سفير أميركا الجديد يطمئن التونسيين بشأن دوره في بلادهم

_210902_dan

اختار دانيال روبنشتاين سفير الولايات المتحدة الأميركية الجديد في تونس خلال أول مؤتمر صحفي له أن “يطمئن” القوى السياسية والمدنية على أن “خبرته” التي اكتسبها طيلة سنوات كـ”قنصل” في عدد من بلدان الشرق الأوسط التي تشهد حربا أو نزاعات “ليست مبررا للتشكيك أو الخوف من شخصه”، ملاحظا أن تعيينه سفيرا في تونس جاء لـ”تفعيل السياسة الأميركية ومساعدة الشعوب على تحقيق السلم والديمقراطية ومقاومة الإرهاب”.

وقال روبنشتاين خلال أول مؤتمر صحفي عقده الجمعة 6 تشرين الثاني بمقر السفارة على أنه “لا يعتبر تونس منطقة نزاعات” وعلى أنه “لا علاقة لمنصبه كقنصل في عدد من البلدان التي تشهد حربا أو نزاعات من ذلك القدس أو سوريا مع مهمته في تونس”.

وجاءت “تطمينات” روبنشتاين القادم من عالم استخبارات واشنطن في منطقة الشرق الأوسط وتأكيده على عدم الخوف من شخصه “ردا ضمنيا” على ما تعليقات دبلوماسيين وسياسيين سبقت مباشرته لـ”مهامه” مفادها أن تعيينه سفيرا بتونس خلفا لجاكوب والس “يعد مؤشرا قويا على أن واشنطن باتت تراهن على “دبلوماسية الاستخبارات” في المنطقة لإحكام إدارتها للأحداث بما من شأنه أن يضمن لها خدمة مصالحها الاستراتيجية.

وعين باراك اوباما في بداية شهر يونيو/حزيران 2015 دانيال روبنشتاين الذي كان موفدا للولايات المتحدة إلى سوريا سفيرا لواشنطن في تونس، خلفا لجاكوب والس غير أنه تسلم مهامه بصفة رسمية في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015.

ويعتبر روبنشتاين واحدا من أبرز الدبلوماسيين الأميركيين المستعربين الذين يمتلكون تجربة وخبرة بشأن العمل الدبلوماسي الإستخبارتي ومعرفة دقيقة بالأوضاع في المنطقة العربية عامة وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة.

وهو من الوزراء المستشارين الذين عملوا في قسم الخارجية كما شغل منصب النائب الأول لمساعد وزير الخارجية في مكتب الاستخبارات والأبحاث.

وبدا روبنشتاين في أول مؤتمر صحفي له وكأنه “يخفف” من توجس السياسيين والإعلاميين الذين لا يترددون في القول بأن “مهامه” تتجاوز العمل الدبلوماسي في تونس لتشمل “مهام أهم” تشمل “مهام استخباراتية” في المنطقة خاصة في ما يتعلق بنشاط الجماعات الجهادية والأوضاع الأمنية المتدهورة في ليبيا وتداعياتها على البلدان المجاورة لها.

ويقول دبلوماسيون وسياسيون إن تعيين دانيال روبنشتاين سفيرا جديدا في تونس يعد مؤشرا قويا على أن واشنطن تسعى إلى الرفع من مستوى أداء دبلوماسيتها الاستخباراتية في منطقة تشهد تدهورا أمنيا ما انفك يتزايد نتيجة استقواء الجماعات الجهادية وفي مقدمتها تنظيم الدولة.

وكشف دانيال روبنشتاين، أنه التقى مع الرئيس الباجي قايدالسبسي ووزراء الشؤون الخارجية الطيب البكوش والمالية سليم شاكر مشيرا إلى أنه سيلتقي قريبا مع قوى المجتمع المدني وخاصة ممثلي الرباعي الراعي للحوار الوطني، الاتحاد العام التونسي للشغل ونقابة أرباب العمل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين المتحصلين مؤخرا على جائزة نوبل للسلام، إضافة إلى لقاءات سيجريها مع مسؤولي الأحزاب السياسية.

والتزم السفير الأميركي “الحذر” خلال رده على أسئلة الصحافيين بشأن موقف واشنطن من الأوضاع في ليبيا حيث اكتفى بالإشارة إلى أن بلاده تدعم جهود المبعوث الأممي برنادينوا ليون في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.

وفي بداية شهر سبتمبر/ايلول 2015، أعلنت تونس والولايات المتحدة الأميركية عن “تكثيف التعاون الاستخباراتي بينهما” بهدف تعزيز مكافحة الجماعات الجهادية التي باتت هجماتها تهدد المنطقة.

وكشفت ان باترسون مساعدة كاتب الدولة للشؤون الخارجية الأميركي، مكلفة بالشرق الأوسط في أعقاب لقائها أنداك برئيس الحكومة الحبيب الصيد بقصر الحكومة بتونس العاصمة أن اللقاء تدارس “التعاون الثنائي القائم بخصوص التبادل الاستعلامي الوثيق والتنسيق المعلوماتي المستمر بين البلدين حول ملف الإرهاب من أجل تأمين التصدي الناجع لهذه الآفة” التي تهدد المنطقة بكاملها.

ويقول الخبراء الأمنيون والعسكريون “إن الدعم الأمني والعسكري الأميركي لتونس يأتي في سياق تعزيز قدرات تونس في مكافحة الجماعات الجهادية التي وجهت ضربات موجعة للبلاد كما يأتي الدعم في سياق مواجهة واشنطن للأوضاع المتفجرة في ليبيا، التي سبق أن قتل فيها السفير الأميركي، وهو وضع بات مبعث انشغال كبير لواشنطن”.

وتقول تقارير أمنية واستخباراتية إن “العمل الاستخباراتي للولايات المتحدة الأميركية بشأن مراقبة الأوضاع في المنطقة بصفة عامة “ليس بجديد” مشددين على أن وكالة الاستخبارات الأميركية “زرعت” مند شهر ديسمبر/كانون الأول 2013 وحدات من ضباطها وجنود تابعين لقوات الأفريكوم وقوات المارينز في المثلث الصحراوي الذي لا يوجد به أي جيش نظامي.

وتعمل الوحدات العسكرية الأميركية في إطار السرية المطلقة وتتمثل مهمتها الأساسية في جمع كل المعلومات المتعلقة بتطورات الأوضاع في ليبيا وفي الجزائر وفي تونس قبل أن تمد الإدارة الأميركية بـ”تقارير” يتم اعتمادها من طرف صناع القرار في واشنطن في رسم ملامح السياسة التي يجب أن تنتهجها الولايات المتحدة في تعاطيها مع تطورات الأوضاع في المنطقة.

ويرجع المحللون السياسيون”تعزيز التعاون الاستخباراتي بين تونس وواشنطن إلى نوع من التحول في رؤية واشنطن لتطور الأوضاع في المنطقة وهم يرون “الولايات المتحدة الأميركية باتت أكثر اقتناعا بأن تونس توجد حاليا في منطقة خطيرة جدا من الناحية الأمنية”.

ويضيف المحللون أن “تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا جعل الأميركيين يعتبرون أن مواجهة تونس للتنظيمات الراديكالية تمثل أولوية قصوى خاصة مع تمدد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا وبسط سيطرته على مناطق ليبية لا تبعد عن الحدود التونسية سوى 70 كيلومتر.

ويتوقع مراقبون أن يقود روبنشتاين “جهودا استخباراتية” في المنطقة بما يعزز “إلمام” واشنطن بتفاصيل الأوضاع وتطوراتها من خلال توفير بنك معلومات دقيقة وشاملة يكون كفيلا بمساعدة مراكز القرار الأميركي على إدارة تلك الأوضاع بشكل أفضل باتجاه خدمة مصالحها الاستراتيجية.

ويرجع المراقبون “توقعاتهم” إلى أن دانيال روبنشتاين يعد أحد أبرز المقربين من دوائر صنع القرار في واشنطن و”رجل المهمات الصعبة” الذي “أدار” أخطر الملفات في غالبية بلدان الشرق الأوسط خلال سنوات طويلة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً