ليبيا جنة للحكام وجحيم للمحكومين

ليبيا جنة للحكام وجحيم للمحكومين

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

ليبيا جنة وبستان. وجنان. هبة الرحمن. ثروة العصر والزمان. جنة ناضجة الثمار. وطؤها عشبا وأزهار. ممتدة الظلال بشجيرات وأشجار. تحلق تشذو فيها الأطيار . ماء عذب نمير. وألحان من هسيس وخرير.

يحاط أهالي الجنة والبستان. بأطايب الطعام وتدار عليهم لذات الصحائف والجفان . وتطرح لهم الموائد . بطعام غير سائد. لحوم مما يشتهون. وفاكهة بما رغبوا او لا يرغبون. وطحين. قمحه جنين. وحلوى من عسل ولوز وجوز وسمن. وقهوة فاخرة غالية الثمن.

ولمن مرض منهم دواء . يقوض من فوره الداء. مواده الشافية من غابات الأمازون . ومن ملكات النحل والحلزون . وإذا لم يجدوا لهم علاجا ،على الفور تفتح لهم الخزائن للعلاج في جنان الدول الأخرى من جنة وبستان ليبيا كسوتهم براقة جاذبة للأبصار واجسادهم تتوهج عطورا وطيبا من أرقى العطور والطيب.

يلهون. يسبحون. يلعبون. وعلى جلسات التدليك يتناوبون .وسياراتهم مصفحة فيها أقصى مواصفات الرفاه والسلامة والأمان ويحيطهم حراس. شديدي الباس. لا يرضون بهم مساس.

إقامتهم قصوراً او دياراً او دور فخمة. ضخمة. ترتفع أسقفها بأعمدة من المرمر المنحوت وتتوهج ارضياتها لمعانا ويسري عبر الجدران ماء عذب معالج بأحدث أجهزة التنقية وهو ليس للشرب بل للغسل وصنابير مياه من معدن خالص يتدفق منها الماء باللمس وليس بالتدوير والحمامات مياهها ساخنة وباردة ومعتدلة يخالطها ماء الورد او ماء الزهر واحواضها من المرمر العاجي . والفخار الزجاجي. بثت في القصور والديار والدور الزرابي الأصلية والفرش الرطبة الحريرية الزاهية والأرائك العريضة والخزائن المصقولة . والستائر المفتولة . والشاشات المرئية. واللوحات الجدارية. والمجسمات المنزلية. والمصابيح الوهاجة والاسرة الغاطسة في أعماق النعومة

إذا نازع الملل او الضجر أهالي جنة او بستان ليبيا، على الفور تفتح لهم الخزائن للسفر إلى جنان وبساتين الدول الأخرى . تأشيراتهم ليست ممنوعة . وتذاكرهم مقطوعة . وجوازاتهم قبل المطار مطبوعة.

هذا وصفا قاصر قصير لجنة او بستان ليبيا ، هذه الجنة التي لم يدخلها الا حكام ليبيا والشعب الليبي منفيا عنها، جنة أحاط بها القذافي وعائلته وضيقها على نفسه وعائلته ولم يوسعها على الشعب الليبي وبعد ثورة فبراير المجيدة أحاط أعضاء المؤتمر الوطني وعائلاتهم وأعضاء الحكومات وعائلاتهم بهذه الجنة وضيقوها على انفسهم ولم يوسعوها على الشعب الليبي ، الشعب الليبي الذي هو المالك الأصيل لهذه الجنة التي تتمتع بها فئات ولا يتمتع بها والتي لا يعرف لها حدود . ولا يعرف لها بنود . منفيا عنها إلى جحيم العيش فجسوم أبناء الشعب الليبي تهضم أدنى غذاء . وتحتسي ما تلوث من ماء . وتكتسي أبهت كساء . وتعالج بأغش دواء . ومراكبهم لا ترفع عنهم العناء فمراكبهم هى العناء لا توجد بها أدنى مواصفات الرفاه والسلامة ودائما عاطلة . باطلة . وإذا مرض ابن من أبناء الشعب الليبي ولم يجدوا له أهله علاجا في ليبيا ، يبيعون أرضا او سيارة او حلياً حتى يعالج في الدول الأخرى ويسود بين أبناء الشعب الليبي الخوف والحذر من العصابات . او من النيران إصابات . او من التفجيرات . او الاغتيالات . او من نهب الأموال وخطف الفتيات . وترهقهم أدني خدمات . كهرباء وماء وقمامة وإدارات قدمت إزعاجا لا خدمات ومستوى السكن أما مقبولا او يتداعى او كوخا او لا وجود له.

والى كل حاكم ومحكوم:

أليس من حق الليبيين ان يشربوا بعد الضمأ ماءً لا ضمأ بعده ماءً نمير. في بستانهم نغم وخرير . وان يجنوا رطبا من أعناق النخيل. وان يمتطوا جميعا صهوات الخيل. وان يهنأوا في ظل ظليل. ونسيم عليل. أليس من حقهم ان تكون بلادهم بستان لأهله لا بستان لغيرهم ، يؤتي ثماره . لمن نام واستيقظ في ظلال أشجاره. من قضى فيه عاملا ليله ونهاره. أليس من حقهم التمتع بخصب البستان. وان تطرب فيهم الأدان . بسماع شذو الأطيار لا نعيق الغربان. وان تنتشي أنوفهم بشذى البستان . لاروائح التلوث والدخان. ان تتكحل عيونهم بجاذبية الأزهار . لا رعب ومظالم المكان . أليس من حقهم ان يدخلوا جنتهم او بستانهم بسلام آمنين . لا مسكين. لا فقير ولا حزين . وذلك حقهم وقمة الاحقاق.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً