من سرق مصحف الشعب؟

من سرق مصحف الشعب؟

كان الجميع يجهش بالبكاء، وكان الإمام مالك بن دينار يرى الدموع في عيون كل المصلين، وهو يفرغ من خطبته المؤثرة، ولكنه افتقد مصحفه الثمين.

كان سؤالا لابد أن يطرأ: “ويحكم كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟.

نعم هناك مصحف اختفى ذات واقعة اختلاس، وهناك لص تنزل دموعه من بين المصلين، الذين لاذوا بالصمت، والبكاء.

اليوم تستدعي ذاكرتنا نفس السؤال، مع الكثير من الخيبة، والكثير من المرارة.

الجميع يتكلم عن الفساد، والجميع يدخل في وصلة بكاء طويلة، ولا ينقصنا إلا سؤال، “من سرق المصحف”؟ نقصد من سرق المال العام؟.

الفساد ليس شخصا بعينه، ولا قبيلة بعينها، ولا مؤسسة بعينها، إنما وقائع موصوفة، ومحددة، وحتى واضحة.

يعني الفساد ليس سلاحا سياسيا يمكن أن نفتحه على الخصوم، بمنطق: (انت ضدي إذن أنت فاسد)،

ومكافحة الفساد ليس وقفا على مكتب النائب العام، أو الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أو ديوان المحاسبة، بل هي مسؤولية، الموظف، وطبيب الصحة العامة، والمرشد الزراعي، وسائق التاكسي، والجميع.

فمهما يكون نظام المحاسبة قوي، لن يكون فعّالا، ما لم تكن هناك بيئة طاردة للفساد، تبدأ بغفير المدرسة الذي يرفض مصاهرة أثرى الأثرياء، لان هناك أسئلة بدون إجابة عن مصدر أمواله.

للأسف من تفتح لهم أبواب المرابيع، هم أبطال فساد الاعتمادات، وحتى تجار الترامادول، والحشيش.

ولهذا سيظل الكثير ممن يقتلون الإصلاح، ويمثلون بجثته، ثم يمشون في جنازته مع تكفيف عيونهم المبلولة بالدموع خلف نظاراتهم السوداء.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

عبدالرزاق الداهش

كاتب وصحفي ليبي

اترك تعليقاً