مرحى شكشك

مرحى شكشك

الدولة الرشيدة هي تلك التي لا تنسلخ عن تاريخها  و انتماءها الوجداني لذلك التاريخ فبغيتها ان  تؤسس لتفكير جمعي ولو بنسبة ما  لتحقيق مصالح مشتركة تتحدى بها الغوائل وتزيل الشوائب  اثباتا للذات وقهرا للتخلف ومقارعة للاعداء المتربصين اذا سولت لهم انفسهم كيدا او اعتداء.

بالمختصر تقوم الدولة الرشيدة بحل مشاكلها وأزماتها عبر تأكيد قيم المجتمع وليس قيم الجماعة أي الارتقاء وليس الانحدار من خلال تجذير قيم نحن وليس قيم  الآنا …وهذا المعيار نجده معكوسا تماما في ليبيا وكل ذلك ببركات المؤتمر وظله البرلمان حيث يقودانها  جبرا الى الآنا فلا وجود لآرق الامانة ووجع الازمة  فقط مصالح على حساب المجموع و اختلاق للاعذار كي يستمروا في خياناتهم ومن واجههم بأفعالهم الرخيصة تلك فأتهاماتهم له جاهزة …اخوان …علمان …مقاتلة …تفاهات لاتنطلي الا على من اراد ان تنطلي عليه فبناء الدول لايرتبط بالايديولوجيا بقدر ارتباطه بالقيم أي التجرد من الآنا والانخراط في مشروع الجماعة التي تتطور حسب التضحيات  لتكون مجتمعا.

بالآمس خرج علينا تقرير ديوان المحاسبة الغير صادم لكل متابع جاد …التقرير لم يحكي كل الحقيقة لانها ليست من اختصاصه فهو غير ملزوز بالخصومة وقد كان ديوان المحاسبة مؤدبا وراقيا في تقريره عندما قال ان ما حصل تجاوزات والحقيقة انها لم تكن كذلك لانه في الاصل لم تكن هناك مشاريع او برامج او خطط ليتم تجاوز قوانينها …ما تم هو توزيع للاموال على المناصب وكل منصب يتبع قبيلة او مدينة او حزب …هم يعتبرونها مسألة وراثة ليس اكثر ……هذه التشكيلات المافياوية احتفظت بتلك الاموال بعد ان نقلتها من حسابات الدولة الليبية الى حساباتها الخاصة في دول تأتمر بأمرها ليعود جزء من تلك الاموال للبلاد على هيئة اسلحة ومخدرات ومكائد فهذه الزعامات التي تتقمص عديد الهيئات والشخصيات وتخرج علينا في الاعلام تتمسح بالفضيلة والنزاهة هي التي تذكي الحرب الداخلية في ليبيا لهدفين…. اما ان تتولى الحكم وتستمر فيه او تنصب من يحكم نيابة عنها ليستمر النهب …ولهذا ركزنا في مقالاتنا السابقة على جزئيات مايجب ان يتولاه الحوار في الصخيرات فلا يفيد فقط الاتفاق على الحكومة ومن يرأسها لانها ستخترق من قبلهم وسيخضع الشعب لها كونه مغيبا او شريكا.

المجتمع الدولي لايهمه من يتولى تحمل الامانة في ليبيا… يهمه فقط من يقدم له الخدمة والخضوع وبما ان الاغلبية قدمت فروض الطاعة فإنه بالمؤكد سيختار العميل القديم …وما الحب الا للحبيب الاول …. هناك اسماء جدلية تثير السخط كونها عناوين الفساد ومواطن للمحاصصات يتم الاعداد لها لتكون في هذه الحكومة ان لم تتولى رئاستها وما تم تسريبه من انتقادات وجهها رئيس حكومة البرلمان عبدالله الثني لنائب رئيس حزب تحالف القوى الوطنية عبدالمجيد مليقطة واخوه عثمان وما رد عليه بعدها انما هي ارهاصات لذلك الصراع المحتدم حول الحكومة القادمة بعدما تسربت معلومات عما يتم الاعداد له في الصخيرات …..ليون يستميت لتنصيب شخصيات لن تزيد الاجواء الليبية الا تعكيرا شخصيات مسئولة مباشرة عن تأزيم الاوضاع وسفك الدماء وبيع السيادة والنهب الفظيع لاموال الشعب الليبي ….ستقع البلاد في أتون حرب ضروس جديدة وأشد مما نحن فيه اليوم لو تولى احد من التحالف او العدالة والبناء السلطة في هذه الحكومة وتحت أي مسمى  لآن الفساد والافساد في ليبيا ترعرع على ايديهم وفي ظل حمايتهم كما ان الحال سيكون اسؤ لانه سيكون بمباركة دولية هذه المرة.

ليبيا تحتاج الى اسماء نظيفة غير ملطخة ولامحسوبة فلايمكن ان يأمن الضحية على نفسه اذا كان الجاني اقوى من القاضي وتلك الشخصيات الفاسدة والتي تم ذكرها في تقرير ديوان المحاسبة مباشرة او مواربة تعتقد في نفسها انها من حررت البلاد والعباد وان من حقها ان تتولى تسيير الامور  ويبدو ان المؤتمر والبرلمان لايمانعان ذلك اذا تمت المحافظة على امتيازاتهما ولو صوريا.

لا نستبعد ان يأتي على رأس الوزارة ونوابها من تسبب في كل هذه المأسي فالشعب مغيب وتم الاستحواذ عليه عبر اعلام فاسد استطاع ان يؤثر على نفسية الناس وتوجهاتهم فنحن لم نرى ايا من الشعب ولا منظماته تحرك او بادر بالاحتجاج على ما جاء في تقرير ديوان المحاسبة اما المؤتمر والبرلمان فلا عتب عليهما كونهما الظلمة انفسهم.

ليبيا في مرحلة لاتحتمل المحاصصات او بناء توافقات لانتاج الفساد من جديد خاصة اننا لم نرى حتى اللحظة ايا من المسئولين يتم اعتقاله او طرده اواحالته للتحقيق ومن ثم القصاص بالرغم من عديد الاتهامات ومن اعلى المستويات لوزراء في الحكومتين  بالفساد وخيانة الامانة .

الحل من الصخيرات كما نتصوره يأتي في اخراجين …الاخراج الاول …شطب أي ميزانية قادمة للحكومة القادمة حتى اقرار الدستور والابقاء على الاسلوب المتبع حاليا حيث تتولى المؤسسة الوطنية للنفط الانتاج ..والمصرف المركزي يقتصر عمله على صرف المرتبات ودعم السلع الضرورية ويكون عمل الحكومة التوجه لترتيب الوضع الداخلي من حيث شئون الامن والجيش والسلاح واعادة النظر في سراق المنشأت النفطية واعادة توزيعهم ولا نقول تسريحهم بحيث لايعودوا اداة من ادوات الضغط والابتزاز من خلال اعادة نشرهم في مواقع خارج نطاق نفوذهم ونفوذ قبائلهم ومدنهم واقرار رفع الدعم وتعويضه نقديا …وسيكون هذا الحل مثار طمأنينة الناس ويريح الدولة لتتوجه داخليا لإعادة هيكلة المجتمع وفق رؤية انتاجية وليست استهلاكية بعد التخريب المقصود الذي طالها.

الاخراج الثاني …ان يتم في الصخيرات الاتفاق على كل شي وليس على الحكومة واسماء اعضاءها فقط …الاتفاق حول السياسات الداخلية والخارجية … الاموال التي في الداخل والخارج … النفط انتاجا وتسويقا وحراسة … الحدود والمنافذ … الجيش والشرطة والامن من هم  وكم عددهم واين سيكونون  …السلاح الثقيل والمتوسط مخازنه وفي عهدة من …الكادر الوظيفي للدولة في الداخل والخارج اعادة برمجتهم وكيف سيتعامل مع الفائض وماذا سيعملون …تأكيد التعامل بالرقم الوطني ورفع الدعم السلعي لتجفيف برك الفساد والافساد  …اي الاتفاق على النقير والقطمير …مع تشديد الرقابة والمحاسبة وعدم ترك أي جزئية يمكن لفاسد ان يتسرب منها بعد ان تبين ان بغية الجميع الاستحواذ على المال العام فلا وطنية ولاسياسة ولا ضراب السخن على رأي اخوتنا الشوام ….بهكذا اخراج او مايشبهه ستكون الميزانيات في مأمن لانها لن تكون بيد سيادة الوزير القبلي والجهوي الذي لايهمه الا  كيفية نهب الاموال وتوزيعها على المحاسيب  لانها ستكون في يد لجان فنية متخصصة وضعت لهذا الغرض وما على الوزير الا الاشراف على تنفيذ الخطط التي تم الاتفاق عليها فالاموال لايراها ولايمسكها بيده ولايملك تسييلها بمجرد توقيعة منه.

الاتفاق في الصخيرات اذا جاء شاملا تاما عاما سيكون منقذا فعلا للبلد بحيث لو اتينا بمن يجهل شئون الحكم على رأس الحكومة سيقوم بتسييرها دون خوف منه او عليه فالبرلمان والمؤتمر يراقبان ما اتفق عليه واي انحراف سيكون بالمقدور التصدي له …اما الاتفاق العام الذي تكون فيه مصالح المواطن هي الضحية وامواله مستباحة في غابة اللصوص هذه  فهذا ليس اتفاق وطني بل هو تقسيم تركة.

اذا خلصت النوايا وكان المراد به وجه الله فإن ما قيل مصراته  فعلته وورشفانة وبمباركة من مدينة الزاوية  من ابرام لهدنة وما تم ويتم من تبادل للموقوفين بين المدن اعتبره عين العقل فلا يجب ان تغيّب المدن الكبيرة عن المشاركة في تقرير مصير ليبيا ولايجب ان تبعد تلك المدن الكبيرة بحجة ولائها للنظام السابق لانها واقع موجود ولايمكن لمدن قليلة العدد والتأثير ان تحل محلها لانه قلب للواقع و حرث في البحر والوطنية يمتلكها الجميع والاختلاف سنة كونية اودعها المولى عز وجل لحكمة التكامل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً