«رندة» التونسية تُصدر الكسكسي إلى إسرائيل

كشفت تقارير صحفية تونسية، عن قيام شركة “رندة” التونسية للصناعات الغذائية، بتصدير منتج الكسكسي إلى الكيان الإسرائيلي.

وأفاد تقرير استقصائي نُشِر في موقع “الكتيبة” التونسي، للكاتب محمد اليوسفي بعنوان “شركة رندة التونسية.. القصّة الخفية للتطبيع الاقتصادي مع إسرائيل”، بأنه من ميناء رادس في تونس وصولا إلى ميناء أسدود التابع لما يسمّى بدولة إسرائيل، تعبُر سنويا العديد من الحاويات المحمّلة بالكسكسي التونسي الذي يصنّع من قبل شركة رندة التونسية، ومبادلات تجارية سريّة تُشكّل أحد أوجه التطبيع الاقتصادي المسكوت عنه بين مؤسّسات تونسيّة وشركات صهيونيّة استفادت من غياب إطار تشريعي يجرّم مثل هذه العلاقات، بحسب البيان.

وجاء في التقرير: “نحن معتادون على التصدير إلى ميناء أسدود (بالعبرية أشدود)… بهذه العبارة المقتضبة حاول المسؤول على التسويق والتصدير في شركة رندة التونسية مهدي الجبالي طمأنة ممثلة شركة (ميدل ترايد) الإسرائيلية شيرلي غولوبوك وزميلها نير رونان بخصوص البضاعة التي تمّ الاتفاق عليها قصد تصديرها إلى الكيان الصهيوني… كان ذلك في صائفة 2017 حينما حاولت ممثلة الشركة الإسرائيلية الاستفسار عن موعد وصول الشحنة وأسباب تأخرها على الرغم من مرور 17 يوما من تاريخ تحويل الأموال إلى حساب بنكي سرّي على ذمة أصحاب شركة رندة في الخارج بحسب ما ورد في مراسلات رسمية بين الطرفين… فقد تمّ الاتفاق بينهما خلال المفاوضات على أنّه من الأفضل تحويل المال من بنك خارج إسرائيل درءا لأي شبهات ممكنة قد تتسبّب في فضيحة لشركة رندة ذائعة الصيت في تونس التي باتت واحدة من أهم الشركات المزودة للسوق الإسرائيلية بمنتج الكسكسي”.

ويُشير التقرير إلى أنه في المنطقة الصناعية بئر القصعة من ولاية بن عروس جنوبي العاصمة تونس، وبعيدا عن الأراضي الفلسطينية المحتلة بآلاف الكيلومترات، تنتصب شركة الصناعات الغذائية رندة أين يتم إنتاج مادة الكسكسي تونسي الصنع الذي بات يحظى بطلب مُلحّ في السوق الإسرائيلية، حيث لم تمنع العوائق السياسية والدبلوماسية توطيد أركان مثل هذه العلاقة.

ويروي هذا التحقيق في التقرير، قصّة التطبيع التجاري بين شركة رندة التونسية التي تملكها مجموعة محسن الحشيشة، وهي واحدة من أكبر المجموعات الاقتصادية في تونس في العقود الأخيرة، وبين شركات إسرائيلية.

ولفت التحقيق إلى أنه لم يحل قطع العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الجمهورية التونسية وما يسمّى بدولة إسرائيل منذ سنة 2000 في أعقاب الانتفاضة الفلسطينية وغلق ما سميّ آنذاك بمكتب رعاية المصالح دون نجاح الكيان الصهيوني في إسالة لعاب بعض الفاعلين الاقتصاديين التونسيين الذين لا يرون غضاضة في تطبيع العلاقات الاقتصادية تمهيدا لتطبيع سياسي منشود.

كوشير بنكهة تونسية

هي مجموعة شركات تونسية متعددة النشاطات، ترجع بداياتها إلى 1960 تاريخ تأسيس المهندس محسن حشيشة لشركة مختصة في التجهيزات الهيدروليكية، وفي عام 1971 أسس حشيشة شركة إنوبلاست لصناعة البلاستيك تلتها في الثمانينات والتسعينات تأسيس المجموعة لعدة شركات أخرى أهمها رندا (1987)، إلكتروستار (1993) وميكسال (1999)، كما تعد المجموعة من المساهمين التاريخيين في بنك تونس العربي الدولي ومجمع تونس للتأمين.

ويلفت التقرير إلى أن دخول شركة رندة التونسية إلى السوق الإسرائيلية لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة لمجهودات مضنية بذلها القائمون عليها من أجل الحصول على رخصة الكوشير التي تتيح ترويج منتوج الكسكسي هناك، ففي سنة 2017 منح مركز الكوشير باداتز بيت يوسف الترخيص لمنتجات الشركة المذكورة لكي تتمكن من تسويقها، إذ يشترط أن تكون المواد الموردة من هذا القبيل متحصلة على شهادة الكوشير طبقا للشريعة اليهودية وفق معتقداتهم.

وتفيد الوثائق التي تمكن موقع “الكتيبة” من الحصول عليها أنّ هذا الترخيص مؤرخ بتاريخ 4 يونيو 2017، وهو يسمح للشركات الإسرائيلية على غرار “برو بلوس”، الكائن مقرها في مستوطنة أينات، بتوريد منتوج الكسكسي الذي يُصنّع من قبل شركة رندة في مقرّها بالمنطقة الصناعية بئر القصعة بن عروس في تونس، وتحديدا العلب من حجم 1 كلغ و5 كلغ.

وأشار التقرير إلى أنّ الكوشير أو الكشروت هو الطعام الكوثر أي الحلال حسب الأحكام اليهودية مثل الحلال في الإسلام، ونظام الكوشير تشرف عليه الحاخامية في ما يسمّى بدولة إسرائيل، والحاخامية هي مؤسسة معترف بها من قبل القانون هناك باعتبارها سلطة الهالاخاه أي الفتوى، وهي أيضا تشكّل سلطة روحية.

والكوشير أو الكشروت هي كلمة عبرية تعني المُلائم والصحيح، وهو الطعام المحلّل أي المباح أكله في الشريعة اليهودية، وكي يعتبر المنتج الغذائي من الكوشير يجب أن تكون جميع مكوناته متطابقة مع تعاليم الكوشير، فإذا اشتمل على مكوّن ما، يخالف “شريعة الكوشير”، صار الطعام بأكمله مخالفا للشريعة وفق ما استقيناه من الأدبيات اليهودية.

وباتت علامة الكوشير باعتبارها شرطا ضروريا، تدرّ على اليهود أموالا طائلة نظرا إلى أنّه يتعيّن على الشركات المصدّرة، مثل رندة التونسية، “الاجتهاد” حتّى تحظى بمباركة وموافقة الحاخامات.

وفي هذا الإطار، مكّنت شركة رندة عددا من الحاخامات اليهود من زيارة تونس في السنوات الأخيرة، ومن بين هؤلاء الحاخام اليهودي الكندي الإسرائيلي ليفي تيتلباوم الذي سبق أن زار تونس بدعوة من شركة رندة.

وكانت آخر زيارة قام بها الحاخام تيتلباوم إلى تونس، بحسب ما توفر لدى موقع “الكتيبة” من معطيات مؤكدة، في 6 نوفمبر 2018 عبر الخطوط الإيطالية قادما من مطار روما قبل أن يتّجه لاحقا إلى تل أبيب عبر نفس المسلك.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً