رضا الطبولى: إنهن مواطنات… حول دسترة المجلس الأعلى للمرأة

تشهد مختلف المدن الليبية هذه الأيام حراكا واسعا لدسترة المجلس الأعلى للمرأة حيث  يأتى هذا الحراك تتويجا لجهد تراكمى قامت به العديد من منظمات المجتمع المدنى المعنية بحقوق المرأة بمختلف مناطق ليبيا وكثير من النشطاء الحقوقيين. لقد كانت المرأة الليبية دوما امرأة مكافحة ساهمت وما زالت تساهم فى بناء هذه البلاد فرغم اهتمامها ورعايتها لأسرتها فهى اليوم  تمثل دعامة رئيسية  فى تسيير  المؤسسات التعليمية والصحية وغيرها من المرافق الخدمية للمجتمع. اننا لا نبالغ اذا ما اشرنا الى ان تواجد المرأة فى سوق العمل اليوم قد اصبح حاجة ضرورية للأسرة من حيث مشاركتها فى تحمل الأعباء والإلتزامات المادية التى تفرضها الظروف المعيشية اليوم.

وفي الوقت الذي تمر فيه ليبيا  الآن بظروف صعبة للغاية  تعيق عملية التحول الديمقراطي والوصول بليبيا الى دولة مدنية مستقرة، فإنه اصبح من الضرورى جدا أن تتضافر جهود النساء والرجال لبناء وطن يسوده الأمن والسلام ويستوعب جميع مكونات المجتمع الليبي وفئاته، والعمل سويا على إعداد دستور يضمن حقوق كل المواطنين الليبيين رجالاً ونساءً دون أى تميز.

إن هناك اسبابا جوهرية تدعونا الى تبنى دسترة المجلس الأعلى للمرأة ومن هذه الأسباب:

1. ضرورة تأسيس كيان مستقل يتولى العناية بشؤون المرأة والتعبير عنها فعلياً وتمثيلها في مفاصل الدولة المختلفة بحيث  يتولى تقديم الإستشارات المتعلقة بقضايا المرأة بما فى ذلك تقديم مقترحات  مشاريع القوانين والمشاركة فى وضع الخطط الإستراتيجية  لدعم المرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.

2. هناك حاجة ماسة لتأسيس هذا الكيان المستقل ليمثل المرأة الليبية تمثيلاً فعلياً على المستوى المحلى وفي المحافل الإقليمية والدولية بحيث  تستطيع المرأة الليبية من خلال ذلك، المشاركة والتفاعل مع القضايا الملحة، ويحفظ لها مكانتها ويعكس دورها الإيجابى فى المجتمع.

3.  عدم وجود علاقة تكاملية ومباشرة بين الحكومة والمرأة الليبية والمؤسسات النسائية ادى فى بعض الأحيان الى اتخاذ الحكومة لقرارات غير صائبة نتيجة عدم الرجوع الى كيان متخصص فى شئون المرأة واخد استشارته فى الخصوص.

4. تتطلب المرحلة القادمة نقلة نوعية في سياسات الدولة بما يضمن حقوق المواطنة للنساء والرجال، الأمر الذي يستدعي وجود هذا الكيان ليساهم في تمكين المرأة الليبية من تقلد المناصب الرفيعة في الدولة، وإدماجها في البرامج والخطط والسياسات العامة للدولة في جميع المجالات.

5. عدم وجود كيان مستقل للمرأة الليبية ادى فى كثير من الأحيان الى حرمانها من كثير من الفرص والخدمات التى تقدمها المنظمات الدولية لدعم المرأة فى شتى المجالات التنموية والتوعوية مثل منظمة اليونسيكوومنظمة الصحة العالمية  وغيرها من الهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

6. متابعة ومراقبة التقارير الدورية التى تلتزم ليبيا  بتقديمها للهيئات الدولية وذلك فيما يخص الأمور المتعلقة بالمرأة.

المرأة الليبية يجب ان لا تكون بمعزل عن النساء فى الدول الاخرى ولذلك يجب عليها ان تسعى لنقل التجارب المميزة فى مجال دعم المرأة على مستوى دول االجوار وعلى المستوى الأقليمى والدولى. هناك العديد من الدول فى العالم العربى ودول الجوار وبعض الدول النامية انشأت كيانات مستقلة تعنى بشؤون المرأة، بل ان بعض الدول ومنها العريقة فى الديمقراطية مثل فرنسا والمانيا واستراليا  ونيوزلندا واليابان وبريطانيا قد انشأت وزارات  خاصة لشئون المرأة.

اما فى جمهورية مصر العربية  فقد انشأ المجلس القومى للمرأة وقد نصت المادة 214 من الدستور المصرى الصادر فى سنة 2014 فى الفصل الحادى عشر، المجالس القومية والهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية على:

المادة 214: يحدد القانون المجالس القومية المستقلة، ومنها المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، والمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، ويبين القانون كيفية تشكيل كل منها، واختصاصاتها، وضمانات استقلال وحياد أعضائها، ولها الحق فى إبلاغ السلطات العامة عن أى انتهاك يتعلق بمجال عملها.

وتتمتع تلك المجالس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفنى والمالى والإدارى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بها، وبمجال أعمالها.

ان الأسباب التى تدعونا الى ضرورة دسترة المجلس الأعلى للمرأة هوالا نترك هذا الموضوع للسلطة التنفيدية أوالتشريعية التى تتغير سياساتها وفقا للظروف والأحوال حيث ان دسترة هذا الموضوع يحمى هذا الحق ولا يجعله تحت رحمة السلطة الحاكمة وتوجهاتها السياسية والمتغيرة وخاصة فى ظل مثل هذه الظروف التى تمر بها بلادنا.

الدكتورة رضا احمد الطبولى

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً