ديوان المحاسبة ومعضلة العصابات

ديوان المحاسبة ومعضلة العصابات

لا يوجد بلد يكافئ السراق ويتسامح مع شذاذ الآفاق إلا ليبيا.. ليبيا يستمر نحرها عبر المنظومة الفاشلة التي تسيرها اليوم وكل جهود الخيرين من ديوان المحاسبة إلى قوة الردع الخاصة لن تسمن امام جرأة ووقاحة تلك العصابات من أرباب المليشيات.

السبب أنهم محميون وأن ما يفعل بليبيا مقصود وأن البلاد ليست بلادهم وأن ليبيا بالنسبة لهم هي الدجاجة التي تبيض ذهبا ليكون الذهب من نصيب أربابهم ومن تربوا في أحضانهم.. كيف تنهب المليارات جهارا نهارا ونحن من كنا نحاسب على السيارة الفارهة والقصر المنيف ونقول لصاحبه من أين لك هذا؟

كانت المحاسبة دقيقة والرقابة لصيقة والمعلومة وثيقة ومع ذلك لم نكن نقف إلا بشق الأنفس ما بالك اليوم وقد صارت البلاد أسيرة من لا يعمل إلا عمل الخيانة ويأكل أكثر مما ينتج إلا انتاج العمالة..

يا ديوان المحاسبة البلاد أفلست والإجراءات القديمة التي تهادن السراق وأرباب المليشيات أتت على الأخضر واليابس فكيف تسمحون بسرقة المليارات بحجة جلب المواد وأنتم تعلمون جيدا أن المواد المجلوبة أقل من المواصفات وأنها تدخل دون المرور على القنوات هذا إذا أتت وإلا فإن تلك الأموال ذاهبة لتأجيج الحروب بين أبناء الوطن الواحد وأنها تذهب لإنشاء دويلات فقهية داخل البلاد لتكون قنابل موقوتة..

يا ديوان المحاسبة عليكم بطلب الضمانات لمن جاءوكم عشاء يبكون وأنهم لصالح الشعب يعملون.. زمان أيام البدائية كانوا يضعون أبنائهم ضمانا لعودتهم بالأمانات إلى أصحابها وإلا فالشعب يتولى محاسبتهم عبر فلذات أكبادهم.. الزمان تغير إنما البشر هم البشر فهؤلاء هم أبناء أولئك..

لابد من تطوير الضمانات لتكون عارا وشنارا على المخالفين.. أين ضمانات أصحاب الحاويات الفارغة.. أين من وقع لهم بالموافقة وحول لهم أموال الليبيين ليعيدوها لهم موتا ودمارا وخرابا.. إذا كانت مدنهم هي التي ضمنتهم أو باسمها نهبوا فلتنشروا للشعب من أي مدينة هم وإلى أي عائلة ينتموا وإن كانوا ممن يمنون على الليبيين بالتحرير فيا ليتهم لم يفعلوا فلا حرية رأينا ولا خيرا تذوقنا..

إن وضع بيانات أصحاب الاعتمادات وصورهم أمام المساجد والمدارس لتكون محل بصق ولعنة من قبل الشعب الليبي قد يكون رادع لمن يخشى.. أما من لا يمكن الوصول إليهم وتستروا بأسماء وهمية فيجب تقديم بياناتهم إلى الأمم المتحدة ولجنة محاربة الإرهاب بمجلس الأمن لمتابعتها والقبض عليها لأنهم من رعاة الإرهاب وأن تلك الأموال تذهب للمنظمات الإرهابية لدعمها في إقامة حفلات الدم والكراهية للبشرية جمعاء..

الليبيون حولت أموالهم لغرض جلب سلع ومواد وهذه المواد والسلع لم تأتي وإنما الذي أتى هو السلاح والحروب والدمار إذا الأموال لم تحول لجلب القوت بل حولت لعصابات الموت وبالتالي لابد من أن نحمل المجتمع الدولي مسئولياته التي يتشدق بها علينا لمحاربة هذه العصابات الإرهابية معنا..

نوجه لومنا للجهات الرقابية ونطالبها بالولاء للوطن بعد الله بالمزيد من اليقظة والتيقظ فالبلاد هتكت استارها ولن نطمع بنهوضها إلا إذا تآزر أحرارها.. لاشي في ليبيا يثير الشهية سوى المال ولا مطمع فيها إلا من خلال أموالها وكل الشعارات التي ترفعها الأحزاب وينادي بها البرلمان ومن قبله المؤتمر إنما الغاية والغرض هو المال ولا وجود لوزارات ولا مديريات إنما هي أوكار لنهب المال وما نشاهده من تظاهرات ومؤتمرات ولقاءات إنما الهدف هو المال.. فلا يعتقد أحد أن هذه الأجسام التي نراها تصادر الحياة في وطني من المؤتمر إلى البرلمان هي أجسام بريئة بل هي عليلة وسقيمة وصبيانهم وغلمانهم وجواريهم هم من يتولى نيابة عنهم قتلنا والإجهاز علينا.. لكن في الوقت نفسه لا يعتقد أحد أن الضحك على الليبيين يمر وأن إفلاتهم من العقاب سيستمر فكل شيء له قدر.

أين برامج التنمية الموعودة وأين تطوير الشباب والرفع من كفاءتهم.. أين الرجل المناسب في المكان المناسب.. أين العدالة الاجتماعية.. أين خطط الوزارات الواقعية.. أين سطوة القانون واستقلالية القضاء التي أكلونا بها.. أين تقليص الفجوة بين المدخلات والمخرجات..

لا يمكن نجاح أي برنامج تنموي أو خطط للتطوير إلا بربط الإدارة التنفيذية مع المؤسسة التعليمية صاحبة نفس التخصص.. بمعنى أوضح.. ان وزارة الاقتصاد مثلا يجب أن تتبعها كليات الاقتصاد والمعاهد التجارية الخاصة والعامة بحيث تربطهما خطط واحدة ويكملان بعضهما البعض فترتبط المؤسستان عبر خطة علمية عملية تجعل للتعليم سطوته في تحديد الاحتياجات الحقيقية للسوق الليبي ويمكن عبر ذلك معالجة آفات كالبطالة وازدحام السوق بشغيلة لا حاجة إليهم وأيضا تقليص وإيقاف وتوجيه دفة التعليم وتخصصاته المتعددة حسب المصلحة الملحة والالتفات إلى أعداد نخب وكوادر فنية يمكننا بها الاكتفاء داخليا وتصديرها كخبرات على هيئة شركات متخصصة في الصيانة والانشاءات والتعمير..

العمل الخلاق يكون باستغلال الطاقات لا بإهدارها.. هذا ما ينقذ به البلد وهذا لا يكون بالكوادر الجهوية القبلية الحالية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً