ليبيا بين الرئيس السابق والرؤساء الحاليين  

ليبيا بين الرئيس السابق والرؤساء الحاليين  

الوضع في ليبيا سيقى كما هو عليه حتى اكتمال اللعبة او تغير قناعات اللاعبين …للاسف ….بعد انقسام ليبيا بين الكرامة وما ينضوي تحتها من فيدراليين وانصار النظام السابق ومتشددي العلمانية ومتطرفي السلفية وغيرهم وبين فجر ليبيا وما انضوى تحتها من ثوار وجماعات الاسلام السياسي الاخوان والسلفية والمقاتلة  وغيرهم.

نجد ان انقساما جديدا حدث وهو في الحقيقة موجود منذ البداية ولكنه لم يطفو على السطح ونراه جليا  بفريق فجر ليبيا … قسم ضحى بنفسه واهله وذويه  في سبيل ثورة 17فبراير وقسم لم يصبه من الخسائر والمصائب أي شي فثقلت على الاول وسهلت على الثاني عملية التعاطي والاخد والرد بشأن مصير البلاد وهذا الامر هو لب المشكلة لدى معسكر الثوار … انما ايضا يكشف الجوانب الغامضة من ثورة 17فبراير لانه يوضح حقيقة الصراع بين الشركاء …شركاء احدهم خطط ليكون 17فبراير انقلابا يزاح فيه معمر القذافي ويبتم تقاسم الغنائم   وبين مواطنين انقياء اعتقدوا ان ما سيحدث ثورة فانخرطوا في العملية مضحين بالغالي والنفيس.

الفريق الذي يقود عملية الصلح والمصالحة والمفاوضات السياسية اغلبه لايرى العملية اكثر من كونها عملية سياسية اذا نجحت نجح الوطن واذا فشلت لن يخسر شيئا بينما من ضحى  لايجيد التلاوين السياسية فهو بقدرة قادر وجد نفسه مسئولا على مصير وطن وشعب ويخشى الاعيب الساسة الذين لن يتورعوا في بيعه وتقديمه كبش فداء لتحقيق مصالحهم التي يرى ان لها ارتباطات اقليمية ودولية …. يتوجس من مؤامرة تحاك ضده وانه مستهدف وان تضحياته الجسيمة من فقد الاحبة من ابناء واخوة واولاد استفاد منها شركاءه الانقلابيين الذين صاروا اعداءه …بفضله تسيدوا القرار السياسي سواء في المؤتمر او البرلمان ثم قلبوا له ظهر المجن …لايهمهم من الوطن لاتضحيات ولا عدالة ولا ديمقراطية فقط الاموال والوجاهة والسلطة ولهذا يصر ويلح  في معارضة أي شي يأتي من قبلهم ما لم تكن تحتوي الضمانات الكاملة بان تضحياته لن تذهب سدى .

الحقيقة ان هناك وجه اخر للمعادلة يتعلق بالصراع بين قيم المدينة وقيم القرية فهو صراع قيمي حضاري وهذا ما تتهرب الاطراف جميعها من مواجهته والاقرار به ربما خوفا من اتهامها بالتمييز و العنصرية وهذا تجديف اذ ان مواجهة امراضنا هي التي تضمن العلاج الحقيقي وهي الكفيل بحل مشاكلنا …..في تصوري ان مخالفة اسلوب معمر القذافي وطريقته في علاج الكثير من المشاكل سيزيد من تفاقم تلك المشاكل ….معمر القذافي وكما يردد الثائرون في 17فبراير  كان يتصرف في ليبيا وكأنها مزرعته الخاصة والحقيقة هذا ما يجب ان يكون …يجب ان نتصرف وكأنها عزبتنا الخاصة …فنرعاها ونصونها ونحميها ونداري عليها ….قال لي احد القذاذفة المخضرمين يوما ….ان نجاح النفط كمؤسسة وادارة وانتاج في ليبيا سببه يعود كوننا نحن لم ندخله وعندما ندخله سينهار …معمر القذافي حافظ على النفط وكان حذرا بشأنه فلم يتولاه الا من كان متخصصا وانا هنا اتحدث عن النواحي الفنية فلا فلسفة في الامر ولا تحاذق ….عبدالرحمن بن يزة احد رجالات النفط البارزين مثالا يحتذى لما يجب ان تكون عليه كوادر المؤسسات في بلادنا … تدرج من فني حفر الى مدير انتاج  بحقل 59 جالو الى عضو مجلس ادارة عن العمليات بشركة الواحة للنفط الى… الى …رجل نفطي محترف …مثال لكيفية تعامل معمر القذافي مع المؤسسات الحيوية حيث المهارة والاجادة والانتاجية هي الفيصل لبلوغ اعلى المراتب.

…نعود لنقول …البعد المدني الحضري لمصراته هو العامل الذي انقذها حتى اللحظة  من السقوط في الفخاخ التي تنصب لها سواء من اعدائها المتربصين بها او من ابنائها الحمقى بتصرفاتهم الا مسئولة المؤلبة عليها الغير.

المدينة كبعد حضاري تسكن في الوعي المجتمعي لمصراته اسعفها كثيرا في عملية القدرة على التأقلم مع التقلبات  بينما نرى ان البعد البدوي القروي المغلف بالشجاعة لم يكن قادرا على انقاذ الزنتان في ازمتها مع فجر ليبيا …فالامر اكبر من الطاقة …فعندما رجعت لحاضنتها الاجتماعية  للاحتماء وطلب العون كان الوفاض خاليا فليس بالاقدام فقط تبنى الدول ومن ثم حظوظ مصراته اذا احسنت التصرف ولن يكون التصرف حسنا ما لم تكن قنطرة للجميع بامكانها ان تكون العامل الرئيسي لقيام الدولة في ليبيا .

الزنتان اذا ارادت ان تكون شيئا مذكورا في الدولة عليها ان تنتقل من مستوى القرية الى مستوى المدينة …عملية التحول هذه يجب ان تكون من وازع داخلي نتيجة احتياج حقيقي وليس بالمخاتلة كما يتم الاعداد  والتخطيط رفقة علي الترهوني لجعل ليبيا اكثر من خمسة اقاليم فلو افترضنا ان هذا حدث فانه لن يكون في صالح الزنتان نفسها التي هي امام اول فرصة تاريخية للتحول من البداوة الى الحضر وان كنت اعتقد ان الوقت امامها ليس طويلا كون المناطق الكبرى في محيطها الجغرافي بدأت في الاستيقاظ.

….التحول من مفهوم الى مفهوم يتطلب هجرة وفي نفس المكان أي التخلص من كل المعطلات…هو امر حضاري وليس مادي فقط  وهو محكور بالتلاحم والاندماج مع الاخر (القرى المجاورة المتشابهة )….هذا الامر يسري على كافة الاعراق والمناطق ولعلنا نستوعب اكثر عندما ننظر لسذاجة الفيدراليين وكيف يستجدون الحضارة بالتقسيم أي انهم يطالبون بشي لم ينضج لديهم…هم يتصورون انه بقرارات سياسية مدفوعة الاجر يستطيعون تحويل القرية الى مدينة والمدينة الى عاصمة وهذه ضحالة في الفكر والمثقفين هناك يدركون هذه الحقيقة الا انهم يركبون الموجة كونها تحقق لهم اشباعا ماديا ولو على حساب الفكر والحقيقة.

طرابلس يحطب لها الريح فهي بوابة الحضارة ولاوجود لقيمة حضارية ليبية الا بالمرور على طرابلس لتتشرف بختم الجودة …اهل طرابلس لايحاربون لاجل ان يجعلهم الناس قبلة لهم  ولكنها  مجموعة القيم المتوالية التي توطنت بين جنباتها جعلها كذلك حتى لو رفض اهلها ذلك فهذا قدرها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً