي تلجأ الآن إلى استخدام شظايا التنظيم الإرهابي في ألعاب القوة السياسية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أحمد الخالد

صحفي وكاتب سوري

اترك تعليقاً