كبوة ليون و”اغبياء كلينتون”!

كبوة ليون و”اغبياء كلينتون”!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

عندما يتغلغل الخبث السياسي بين سطور الصحف، ينفث سمه فينشره مريدوه في سرعة البرق، ليعكروا الرأي العام برائحة الخداع، فتنطلي الحيلة على البعض الغارق في الاوهام، لينطلق مرددا ما اشاعته تلك الصحف من خبث مبطن في غباء مفضوح!، فيأتي الدليل على من قصدتهم هيلاري كلينتون ووصفتهم بـ “الاغبياء”!، اولئك الذين دفعت بهم الصدفة ليكونوا قادة هذه المرحلة العبثية الهزيلة من التاريخ الليبي! ان ما سرَبته صحيفة الجارديان البريطانية عن السيد ليون من خلال مراسلاته الالكترونية مع وزير الخارجية الاماراتي لدليل واضح على ذلك الخبث السياسي المدفوع بأجندات خفية موجهة.

ان البحث والتفاوض على تقلد موقع ما هو عمل مشروع، ومن حق اي انسان في اي مكان، والعاملين في الجارديان انفسهم يتواصلون بالبريد الالكتروني اثناء الاعلان عن وظائف شاغرة ويتفاوضون معهم عن بعد!، وهم يدركون ايضا ان الاكفاء والمميزين هم من تسعى المؤسسات والمنظمات والمراكز الى استقطابهم وتوظيفهم للعمل بها، وهم كذلك يدركون ان ليون قد حقق نجاحا ملموسا في ملف المفاوضات الليبي وانه قد ادار الحوار بكفاءة وحرفية! لكن يبدو ان ما اقلق الذين يتعاطون السياسة وخبروا متاهاتها الاستخباراتية في الجارديان، هو ان ليون لم يخضع لضغوطهم ولم يتوافق مع ارادتهم فيما يرونه مناسبا حيال الازمة الليبية!  ولا يخفى على احد ان بريطانيا هي حاضنة الاخوان المسلمين الاولى ومبعث حزبهم، ففي لندن كان ولا يزال مقرهم التاريخي ومرجعيتهم السياسية، وان قطر تمتلك ما مقداره 17% من مؤسسة الجارديان!

لقد انتهز “اغبياء كلينتون” ذلك الامر وانطلقوا يكيلون التهم لليون وحكموا عليه بالفشل، معتبرين اياه منحازا لطرف دون اخر في ملف الحوار الليبي، في محاولة ساذجة للتشويه المتعمد لشخصه وهو الذي انتهت مهمته وعين له بديلا وكسب موقعا مرموقا في الامارات! لكن لا يخفى على العقلاء ان تلك الضجة الاعلامية الموجهة الى الرأي العام الليبي والدولي، تهدف في الواقع الى خلق مناخ جديد رافض للأمم المتحدة، ومحاولاتها في حلحلة الملف الليبي امعانا في استمرار حالة الفوضى والانفلات! فهم بذلك يضعون العراقيل امام مهمة المبعوث الاممي الجديد. اولئك الذين لا يريدون لليبيا الاستقرار ويصرون على خدمة اهدافهم واجنداتهم رغبة في السلطة والتحكم بمصير الشعب الليبي وثرواته!

المتتبع لمسيرة الحوار الليبي يدرك ان ليون قد عمل كل جهده، من اجل تقريب وجهات النظر بين الاطراف، وانه قد نجح الى حد ما في ذلك برغم كبر فجوة الاختلاف بين المتحاورين، وانه قد استطاع اقناع الكثير منهم ولم يتبق الا المتشددين من الطرفين، وتمكن من حصرهم في زوايا ضيقة ومكشوفة للجميع. وبمنظور العقل والمنطق فان لكل جواد كبوة! وليون ادى ما عليه ولكن المتحاورين فشلوا، بل منهم من اصر على الافشال واعد له العدة! ان خير رد على المتقولين في عدم حيادية ليون هي مخرجات الحوار نفسها، التي يحاول “اغبياء كلينتون” تجاهلها عمدا والتي جاءت توافقية بامتياز، مما جعل طرفي الحوار يتساوون في رفضها وعدم قبولها والمطالبة بتعديلها ! ان طلبات التعديل على كل المسودات لم تكن تأتي من طرف واحد بل كانت من كلي الطرفين ولعل المسودة النهائية خير شاهد على ذلك!

ترى هل كانت الجارديان ستنشر تسريباتها لو ان ليون  تفاوض مع منظمة او مركز ما في قطر او تركيا للعمل معهم!؟ بالتأكيد لا، وسيكون الصمت سيد الموقف! لكن في المقابل لو تسربت تلك الاتصالات فان البعض من الطرف الآخر  من”أغبياء كلينتون” سيكيل الاتهامات لليون ويشككون في حياديته ويشكونه كذلك للامين العام! وسنجد الضجيج الاعلامي يعلو صوته اسوة بضجيج اليوم. الاستنتاج المدهش هو ان المحصلة من الضجيجين ستكون واحدة!، الا وهي الدفع الى افشال الحوار ومخرجاته من الاتفاق السياسي الذي توافقت عليه الاطراف وتوج بتشكيل حكومة التوافق الوطني، وما يعنيه ذلك من استمرار لحالة الفوضى والانهيار للدولة الليبية!.

اتساءل بمرارة متى يستعيد الليبيون وعيهم ويدركون حقيقة ما يجري ضدهم من مكائد تستهدفهم في وجودهم ومصيرهم ومستقبلهم؟! متى يعود الليبيون الى رشدهم ويتعلمون كيف يفوتون الفرصة على اعدائهم المتربصين بهم؟! متى يفهم الليبيون انه ما حك جلدك مثل ظفرك وانهم هم مفتاح المشكلة ومغلاقها؟! فاذا ما تصالحوا وتوافقوا نجحوا وبقوا واذا ما تخاصموا واختلفوا فشلوا وانتهوا! الاسئلة الكبيرة التي تطرح نفسه الان هي: الى متى يستمر بعض ساسة المرحلة من الليبيين في غبائهم ووهمهم؟! والى متى يصرون على استمرار معاناة الشعب الليبي التي طال عهدها وتأجج اوارها!؟ والى متى يستمر البعض يصفق لفشل ليون ولا يدرك اننا نحن الفاشلون ونحن الذين نخرب بيتنا فوق رؤوسنا!؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • انت الفاهم الوحيد

    أخوان أخوان أخوان غولة غولة غولة واحد فيكم يعرف من هم الأخوان صح وبصدق ياسيد الكاتب انت واحد منهم يلي تعنيهم كلنتون وللاسف انتم الفاهمين كل شي والمثقفين والعارفين يا أخي قول كلام يصلح الحال اصف لنا دواء حب ليبيا بكل ما فيه وبدون تعصب خفي ،تركية (دولة الاخوان ) ياسيد على الاقل فاتحة دولتها للجميع الليبين بما فيهم انت .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً