مرة أخرى، عذراً ليبيا إنهم لا يستحون

مرة أخرى، عذراً ليبيا إنهم لا يستحون

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

عذرا أيها القارئ أحيانا يعجز المرء عن الكتابة والتعبير في زمن التردي والمعاناة، ويدفعه عجزه للتفتيش في أوراقه القديمة وهذا ما قمت به حيث وجدت مقالا كان قد نشر في صحيفة الوطن الليبية بتاريخ 11/4/2012، بعنوان “عذرا ليبيا أنهم لا يستحون”، ووجدت فيه ايضا استشعارا مبكرا لخطورة وضعنا وحجم الانهيار الذي تتجه اليه ليبيا.. وها أنا اليوم بعد كل تلك السنين العجاف اشعر بوهج من الأمل يلفحني، وهمس يوشوش في مسمعي، ان يوم خلاص ليبيا من مختطفيها قد ازف وحان، وان ليل الاحزان سيصرعه انبلاج الفجر وشمس ساطعة سطوع الحق المبين، وها أنا اذكركم بما جاء فيه.

من ذا يلوم على من يكتب ناقدا وضعا غير صحي، تمر به ليبيا الآن؟ من ذا يقوى على السكوت ومداراة ما يحدث في وطني؟ لذا أجد نفسي مدفوعا بين حين وآخر للكتابة ناقدا ومحذرا من مغبة الاستمرار في هذا الوضع المتداعي، الذي تعيشه ليبيا اليوم، لأجلك يا وطني نصدح بالحقيقة.. لأجلك لا نقبل الوهن والخنوع لواقع لن يتغير بذاته مالم نغيره نحن.. لأجلك تستمر الكلمة الصادقة المخلصة سلاحنا الذي لن يخذلنا او نخذله.. لأجلك يا وطن سنواجه بالكلمة الصادقة كل الأعداء، من سماسرة وانتهازيين ومرتشين ومزورين ومتسلقين ونفعيين وكل تلك الوجوه الغادرة التي عبثت ولازالت تعبث بأمن ليبيا وثروتها.

ايها الليبيون ان أمن بلدكم في خطر كبير، حيث الحدود مستباحة برا وجوا وبحرا.. ورجال مخابرات العالم يتداعون على ليبيانا فرادى وزرافات!! هل نسكت وتجارة الفساد تزدهر عبر موانينا وفي المطارات؟! كيف نسكت وعصابات الاجرام تجوس خرابا خلال الديار في الشوارع والاحياء والساحات!! كيف نسكت وتجارة السلاح والحشيش صارت حرفة رائجة وكل الممنوعات!! كيف نسكت ودم الليبيين يسفك ضريبة جبرية فتحصد ارواح الابرياء بالعشرات والمئات!! كيف نسكت!! كيف نسكت!!

آه يا ليبيا، كم انت تئنين وبين حين وآخر تصرخين.. فتبا لأولئك الجاحدين الناكرين، وكأنهم من نبعك الرقراق ما شربوا، ومن ثمار جنانك ما أكلوا ولا شبعوا.. ايه يا ليبيا يا صاحبة الفضل عليهم.. نسوا ان عقوق الاوطان يستخلف الافلاس والحرمان!! تمادوا في جحودهم حتى ضاق بهم المكان والزمان!! يا ليبيا من لطخ سمعتنا لدى الاخرين، في الاردن والمانيا، في تركيا وفي اليونان!! يا ليبيا من يشرب دم الشهداء لن يفلت من عقاب الاوطان.

يا ليبيا انهم ينهشون جسدك ولا يستحون.. لكنهم حتما سيسقطون.. ستأكلهم نارهم التي اوقدوها.. سينتفض المارد من جديد لينفض عنك رماد ركامهم.. سيضمد جراحاتك بأكاليل الغار.. سيغسل عنك عفن طمعهم ووحشية سلوكهم.. سيولد فجر الشعب من رحم المعاناة، لن يسمح الشعب ان تجهض ثورته.. لن يسمح الشعب ان تسرق ثروته.. سينتصر الشعب لنفسه بنفسه، ستخرس كل الاصوات الا صوت الشعب، ستتلاشى اجسام من بشرليسوا بشرا.. ستختفي العتمة والظلال حين يباغتها ضوء الشمس المتوهج، فهل يفهم الغافلون!؟

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً