فقر معدم خلف أبواب المصارف الليبية

فقر معدم خلف أبواب المصارف الليبية

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

article1-1_31-7-2016

جماعات بشرية من أبناء الشعب الليبي مكرمة من الله سبحانه يحولونهم أمام المصارف إلى ما يشبه القطعان الحيوانية (أكرمكم الله جميعا ابناء وطني باحسن خلقة) يتسولون حقا من حقوقهم المعيشية ليقبضوا بضع من معاشاتهم المالية ما قبضوها من شهور او ينتظرون انتظار اليائس امام مصارف فقيرة لعل اموال تورد لها فيقبضون بضع من معاشاتهم وغالبا ما يعودون إلى عائلاتهم خائبين منكسرين دون معاشاتهم من بعد قضاء ساعات طويلة قاهرة للنفس امام هذه المصارف.

في مدينة طرابلس، مصارف مفتوحة ولكن خزائنها فارغة الا من كيمياء الهواء المحبوس فيها، ينتظر بعض المواطنون إيداعا لأصحاب الاموال وينتظر معهم موظفو المصارف وقد جلب بعضهم صكوك الأقرباء والاصدقاء وبعضهم يتأهبون لأي ايداع لإبلاغ الأقرباء والاصدقاء اذا توفرت بعض السيولة ولكن لا ايداع مالي في هذه المصارف لمدد طويلة ويعود المواطنون الى بيوتهم بخيبة خانقة تظهر على وجوههم حزنا يكاد ينطق بكاءً مريرا لولا بعضا من رباطة الجأش لديهم فلا رزق لهم الا معاشاتهم الشهرية التي لم يعد يجدونها في هذه المصارف وأفواه اطفالهم واولادهم وبناتهم ونساءهم مفتوحة ولا قوت يغلقها ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ومصارف اخرى حازت على بعض السيولة المالية احتشد أمامها من الفجر ابناء الشعب الليبي بإعداد  مأهولة ولن تكفيهم بعض السيولة المالية التي حازت عليها هذه المصارف، وعلى ابواب هذه المصارف بعض الصعاليك من افراد العصابات المسلحة الذين يصرخون ويشتمون ويدفعون الحشود دفعا وهى حشود قطعت الى قطيع ذكري من الرجال وقطيع أنثوي من النساء امام المصارف، وينتظرون بالساعات تحت لهيب شمس الصيف الطى تصهر الشحم وتشوي اللحم ويتناوب عليهم افراد العصابات المسلحة لدفعهم من امام الأبواب فيقع بعضهم على بعض مع شتمهم والصراخ عليهم ، يقوم افراد العصابات المسلحة بإدخال ذوي القربى والصحبى منهم ويحوز موظفو هذه المصارف حصتهم من الاموال التي أوصى بها أصحابهم وأقاربهم ويدخلون بعض المواطنين الذين لا يقبضون الا الربع او النصف من معاشاتهم من بعد استعباد وتسول ، وما هو الا بضعة من وقت حتى تنفذ السيولة المالية عن باقي المواطنين المحتشدين امام المصارف فيرحلون منكسري النفس مكسوفي البال يتألمون لجوع العيال وما آل اليه الحال.

في المنطقة الغربية من ليبيا حيث مدن الزاوية والحرشة والصابرية وابي عيسى والمطرد وصرمان وصبراتة والعجيلات والجميل ورقدالين وزلطن لم تعرف مصارف هذه المدن اي نوع من السيولة المالية من العشر الاواخر من شهر رمضان والى لحظة كتابة هذا المقال وذلك أدى  الى انهيار معيشي واجتماعي لعدة عائلات أصبحت تصرخ من فقر بالغ لم تألفه هذه العائلات ولا منقذ ولا منجد لصراخها ، هناك مدينة في المنطقة الغربية لم أنس ذكرها ولم اذكرها لأنها تختلف عن باقي المدن المذكورة وهى مدينة زوارة فهي مدينة تتمتع دون غيرها في الغرب الليبي ببعض من السيولة المالية ولا تسمح مصارفها لغير المقيمين بها باي سحب مالي ويرجع توفر الاموال في هذه المدينة لنمو وتعاظم تجارة تهريب البشر وتهريب الوقود وتهريب أرزاق الليبيين الأخرى.

الأمر هنا ليس أمر نقص سيولة مالية كما ضيق مفهومها اعلاميا بعض الجهلة، الأمر هنا أن ليبيا تعيش حالة خطيرة من الفقر المعدم المزري ولم يعد لدى حكوماتها الحمقاء الاموال لتغذية المصارف من بعد ما فرطوا وأهدروا وسرقوا ونهبوا وخصصوا لأنفسهم وتركوا مقدرات الشعب الليبي بيد حثالة، وقد نبهت على ذلك في عديد المقالات الماضية قبل حدوث هذه الفاقة التي يعيشها الشعب الليبي فارجعوا الى ارشيف مقالاتي السابقة، الخطورة ان الكثير من ارباب العائلات باعوا حلي وذهب زوجاتهم لمجرد الاكل والشرب والبعض أغراض بيوتهم ومن لا يجد ذلك فهو جائع حافي عاري، صورا من البؤس لأغلب العائلات الليبية تصرخ جوعا وفقرا و لا يتوقع من عاش في ليبيا ان يشاهدها يوما وعند ذلك طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وبلغ الامر حدا لا يحتمل معه حلما وصبرا وعلى ابناء الشعب الليبي الوطنيين ان يخرجوا لجهاد اجسام الشر في ليبيا المفقرة المجوعة المعذبة للشعب الليبي كمجلس النواب والمجلس الاعلى للدولة والمؤتمر الوطني وحكومة الانقاذ وحكومة الشرق الليبي والعصابات المسلحة ولجنة الدستور ، فان يموت الشعب الليبي  لأجل قوت عياله وهو مجاهدا لهؤلاء افضل له من ان يموت هو وعياله جوعا وفقرا وعليهم ايضا ان يحتجزوا كل افراد الحكومات السابقة لمحاكمتهم لان هذا الفقر المزري حدث بالتعاقب خلال سنوات حكم هذه الحكومات.

(يلي هذا المقال مباشرة مقال عن جوازات السفر الليبية وذلك بناءً على رغبة بعض من ابناء الشعب الليبي من القراء).

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً