قُتل الشاب الفلسطيني سيف الدين كامل عبد الكريم مصلط (23 عامًا)، بعد تعرّضه للضرب حتى الموت على يد مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين في بلدة سنجل شمال مدينة رام الله، ضمن هجوم واسع نفذه مستوطنون ضد سكان البلدة مساء الجمعة، الحادث، الذي وصف بأنه “جريمة بشعة”، أسفر أيضًا عن مقتل فلسطيني ثانٍ بطلق ناري، وإصابة عشرة آخرين بجروح متفاوتة.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، وقعت المواجهات في أعقاب احتجاجات نظمها فلسطينيون ضد بناء بؤرة استيطانية غير قانونية قرب بلدة سنجل. وأفاد شهود عيان بأن المستوطنين هاجموا المتظاهرين، مستخدمين العصي والحجارة والأسلحة النارية، مما أدى إلى مقتل مصلط بعد تعرضه لضرب مبرح أدى إلى وفاته.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “وفا” عن مصادر طبية أن الضحية تعرض لاعتداء جماعي بالعصي والأدوات الحادة، فيما أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن الشاب كان يقيم في مدينة تامبا بولاية فلوريدا الأميركية، وكان في زيارة لعائلته في الضفة الغربية.
وبعد ساعات من الهجوم، عُثر على جثة شاب آخر (23 عامًا) اعتُبر في البداية مفقودًا، وقد توفي نتيجة إصابته برصاصة في الصدر نزف منها حتى الموت، بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية.
ردود الفعل الأمريكية
في واشنطن، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها على علم بمقتل مواطن أميركي في الضفة الغربية. وقال متحدث باسم الوزارة: “نحن نتابع عن كثب الأنباء حول وفاة مواطن أميركي في الضفة الغربية، وليس لدينا في الوقت الراهن تعليق إضافي احترامًا لخصوصية عائلة الضحية وأحبائه”.
ورغم الصمت الرسمي، يُتوقع أن تثير الحادثة ضغوطًا متزايدة داخل الأوساط السياسية الأميركية للمطالبة بمحاسبة الجناة ووقف اعتداءات المستوطنين التي تصاعدت بشكل لافت منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في أواخر 2023.
الهجوم يأتي في وقتٍ يشهد فيه الضفة الغربية المحتلة تصاعدًا حادًا في اعتداءات المستوطنين، التي تشمل حرق منازل، اقتلاع أشجار، مداهمات ليلية، واعتداءات جسدية على المدنيين، في ظل حماية واضحة من قوات الجيش الإسرائيلي، وتُعتبر هذه الاعتداءات جزءًا من استراتيجية “فرض الأمر الواقع” لتوسيع السيطرة الاستيطانية على الأرض الفلسطينية.
وفي مارس الماضي، أكد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أن إسرائيل “وسّعت وعمّقت وجود المستوطنات في الضفة الغربية ضمن عملية دمج تدريجية لهذه الأراضي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي”، مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال باتت تتعامل مع الضفة الغربية كجزء من أراضيها السيادية.
كما يأتي الاعتداء الدامي في سنجل بعد أيام من دعوات أطلقها وزراء في حكومة نتنياهو لضم الضفة الغربية رسميًا، وهو ما أثار إدانات عربية ودولية واسعة، وسبق لمحكمة العدل الدولية أن أكدت في رأي استشاري صدر العام الماضي أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني، ويجب إنهاؤه بشكل عاجل، إلى جانب وقف جميع الأنشطة الاستيطانية.
دعوات للمحاسبة
تطالب منظمات حقوقية فلسطينية ودولية بفتح تحقيق دولي عاجل في جرائم المستوطنين، لا سيما تلك التي تستهدف المدنيين العزّل، وسط غياب المساءلة داخل النظام القضائي الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، دعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى تدخل دولي فوري لحماية المدنيين الفلسطينيين، معتبراً أن استمرار إفلات المستوطنين من العقاب يشجع على ارتكاب مزيد من الجرائم.
وفاة موشيه زار “عرّاب الاستيطان” في الضفة الغربية تشعل مواقع التواصل.. وارتياح فلسطيني واسع
تصدّر خبر وفاة موشيه زار، أحد أبرز وجوه التيار اليميني المتطرف في إسرائيل، مؤشرات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد إعلان وفاته عن عمر ناهز 88 عامًا، وسط تفاعل واسع من قبل نشطاء فلسطينيين اعتبروه “أحد رموز الاستيطان والتهجير القسري في الضفة الغربية”.
ووفق صحيفة فيتو المصرية، فإن زار وُلد في القدس عام 1937 لعائلة يهودية مهاجرة، وشارك في وحدة “101” العسكرية بقيادة أرييل شارون إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حيث فقد عينه اليسرى خلال العمليات القتالية. كما شارك لاحقًا في حرب أكتوبر عام 1973.
واشتهر زار بعد عام 1979 بنشاطه في الاستيطان غير القانوني، حيث أسّس عددًا من المستوطنات على أراضٍ فلسطينية مصادَرة، أبرزها في مناطق نابلس وقلقيلية والخليل، ما جعله من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
واتُهم زار بالضلوع في محاولة اغتيال رئيس بلدية نابلس السابق بسام الشكعة عام 1980، حيث أُشيع أنه كان سائق الخلية المنفذة، وهو ما عزز صورته كأحد رموز “الإرهاب الاستيطاني” في الخطاب الفلسطيني.
ومن بين التصريحات المثيرة التي نُسبت له، قوله: “بناء منزل لي يوازي قتل 10 آلاف فلسطيني”، وهو ما أعاد النشطاء تداوله بكثافة عقب إعلان وفاته، واصفين إياه بـ”عرّاب المشروع الاستيطاني الإسرائيلي” و”رمز التطرف والعداء للفلسطينيين”.
في المقابل، نعته جهات استيطانية إسرائيلية بوصفه “أيقونة نضال من أجل أرض إسرائيل”، فيما استذكر آخرون مقتل نجله، جيلعاد زار، ضابط الأمن في إحدى المستوطنات، الذي قُتل عام 2001 على يد مقاومين فلسطينيين قرب نابلس.
اترك تعليقاً