شيعة السعودية الحكومة بحذف ما يصفهم بالاشرار

إدانة كبار العلماء للهجوم وملاحقات القتلة وإغلاق قناة وصال لا يكفي
إدانة كبار العلماء للهجوم وملاحقات القتلة وإغلاق قناة وصال لا يكفي

هاجم مسلحون يوم الاثنين بلدة شيعية في السعودية. وهو ما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص. وبحلول يوم الأربعاء كانت مشاعر الأسى التي انتابت السكان تختلط مع الغضب حيال ثقافة طائفية ينحون عليها باللائمة في تهيئة أرضية خصبة للهجمات.

وتشعر الأقلية الشيعية في السعودية بضعف متزايد مع اتخاذ الحروب الأهلية في سوريا والعراق منحى طائفيا بشكل أساسي فضلا عن عيشهم في بلاد يتصاعد فيها سخط الأكثرية السنية جراء محنة السنة في البلدان الأخرى.

ويعتبر الجهاديون السنة أن أفراد الطائفة الشيعية يجسدون خطرا أكبر على أبناء ملتهم من الحكومات الأجنبية التي كانت عدوهم اللدود في الماضي.

وأكّد شاهد على الهجوم رفض الكشف عن اسمه خوفا من هجمات انتقامية “من المؤكد أن انتقاد رجال الدين والمحطات التلفزيونية الدينية للشيعة يخلق جوا يسمح بحصول هذا الأمر. في مدارسنا يقول المعلمون في المدارس السعودية لأبنائنا أن الشيعة ليسوا مسلمين.”

ووقع هجوم الاثنين في منطقة الدالوة في محافظة الإحساء وهي واحة يسكنها نحو نصف شيعة البلاد.

ويمكن اعتبار القول إن الحكومة السعودية لم تبذل جهدا يذكر لاجتثاث اللغة تحريضية المتزايدة على أراضيها بالتوازي مع الأحداث الإقليمية، واكتفت بشن حملة على النماذج المتطرفة والتشديد على الهوية الوطنية المشتركة بصرف النظر عن الطائفة، قولا مجانبا للحقيقة على الاقل عندما يتابع المرء قوة ردة الفعل على الهجوم الإرهابي ضد الشيعة في الدالوة.

وأسفرت عملية مطاردة مرتكبي الهجوم حتى الآن عن اعتقال 20 شخصا ومقتل ثلاثة مشتبه بهم ورجلي شرطة في اشتباك.

واستنكر كبار رجال الدين السنة الهجوم الذي أنحى فيه المسؤولون باللائمة على تنظيم القاعدة في حين زار وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف محافظة الشرقية لتقديم العزاء إلى أهالي وعائلات الضحايا.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوات طمأنت القرويين بعض الشيء، غير أن العديد منهم لا يزال يعتقد أنه يتعين بذل المزيد من الجهود لوقف العداء ضد أبناء طائفتهم.

مضايقات وإهانات

ويسمح لمحطات التلفزيون الدينية الخاصة ببث خطاب معاد للشيعة كما يسمح لرجال دين نافذين بمهاجمة الطائفة الشيعية على التويتر.

وهذا نشاط متبادل تقريبا، فعلى الضفة الأخرى تملك ايران وأتباعها منال شيعة في دول المنطقة قنوات تشن تحريضا مضادا على الدولة السعودية وعلى المذهب الوهابي والتكفيريين. وتذهب هذه القنوات أكثر في تقديم ندوات ومواعظ تحط فيه حتى من شان كبار صحابة الرسول بسبهم ولعنهم على الملأ وهي ممارسات لم تسلم منها حتى السيدة عائشة ام المؤمنين. بل ثمة من يقول عن القنوات السلفية السنية التحريضية ولا تكاد تعد امام القنوات الشيعية التي تقوم بالدور المضاد.

وبعد يوم على الهجوم أقدمت الحكومة على إغلاق قناة الوصال الدينية التي كان يظهر على شاشتها شيخ اعتقل في الشهر الماضي لبثه تغريدات على موقع تويتر أثنى فيها على قتل الشيعة في اليمن غير أن هذه الخطوة أثارت تساؤلات لدى الكثير من الشيعة عن سبب تقاعس السلطات عن القيام بهذه الخطوة قبل شهر.

وقال رجل كان يقف خارج حسينية الدالوة “على الحكومة تغيير المناهج الدراسية التي تقول إن الشيعة أشرار.. نريدها أن تتخذ المزيد من الإجراءات حيال الأشخاص الذين يعبرون عن كرههم للشيعة على تويتر ويشجعون الناس على قتلهم”.

وأضاف “نحن لا نطلب من الحكومة أن تبني لنا دور عبادة أو تسمح لهم بالتظاهر بل نريد فقط ألا نتعرض للإهانات والمضايقات من الناس”.

وفي الدالوة وهي بلدة صغيرة تقع على سفح جبل القارة الصخري بين مزارع النخيل الخضراء كان وقع الهجوم كبيرا على السكان لاستهدافه مراسم إحياء ذكرى عاشوراء.

وتخص الحكومة السعودية أهالي القطيف بالمنطقة الشرقية- حيث يعيش اغلب الشيعة السعوديين- بالسماح بالاحتفال علنا بهذه المراسم.

أما سكان محافظة الاحساء- حيث نصف السكان فقط هم من الشيعة- فيمنع عليهم تنظيم المسيرات العاشورائية أو رفع الرايات السوداء.

المهاجمون يضحكون

عندما بدأ إطلاق النار في بلدة الدالوة قال شقيق محمد المشرف إن أخاه استدار لحماية طفله باسم ذي العام الواحد بجسده وصرخ على المهاجمين “لا تطلقوا النار.. لا تطلقوا النار” فأنقذ صغيره لكنه تلقى الرصاصات بدلا منه وقتل على قارعة الطريق.

وبدا الأسى واضحا على وجوه سكان القرية يوم الأربعاء حيث معظم الأشخاص تربطهم صلات قربى ولم يرغب أي من الرجال والأولاد الواقفين أمام الحسينية التي بدت آثار الرصاص واضحة على جدرانها الكشف عن أسمائهم خوفا من هجمات انتقامية.

وامتنع رجل مسن يرتدي عباءة بيضاء تقليدية قتل ابنه في اطلاق النار عن الحديث مكتفيا بالقول “قلت ما يكفي وليس لدي ما أضيفه”.

في حين أشار رجل أصغر سنا إلى أنه كان واقفا أمام الحسينية عندما تقدم ثلاثة مسلحين من الشارع باتجاهه بعدما تركوا سيارتهم تحت الأشجار القريبة.

وقال إن المهاجمين أطلقوا النار عليه فسارع لخفض رأسه والهرب فتمكن من النجاة، مشيرا إلى أنهم لم يقولوا أي شيء بينما كانوا يطلقون النار بل كانوا يضحكون فقط.

ويقيم طالب المطوع -وهو قريب عدد من الضحايا- مجلس عزاء يوم الجمعة يتوقع أن يحضره آلاف الأشخاص.

وقال مثنيا على رد فعل الحكومة “الجميع استنكر ما حصل كما عبر أشخاص من الحكومة ومن غرفة التجارة ومن العائلات السنية الكبيرة عن رغبتهم في حضور العزاء”.

أما في الرياض فقد نددت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالهجوم. وقالت إن “هذا الحادث الإجرامي اعتداء آثم وجريمة بشعة يستحق مرتكبوه أقسى العقوبات الشرعية”.

في حين وصف المفتي العام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في مداخلة تليفزيونية الثلاثاء ما جرى في بأنه “هذه فتنة وشر فعلة افتعلها من يريد بها الشر والسوء ويريد بها فتح باب النزاع الطائفي علينا ليقتل بعضنا بعضا”.

وعبر المطوع عن أمله في أن يستمر رد فعل الحكومة القوي بعد الهجوم، وأن يساهم في تحسين الأوضاع.

وأضاف “الدم صار يتكلم اليوم ويقول.. كفى”.

ويقول مراقبون إنهم لا يعتقدون أن السلطات الإيرانية يمكن ان تتحرك بالقوة التي تحركت بها المملكة العربية السعودية لو حدثت جريمة عكسية وهاجم عدد من المتشددين الشيعة مجموعة من الناشطين السنة على اراضيها. ويضيف هؤلاء ان السلطات الإيرانية تقبض على نفوس الاقلية السنية هناك ولا تكاد تترك لهم الفرصة للتعبير عن انفسهم طائفيا ومن ثمة من المستبعد أن يظهر السنة من الممارسات ما يمكن ان يستفز مشاعر الشيعة.

وعلى سبيل المثال، لا يكاد المتابع يستمع ولو لمرة واحدة قناة تلفزيونية شيعية تنتقد القتل الطائفي الذي مارسه ويمارسه الشيعة في العراق منذ الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، رغم كل وحشيته.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً