ردود من ليبيا .. “ملعونة أم الغوغائية”

1000835_143711909163107_1434687563_n

كريمة إدريسي – هنا أمستردام – ” ملعونة أم الغوغائية”. “مثل هذه الحكاية تحدث عشرات المرات في اليوم في ليبانا الحبيبة. السلاح يحكم البلاد، وتكثر الحكايات المحزنة”.

جزء من تعليقين طويلين على تقرير إذاعة هولندا العالمية عن المحامية الليبية حنان نويصري والذي فجر نقاشاً متشعباً على مواقع الإعلام الليبي وعلى صفحات الشبكات الاجتماعية. صب النقاش في مجمله مرة في اتجاه حقوق المرأة الليبية وحقوق الطفل، وأخرى يكتسي صبغة جهوية باعتبار أن الحادثة وقعت في مصراته والمعتدى عليها من الشرق.

من أطرف وأجمل الردود التي تلقيناها، رسم كاريكاتوري أنجزه بالمناسبة الكاريكاتوريست الليبي المعروف “الساطور”، والذي وضع له عنوان تقرير الاذاعة.. فاستخدمناه بدورنا هنا مع الشكر له!

فدرلة وجهوية

وهذا المنحى الأخير يؤكد أن أيديولوجيا القبيلة وسياسة “فرق تسد” الديكتاتورية الاستعمارية، لا تزال متجذرة في ليبيا. بل إن المشهد التراتبي الهرمي يظل نفسه ولا يتغير، حين يتعلق الأمر بقضية طرفاها رجل وامرأة. هذه ليبيا التي يؤكد الأنثروبولوجيون رغم كل شيء، أن شعبها نسيج موحد ومبسط للغاية.

“دولة الفوضى والمليشيات والتكفير، هكذا هي ليبيا”، هذا ما نقرأه في تعليق ما.”دولة الاوباش للأسف”.

في الجانب السلبي للنقاش، كانت الجهوية حاضرة بامتياز وبدت مصراته مثل ضحية أريد لها من كل ما حدث التشويه فقط، “مصراتة بها نصف مليون نسمة وهى أشرف من أن تمسها أفواه حاقدة لا تراعي فيها شيخاً ولا عجوزاً، بسبب امرأة خالفت شرع الله ووالت النصارى “. هكذا جاء في واحد من التعليقات، فمن جهة كان هناك تهجم واضح على مصراته التي هي “فوق القانون” ودفاع مستميت من جهة أخرى على “مصراته الصمود” التي قدمت الغالي والنفيس في حرب تحرير شرسة. بل إن هناك من الشرق من أشهر فدرلته (تأييده لفكرة الفيدرالية) كرد على ما حصل للمحامية في الغرب!

دعم واستنكار

” عندما تعرف الشرطة العسكرية بمكان المجني وتتستر عليه، فهي في حكم المشاركة في الجريمة”، جاء في احد التعليقات.

أغلبية الردود استنكرت بشدة ما تعرضت له المحامية، وقدمت لها اعتذاراً عما حدث: “سامحينا يا أستاذة، وطن جاحد وناس أجحد … اعذرينا”.

وتتوالى الردود: “شنو هذا؟ السيدة من الوطنيات اللواتي جاهدن ضد الطاغوت. والدها قدم لهذا الوطن ما لم يقدمه من اعتدوا عليه”.

“هل ضاقت بهم لم يعد امامهم الا تهديد النساء و خاصة منهم الناشطات؟”.

وهو ما قد يرفع من معنويات المحامية نفسها، التي أصابها إحباط شديد تجاه الصمت الذي كنف قضيتها على كل المستويات، باستثناء مبادرات شخصية تعبر عن دعم معنوي، أغلبيتها من صديقاتها.

اشتباكات كتابية

وفي الردود كانت اشتباكات كلامية كثيرة بين من يساند المحامية وبين من يرى أنه على “انصار الشريعة” أن تتولى أمرها، لأنها تدافع عن حق “الكافرات” في أطفالهن الليبيين.

على جدار المحامية حنان نويصري، كتبت بنفسها رداً تقول فيه: “احد المعلقين يرى بأنني كافرة، لأنني أرى بأن الناس سواسية وأن الأجنبي صاحب حق على الأراضي الليبية .. و يرى بأن الأم الأجنبية لا حقوق لها وأن دعمي لهذا النوع من القضايا يعتبر جرماً وخيانة تستحق إحالة أوراقي على المفتي …عفوا على انصار الشريعة”.

حقوق الإنسان والإعلام

ويؤدي هذا النقاش الى إثارة موضوع حقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق المرأة والطفل بشكل خاص: “لا أجد وصفا لمن يحرم أماً حتى من رؤية أطفالها…فقد تجرد من أي صلة بالإنسانية وأبسط حقوق التعايش …. دين مين وأنصار اييييييه..”.

يضاف إلى هذا، إثارة موضوع دور المجمع المدني في معضلة كتلك التي واجهتها السيدة حنان نويصري، وبالخصوص المنظمات النسائية التي تتناسل وتتكاثر بعد الثورة في حجمها، وتظل في نوعيتها ضئيلة وغير مرئية.

وأثير ايضاً دور الإعلام الليبي، فتمت الاشارة إلى ان هامش حرية الاعلام المتوفر في ليبيا نسبياً، لا يتم استغلاله بسبب أدلجة الإعلام المحلي. هناك من قال: ” اغلب وسائل الإعلام عندنا مؤدلجة في تناولها لأي موضوع”، وتوجه إحدى الاعلاميات اعتذاراً للمحامية قائلة: “أنا حقا آسفة، أسفاً مهما كان، لا يكفي ليعبر عن تقصيري معك”.

يبدو أن الاعلام الليبي تجاهل كليا ما تعرضت له حنان نويصري، وإن كانت هناك بعض المحاولات الخجولة جداً. وحين نشرت مواقع إعلامية ليبية تقريرنا، كانت هناك دهشة واضحة.

بعضهم قال مشيراً إلى موقع إعلامي ليبي كبير: ” الذي استغربه أني أرسلت هذه التفاصيل كاملة في وقتها إلى هذا الموقع ولم ينشرها.. لكن في النهاية فإن نشر الموضوع يعتبر إنجازاً إعلامياً غير عادي”.

وهناك من تساءل أيضاً عن مصداقية الإعلام الداخلي، ألا تكون مؤكدة إلا إذا نقلت عن دولة تعرف الاعلام الحر مثل هولندا؟

ولا تنسى المحامية أن تشكر على جدارها الفيسبوكي اذاعتنا: ” شكر عميق لراديو هولندا الذى كان أكثر تضامنا و نخوة من إعلام الوطن وساكنيه”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً