كلمة «المنفي» خلال الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة

انطلقت الثلاثاء الماضي أعمال الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك بقيادة رئيسها “دينيس فرانسيس”.

قال رئيس الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة: أن التحديات المتداخلة المتمثلة في المناخ والصراع والفقر تجعل السلام أكثر صعوبة، مؤكداً أن الجمعية العامة تتحمل مسؤولية خاصة لضمان أن ترتكز جهودنا على نظام قوي متعدد الأطراف يستمد قوته وشرعيته من الشمول والفرص الهادفة لتعزيز المشاركة في صياغة القرارات.

أما عن مشاركة ليبيا بهذه الدورة فقد تمثلت في نقل صورة واقعية لأحداث مؤسفة في العالم، عبر الكلمة التي ألقاها رئيس المجلس الرئاسي “محمد المنفي” للجمعية العامة للأمم المتحدة، عمّا قاسته وتعيشه ليبيا اليوم من أحداث كارثية في المنطقة الشرقية حيث تعرّضت الأسبوع الماضي لإعصار مدمّر.

ووفقاً لما أورده “المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي” فقد ألقى “المنفي” على حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الكلمات:-
بسـم الله الرحــمن الرحيـم
معالي السيد / دينيس فرانسيس رئيس الجمعية العامة،،
السيدات والسادة الكرام:
في مستهل كلمتي هذه أعزي نفسي وأعزي الشعب الليبي وأتقدم بخالص العزاء والمواساة لأسر وأقارب ضحايا الفيضانات والسيول العارمة التي اجتاحت مدن وقرى الجبل الأخضر شرق ليبيا وعلى رأسها مدينة درنة والبيضاء وسوسة، وإني أبتهل إلى الله بالدعاء أن يرد المفقودين ويمن بالشفاء على المصابين، إنه على كل شيء قدير.
السيدات والسادة :
أتوجه إليكم بهذه الكلمة من بلادي ليبيا لانشغالنا بإدارة ومتابعة الكارثة الأليمة التي حلت ببلادي، وإني أتحدث إليكم نيابة عن الشعب الليبي بقلب يعتصره الألم ونفس يملأها الأسى فقد أفاق الليبيون والعالم بأسره صباح يوم الأحد العاشر من سبتمبر على مشهد رهيب وكارثة كبرى نزلت بمدينة درنة الليبية الوادعة أذهلتنا عما دونها من كوارث عمت ما حولها من مدن وقرى الجبل الأخضر شرق البلاد، ذلك اليوم الذي راح فيه آلاف من سكان المدينة والمنطقة بين قتيل ومفقود دفعة واحدة بعد أن جرفت السيول أكثر من ربع المدينة.
وبالرغم من الجهود التي يبذلها الجيش الليبي والسلطات المحلية والسلطات الليبية عامة ً للتعامل مع الكارثة من إخلاء السكان وانتشال العالقين ودفن الموتى واحتواء الوضع الصحي في المدينة، إلا أن حجم النازلة قد فاق كل المقاييس والقدرات المحلية، وكنت في كلمة عاجلة إلى الدول الشقيقة والصديقة قد أهبت بالتدخل الفوري ومد يد العون بالفرق الفنية المختصة بالبحث والإنقاذ والدعم الطبي واللوجيستي، وأشكر في هذا المقام كُل من لبى نداءنا من الأشقاء والأصدقاء، كما أشكر كل قادة الدول الذين واسونا في مصابنا بالسؤال والمتابعة، وإني من موقعي هذا أهيب بالعالم أن يتحمل مسئولياته تجاه ليبيا باحتواء آثار ما بعد الكارثة وعلى رأس ذلك الإجراءات الصحية اللازمة لحماية ما تبقى من سكان المدينة والمدن المجاورة من كارثة صحية حذر منها المختصون.
السيدات والسادة :
إن القيم العظيمة لا تولد إلا من رحم المعاناة، وها هي كارثة مدينة الياسمين تبعث في أبناء الشعب الواحد روح الوحدة والتضامن والنجدة، فما أن تكشفت الفاجعة حتى نفض الشعب الليبي من أقصى الغرب إلى أقصى الجنوب عن نفسه تراكمات الانقسام السياسي والحروب الأهلية ليكشف عن معدنه البراق ويسمو فوق جراحات الماضي ويضع ملامح المستقبل الذي يراه بعيونه وعيون الأجيال المقبلة لا بعيون الساسة وتجار الحروب، إن هذا بلا شك هو الدرس الذي سوف نعلمه لأبنائنا حتى لا تتكرر أخطاء هذا الجيل وستكون أرواح أطفال مدينة درنة الزاهره قناديلاً تضئ لنا مسار الوطن ولم الشمل وبناء الدولة.
أيها السيدات والسادة :
إن شعبنا قد ضرب بتضامنه ووحدته أبلغ دروس المسئولية والحب واللحمة الوطنية، وإنه لجدير بأن يسمع صوته، ويوقف عند رأيه فقد آن لعرس الديمقراطية في ليبيا أن يبدأ بعزيمة الشعب وصدق المخلصين وعون الدول الصديقة للشعب الليبي والمنظمات الإقليمية والدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، وأن كل ما يتطلبه ذلك قد أصبح واجب التحقيق من تشريعات انتخابية وسلطة موحدة وحرية انتخابية ودعماً لوجستياً وفنياً دولياً.
أيها السيدات والسادة :
إن الشعب الليبي لم يعد بحاجة إلى سلاح يقتتل به وأن كل بؤر التحريض وبذور التوتر التي دأبت التدخلات الدولية السلبية على خلقها والتي حافظت الأطماع الشخصية والفئوية الضيقة على استدامتها قد جرفتها سيول الجبل الأخضر ودرنة إلى البحر، فقد ذهب زمان وجاء زمن آخر لا صوت يعلو فيه على صوت الشعب ولا مصلحة فيه تسمو على مصلحة الوطن ولا مكان في السلطة فيه للفاسدين وتجار الحروب.
أكرر مواساتي وعزائي
ولله الأمر من قبل ومن بعد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً