هل لا تزال هناك خصوصية فى ظل الانترنت والعصر الرقمي؟

أحمد المجدوب

السطور التالية قد لا تكون ذات اهتمام من العديد منا لانه لا وجود للبيانات والمعلومات الشخصية ذات الحاجة للخوف من معرفتها من قبل الاخرين، ولكن الامر اصبح مجال اهتمام متزايد من الاخرين، اذ ان اليوم وغدا وبعده فالجميع يتواجد فى العصر الرقمى والذى يزداد وسيزداد التواصل والارتباط المباشر مع الاخرين، ويتم ذلك بواسطة الاجهزة المختلفة وخاصة الهواتف بانواعها، ومنصات التواصل الاجتماعى ومحركات البحث على الانترنت وانترنت الاشياء، يضاف الى ذلك مشاهدة القنوات المرئية.

التطور الكبير الحاصل بانترنت الاشياء التى جعلت التواصل والاتصال بين البشر والاشياء والاشياء فيما بينها له الاثر الفعال فيما يحتاجه البشر من خدمات وعوائد وفوائد، ولايزال الكثير منها قادم.

تؤدي التطورات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى تحسين الاتصال في الوقت الفعلي وتبادل المعلومات بشكل كبير فى اى وقت واى مكان، فمن خلال تحسين الوصول إلى المعلومات وتسهيل تبادلها عالميا فذلك يعزز المشاركة المفتوحة، وهى بالتالى توفر الأمل بتحسين التواصل والاستفادة والتمتع بما تقدمة من خدمات.

اصبح لدى العديد من دول العالم ان التكنولوجيات الحديثة والجديدة عرضة للمراقبة الإلكترونية واعتراض ما يتم عن طريقها من محتوى، وكيف يتم تطوير تكنولوجيات جديدة بشكل سري لتسهيل تلك الممارسات بكفاءة، وبالتالى فان مثل هذه المراقبة تهدد الحقوق الفردية بما في ذلك الخصوصية وحرية التعبير وامن البيانات والمعلومات.

واقع العصر الحالى ادى الى ثورة رقمية تحويلية، فاعداد كثيرة من الناس في جميع أنحاء العالم مترابطة الآن ولديها إمكانية وصول غير محدودة تقريبا إلى المعرفة، وقدرة متزايدة لامكانيات الحاسوب وخاصة ما يتعلق بمعالجة البيانات وتخزينها وتبادلها، واستعمال الحوسبة والتخزين السحابى فى ذلك.

مثل هذه التطورات التكنولوجية السريعة تخلق تحديات خطيرة بالنسبة للبشر في إنفاذ القانون، فهناك كفاح من أجل مواكبة استخدام المجرمين للتكنولوجيا حتى مع تزايد الاعتماد على الأدوات الرقمية، فيمكن القول بانها لعبة عالية التكنولوجيا بين الصح والخطء، ومع ذلك فإن الثورة الرقمية تزيد من حدة التوترات الأساسية فيما يتعلق بأفضل السبل للتوفيق بين خصوصية الافراد والرغبة في الأمان الشخصي لهم، ودور الدولة فى العمل للتوفير واستقرار الامن لكل المواطنين وحرياتهم الفردية.

إن إنترنت الأشياء التى سهلت الترابط بالعالم بشكل متزايد واخذت في التوسع بسرعة، وما للاجهزة المرتبطة وما يتم استخدامه من البشر من اجهزة رقمية حديثة مثل الحواسيب بانواعها المختلفة والهواتف الذكية والأجهزة القابلة للارتداء والكاميرات وأجهزة التلفزيون والسيارات وأنظمة الإنذار المنزلية والألعاب والأجهزة المنزلية، فهذه الأجهزة المتصلة تعتمد على البيانات والمعلومات المتعلقة بالبشر مثل سلوكياتهم وتفضيلاتهم وكتاباتهم وحديثهم ومشاهداتهم والتى اغلبها اصبحت متاحة لهم ولغيرهم.

مجتمع العديد من الدول به من يترصد ويستعمل ما وفرته التكنولوجيا الحديثة من امكانيات، فكاميرات الفيديو المختلفة والتى منها بالحاسوب والهاتف المحمول والذكى وأعمدة الإنارة وواجهات المحلات والجهات العامة والطائرات بدون طيار في السماء، وهى جميعها تجمع كما كبيرا جدا من البيانات والعلومات عن أصحابها ترسلها الى ابراج تنتشر فى المدن وخارجها، فعلى سبيل المثال تعمل الكاميرات بالشوارع على تتبع البشر وتحركات وسائل المواصلات، وبالتالى تحتفظ بنفسها بسجل تفصيلي لكل ما يمر امامها ويتم ملاحظة كل موقف وارسال ذلك الى مراكز مخصصة، ومثال اخر ما تقوم به العديد من المتاجر والاسواق من تفحص وتذكر وتحليل كل عملية شراء من قبل كل مستهلك.

اليوم تستطيع أجهزة التلفزيون الذكية معرفة المحتوى الذي تراقبه، فتكون لدى جهات معينة عيون واذان مباشرة لمشاهدة والاستماع لما يشاهده ويتحدث به الجالس امام التلفزيون.

ان النمو الهائل فى امكانيات سعات تخزين البيانات والمعلومات من سجلات ومكالمات ورسائل الهاتف وعناوين الويب ورسائل البريد الإلكتروني والنصوص والتنزيلات، والسجلات الطبية وإيرادات البيع وأرصدة البنوك وأرقام البطاقات الاكترونية ومسارات السفر، اى ان كل البيانات والمعلومات الرقمية الداخلة والخارجة فى المجال الرقمى، فهذا مجال محفز للجهات التى لها الصلاحية القانونية والاخرى ذات القدرة على الاختراق غير القانونى، فذاك سيحفز الجميع على جمع كل البيانات المتاحة  بكل شيء وبالتالى تكون الخصوصية والاسرار الشخصية، وكذلك الامر بالنسبة للجهات الحكومية والعامة والخاصة كلها فى وضع صعب للحفاظ عليها، ما لم تكن هناك امكانيات برمجية ومادية للتغلب والحد من ذلك.

ختاما من المعروف ان العصر الحالى اتاح امكانيات التحول الى الهوية الرقمية والتى هى بيانات ومعلومات مرتبطة بالأنشطة التي يقوم بها الافراد في الفضاء السيبراني، كنتيجة للتفاعل مع المستخدمين الآخرين أو المنظمات أو الخدمات عبر الإنترنت، حيث تتضمن بشكل عام بيانات شخصية يتم تقديمها عادة إلى أطراف ثالثة، والتى تقوم في كثير من الأحيان بمعالجة تلك البيانات أو تخزينها أو نقلها، وقد يصل الامر الى حد جني الأرباح من ذلك، ويوجد حاليا العديد من الخدمات عبر الإنترنت التي تعرف الكثير عن أنشطة ومهام  وتفضيلات وبيانات تحديد الهوية للافراد والتي تستخدم في حد ذاتها لأغراض تجارية، وبذلك يشعر الكثير من الناس بالقلق من وجود اناس يتجسسون عليهم عبر منصات التواصل الاجتماعى،  ويمكن سرقة بياناتهم الشخصية وهناك الناس السيئين يتتبعون تحركاتهم، فإن حماية كل البيانات والمعلومات تساعد على حماية الحياة الخاصة.

الدول في لحظة متقلبة من الناحيتين التكنولوجية والقانونية، والتي تدعو كل الجهات ذات السلطات التشريعية والتنفيذية والقانونية من أجل العمل لحماية الخصوصية بشكل اساسى وتعزيز الأمن في نفس الوقت.

مما سبق هل لاتزال هناك خصوصية اليوم وغدا؟!

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً