منشآت الطاقة الإيرانية والإسرائيلية في مرمى النيران.. ما أبرز المواقع المستهدفة؟

تصاعدت الجهود الدبلوماسية لاحتواء الأزمة بين إسرائيل وإيران، حيث أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بحثا خلاله تطورات الصراع بين الطرفين، مؤكدين خطورة التصعيد الإقليمي المتواصل.

ووفق بيان صادر عن الرئاسة التركية، شدد أردوغان خلال المكالمة على أن “دوامة العنف التي بدأت بهجوم إسرائيل على إيران تهدد أمن المنطقة بأكملها”، مشيرًا إلى ضرورة التحرك العاجل لوقف التصعيد ومنع انزلاق الشرق الأوسط نحو صراع مفتوح واسع النطاق، وتناولت المحادثة بين الرئيسين، إلى جانب التصعيد الإيراني الإسرائيلي، العلاقات الثنائية بين أنقرة وموسكو، فضلًا عن عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن روسيا لا تزال مستعدة للعب دور الوسيط بين إسرائيل وإيران، إذا طُلب منها ذلك، موضحًا أن “العرض الروسي للوساطة لا يزال قائمًا، بما في ذلك المقترحات التي سبق أن طرحها الرئيس فلاديمير بوتين خلال محادثة سابقة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب”.

هذا وكانت شنت إسرائيل، مساء السبت 14 يونيو 2025، سلسلة من الهجمات الجوية المركزة استهدفت منشآت طاقة استراتيجية في إيران، أبرزها حقل “بارس الجنوبي” للغاز، إلى جانب مستودعات وقود ومصافي نفط رئيسية في طهران، مما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة وتعليق جزئي للإنتاج، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة على استقرار أسواق الطاقة العالمية.

حقل “بارس الجنوبي” تحت النار

أكدت وكالة “تسنيم” الإيرانية أن القصف الإسرائيلي ألحق أضراراً كبيرة بمنشأة معالجة الغاز في المرحلة 14 من حقل “بارس الجنوبي” في محافظة بوشهر، وتسبب في توقف منصة الإنتاج البحرية التي توفر نحو 12 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، كما اندلع حريق ضخم في مصنع غاز “فجر جم”، أحد أكبر منشآت المعالجة المرتبطة بالحقل.

ويعد “بارس الجنوبي” أكبر حقل غاز في العالم، ويحتوي على نحو 1260 تريليون قدم مكعب من الغاز القابل للاستخراج، أي ما يقارب 20% من الاحتياطات العالمية. وهو مسؤول عن ثلثي إنتاج الغاز الإيراني المستخدم لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء والصناعة.

استهداف منشآت نفطية في طهران

الهجمات طالت كذلك مستودع “شهران” لتخزين الوقود شمال غرب طهران، أحد أكبر مستودعات الوقود في العاصمة، حيث أدى القصف إلى اشتعال حرائق هائلة، وتبلغ سعة المستودع حوالي 260 مليون لتر، ويزوّد محطات توزيع الوقود في شمال طهران بالبنزين والديزل ووقود الطائرات.

إضافة إلى ذلك، أُفيد عن اندلاع حرائق قرب مصفاة “الري” جنوب طهران، إحدى أقدم مصافي النفط في إيران، بقدرة تكرير يومية تقارب 225 ألف برميل. ورغم نفي وسائل إعلام محلية استهداف المصفاة بشكل مباشر، فإن خزان وقود خارجي اشتعل بالكامل.

أهمية المنشآت المستهدفة

تشكل المنشآت المستهدفة العمود الفقري لإمدادات الطاقة في إيران، ويعد أي خلل في عملياتها تهديداً مباشراً للقدرة الإنتاجية للكهرباء، وسلاسل التوزيع في المناطق السكنية والصناعية، خاصة في طهران والمحافظات الجنوبية، وتشير تقديرات حكومية إلى أن أي تعطيل واسع النطاق قد يكلف الاقتصاد الإيراني نحو 250 مليون دولار يومياً بسبب انقطاعات الكهرباء والوقود.

الهجمات جاءت عقب يوم من التصعيد بين الطرفين، بدأته إسرائيل بهجمات على مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، واغتيال عدد من القادة والعلماء، تلاها رد إيراني بصواريخ وطائرات مسيرة استهدفت عدة مدن إسرائيلية/وأدت المواجهات إلى مقتل عشرات الإيرانيين، بينهم 20 طفلاً، إضافة إلى 10 قتلى في إسرائيل، وأكثر من 800 جريح من الجانبين.

وفي ظل هذه التطورات، حذّر مسؤولون إيرانيون من إمكانية إغلاق مضيق هرمز، وهو ممر حيوي لعبور نحو 20% من النفط العالمي. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن أي اضطراب في المضيق سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، وهو ما بدأت ملامحه بالظهور مع ارتفاع الأسعار بنسبة 9% في أعقاب الهجمات.

 24 قتيلاً في إسرائيل وواشنطن تنشر طائرات دعم جوي استعداداً للأسوأ

تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأيام الماضية، حيث أعلنت الحكومة الإسرائيلية، اليوم الاثنين 16 يونيو 2025، عن مقتل 24 شخصاً وإصابة نحو 600 آخرين، في سلسلة هجمات صاروخية إيرانية استهدفت أراضيها على مدى ثلاثة أيام.

وذكر المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية أن 592 شخصاً أُصيبوا، بينهم 10 في حالة حرجة و36 إصابتهم متوسطة، فيما بلغ عدد الإصابات الطفيفة 546، مشيراً إلى أن 30 موقعاً في أنحاء مختلفة من إسرائيل تعرضت للقصف بـ370 صاروخاً أُطلقت من إيران.

وفي تطور ميداني لافت، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أربعة من كبار ضباط الاستخبارات الإيرانية، بينهم رئيس استخبارات الحرس الثوري محمد قطمي، في غارة جوية استهدفت مبنى في العاصمة طهران، وفق بيان صادر عن المكتب الصحفي للجيش الإسرائيلي.

وفي السياق ذاته، تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن تحركات عسكرية غير مسبوقة للقوات الجوية الأمريكية، مشيرة إلى مغادرة 30 طائرة للتزود بالوقود من طرازي “KC-135″ و”KC-46” قواعدها في البر الرئيسي للولايات المتحدة نحو وجهات عبر المحيط الأطلسي.

واعتبرت مجلة “ميليتري ووتش” أن هذا الانتشار الواسع قد يكون تمهيداً لدور أمريكي مباشر في الصراع الإيراني الإسرائيلي.

تصعيد غير مسبوق: أبرز المواقع التي استهدفتها الضربات الإيرانية داخل إسرائيل

شهدت إسرائيل موجة غير مسبوقة من الهجمات الإيرانية، حيث أطلقت طهران عشرات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في واحدة من أعنف الضربات المباشرة منذ تصاعد المواجهة بين الجانبين.

ووفق المعلومات المتداولة، استهدفت الضربات الإيرانية مواقع عسكرية ومراكز بحثية وبنية تحتية حيوية، من أبرزها:

  • مقر القيادة العسكرية في “الكرية” (وسط تل أبيب): أصيب بضربة مباشرة بصاروخ باليستي، ما ألحق أضرارا في محيط المجمع الأمني الأكثر تحصينا في إسرائيل.
  • معهد وايزمان للعلوم في مدينة رهوفوت: تعرّض لهجوم بصواريخ دقيقة طالت مختبرات ومبانٍ بحثية، وسط تكتم رسمي حول طبيعة الخسائر.
  • قاعدة “نيفاتيم” الجوية قرب تل أبيب: تُعدّ من أهم قواعد سلاح الجو الإسرائيلي، وشكّلت هدفًا واضحًا في هذه الجولة من القصف.
  • ميناء حيفا
  • مصنع الأمونيا ومحطة توليد الكهرباء تعرضا لأضرار بالغة.
  • مصفاة “بازان” للنفط تضررت بشكل مباشر، ما أدى إلى اندلاع حريق ضخم استمر لساعات.
  • أنابيب الطاقة المجاورة أصيبت، ما أثار مخاوف من أزمة طاقة محلية.
  • بات يام (جنوب تل أبيب): سقط صاروخ على مبنى سكني ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة أكثر من 100 آخرين، في إحدى أعنف الضربات التي طالت مناطق مدنية.
  • رمات غان: دمّرت الضربة مبنى سكنيا بالكامل وألحقت أضرارا بمنازل مجاورة، ما أسفر عن مقتل امرأة وعدد من الجرحى.
  • ريشون لتسيون: استُهدف منزلان سكنيان، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وسقوط عدد من المصابين.
  • الشمال الإسرائيلي: سقط صاروخ بشكل غير متوقع، وأحدث أضرارا مادية طفيفة دون تسجيل إصابات.

وأكدت مصادر أمنية إسرائيلية أن إيران استخدمت صواريخ دقيقة يصعب التصدي لها، وهو ما يفسر حجم الأضرار ودقة الضربات في مواقع ذات طابع استراتيجي.

وتعكس هذه الضربة الإيرانية تطورا نوعيا في مستوى الردود العسكرية، وتضع إسرائيل أمام تحديات أمنية داخلية غير مسبوقة منذ عقود، خاصة في ظل استمرار الردود المتبادلة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً