في تصعيد جديد للأزمة التي أثارتها مجلة “ليمان” التركية الساخرة، ألقت السلطات التركية القبض على أصلان أوزدمير، رئيس تحرير المجلة، عقب عودته من فرنسا، على خلفية نشر رسم كاريكاتيري قيل إنه يُجسّد رسول الله ﷺ، ما أثار عاصفة من الغضب في الأوساط الشعبية والرسمية في تركيا.
وأكدت وكالة فرانس برس أن أوزدمير أُوقف في مطار إسطنبول، السبت، فور وصوله من باريس، بناءً على مذكرة توقيف صادرة بحقه في أعقاب الضجة الواسعة التي أثارها الرسم المنشور في عدد المجلة الصادر أواخر يونيو.
احتجاجات وتحقيقات واعتقالات
الحادثة دفعت السلطات التركية إلى فتح تحقيق رسمي مع هيئة تحرير المجلة، كما تم اعتقال أربعة موظفين من داخل مكتب “ليمان”، أحد أعرق المجلات الساخرة في تركيا. وتزامن ذلك مع خروج مظاهرات غاضبة أمام مقر المجلة في إسطنبول، ردد خلالها المحتجون شعارات منددة بما وصفوه بـ”الاعتداء الصريح على المقدسات الإسلامية”، كما وقعت أعمال شغب محدودة وتدخلت الشرطة لتفريق المتظاهرين.
رد فعل حكومي قوي
من جانبه، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحادثة بأنها “استفزاز دنيء”، مشيرًا إلى أن حرية التعبير لا تبرر بأي حال من الأحوال “إهانة القيم الدينية لشعب بأكمله”.
وقال أردوغان في كلمة ألقاها خلال اجتماع لحزبه: “لن نسمح بتحويل حرية الصحافة إلى أداة للتحريض على الكراهية والفتنة. من يتجاوز الخطوط الحمراء سيتحمل العواقب”.
رد المجلة: “لا علاقة للنبي بالرسم”
في المقابل، نفت هيئة تحرير مجلة “ليمان” أي نية للإساءة لرسول الله ﷺ مؤكدة في بيان رسمي أن الرسم لا يُمثّل رسول الله ﷺ، بل “شخصية رمزية تسخر من واقع سياسي معين”. وأكدت أن اختيار الاسم لم يكن مقصودًا، وإنما أسيء تفسيره في سياق المشاعر الدينية.
ورغم التوضيح، لم تهدأ عاصفة الغضب، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصدّر وسم #أوقفوا_ليمان قائمة الأكثر تداولًا في تركيا، وسط مطالبات بمحاسبة المجلة وحظرها نهائيًا.
حرية التعبير في الميزان
الحادثة أثارت مجددًا الجدل المحتدم في تركيا بين مؤيدي حرية التعبير والمعارضين لـ”التمادي في استفزاز الرموز الدينية”. ودعت منظمات حقوقية دولية السلطات التركية إلى ضمان محاكمة عادلة لأوزدمير، وعدم استخدام القضية كذريعة لتضييق الخناق على الإعلام المستقل.
يذكر أنه ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها مجلة “ليمان” ملاحقات قانونية بسبب محتواها. فقد تعرضت المجلة مرارًا في السنوات الماضية لقضايا تتعلق بالسخرية من مسؤولين وسياسات الحكومة، لكنها نجت في كل مرة من الإغلاق، إلا أن هذه القضية الأخيرة قد تمثل تهديدًا حقيقيًا لبقائها، بحسب مراقبين.






اترك تعليقاً