لا تُتاجروا بالثقافة

لا تُتاجروا بالثقافة

حسن اونيس

مدير الهيئة العامة للثقافة

لم نوقف اهتمامنا بالثقافة وإقامة النشاطات الفنية والثقافية ومبادراتنا التكريمية للرعيل الأول من المثقفين والقامات الأدبية والصحفية وأمسيات شعر الأطفال نازحي الحرب، ولم نتردد في دعم إصدارتنا الثقافية والإعلامية إلكترونياً كمجلة نوافذ ثقافية وصحيفة ليبيا الإخبارية وموقع هيئة العامة للثقافة على شبكة المعلومات الدولية وصفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، رغم العدوان الإجرامي الغاشم على عاصمتنا طرابلس ورغم الآثار السلبية لجائحة كورونا.

بل أننا كنا نخوض حرباً أخرى من أجل استرداد المقار والمباني التابعة للثقافة وإعادة تهيئتها لتعزيز الدور الثقافي والإعلامي لمرحلة ما بعد صد العدوان.

نتفاجأ اليوم بمن يحاول القفز على كل ما بذلته الهيئة العامة للثقافة في هذا الشأن وركوب موجة الحرص على الثقافة ومناشطها!! بعد غياب تام عن المشهد خرجوا علينا اليوم بثوب إعادة الحياة الثقافية لطرابلس من خلال محاولة تمكينهم من ما أسموه بتأهيل المؤسسات الثقافية، ونحن نعرف أنه أمر ظاهره المصلحة العامة وباطنه “مصلحة خاصة” بات الشارع الليبي يعرفها عن ظهر قلب!.

إن الرؤية الأجدى للبلديات وعمدائها -خاصة المؤقتين- هي إزالة أكوام القمامة من الشوارع، ومتابعة أوضاع النازحين والاهتمام بالبنية التحتية والمشاكل اليومية للمواطنين في بلدياتهم! وليس السعي وراء الحصول على الدعم لفتح باب الصرف على مراكز ثقافية وتهيئة مقار وإقامة أنشطة تتولاها الهيئة العامة للثقافة بما كفلها لها القانون واللوائح التنظيمية!.

إن خلق الطمأنينة لدى المواطنين يبدأ من اهتمامكم بتقديم الخدمات، فلا تتركوا “الفرائض” فهي الأولى بأدائها الآن! إذا كنتم فعلاً تنشدون الإسراع في عودة الحياة بشوارع العاصمة.

ما علاقة عميد بلدية طرابلس “المؤقت” بمشاريع إعادة تأهيل المباني والمراكز الثقافية؟؟ هل أدى كل واجباته الأساسية كتكدس القمامة وتزايد العشوائيات وغلاء الأسعار وأوضاع المهجرين والطرق غير الصالحة للاستعمال ومعاناة أصحاب الحرف والمحال التجارية بسبب توقف أنشطتهم؟ هل قرأ “العميد” كتاب المستشار القانوني بوزارة الحكم المحلي بعدم الاختصاص للبلديات بالأمور الثقافية وأنه اختصاص أصيل بالهيئة العامة للثقافة؟؟ هل يخبرنا من يحاول ربط الانتصار على العدوان بالمطالبة بدعم تأهيل المباني، من قام بقفل مبنى دار الثقافة والفنون والتراث بشارع ميزران بطريقة غير قانونية؟ وهل من أقفل مكتب الثقافة طرابلس و ورش مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية ومجموعة من مؤسسات المجتمع المدني كجمعية المكتبات الليبية وجمعية الطوابع البريدية والهيئة الطرابلسية ومؤسسة سيدات أعمال ليبيا للتنمية ومكاتب الثقافة المهنية بالبلديات بالإضافة إلي مكتبات وورش صناعات تقليدية تتبع لدار الثقافة والفنون والتراث، هل من يقفل كل هذه المؤسسات الثقافية والمدنية يمكن أن يكون دافعه فقط ما أسماه عودة الطمأنينة لطرابلس بعد الحرب؟.

لا وألف لا إنه القفز على تضحيات الأبطال لا أكثر!!.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

حسن اونيس

مدير الهيئة العامة للثقافة

اترك تعليقاً