رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالإعلان المشترك الشامل الذي وقعته أرمينيا وأذربيجان برعاية الولايات المتحدة، معتبرًا إياه محطة مهمة في مسار تطبيع العلاقات بين البلدين بعد عقود من النزاع.
وقال غوتيريش، في منشور على منصة إكس، إنه يثمن الاتفاق الذي وقعه أمس الجمعة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، مشددًا على أهمية هذه الخطوة في دفع عملية السلام قدمًا.
وجرى توقيع الإعلان المشترك الثلاثي في العاصمة واشنطن، حيث وصف ترامب الاتفاق بأنه “سلام ووقف لإطلاق النار”، مؤكدًا أن الطرفين اتفقا على التعاون بشكل نشط مع بعضهما البعض ومع الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.
ويأتي هذا الاتفاق بعد سنوات من التوتر والحروب المتقطعة حول إقليم قره باغ، إذ بدأت يريفان وباكو عام 2022، بوساطة من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مناقشة معاهدة سلام شاملة، وفي أيار 2023، أعلن باشينيان استعداد أرمينيا للاعتراف بسيادة أذربيجان ضمن حدودها السوفيتية السابقة، بما يشمل الإقليم المتنازع عليه، وفي 19 أيلول 2023، نفذت أذربيجان عملية عسكرية في قره باغ أعلنت على إثرها استعادة كامل سلامتها الإقليمية، بينما قررت السلطات المحلية في الإقليم حل الجمهورية غير المعترف بها اعتبارًا من مطلع يناير 2024.
المعارضة الأرمينية: إعلان واشنطن يشكل تهديداً لسيادة أرمينيا
أعلن مكتب حزب “داشناكتسوتیون” الأرمني المعارض أن الإعلان المشترك الموقع في 8 أغسطس بين أرمينيا والولايات المتحدة وأذربيجان في واشنطن يمثل “ضربة قوية لسيادة أرمينيا”.
وجاء في بيان الحزب المنشور على موقعه الرسمي أن الإعلان لا يعكس فقط المصالح الوطنية والدولية لأرمينيا، بل ينتهك سيادتها ويهدد وجودها كدولة مستقلة.
واتهم الحزب القيادة الأرمنية باتخاذ قرارات “غير متوازنة” و”تحت سرية غير مقبولة”، موضحاً أن هذه القرارات تتجاهل الحقوق الجماعية والمصالح الحيوية للشعب الأرمني، وتسبب تحديات جديدة للأمن الإقليمي، وتخل بالتوازن العسكري والسياسي في المنطقة.
وأشار الحزب إلى أن الهدف من الإعلان هو “الحفاظ على سلطة القيادة الحالية في أرمينيا عبر تحويل البلاد إلى ساحة تصادم للمصالح الجيوسياسية”.
وجاء هذا الإعلان عقب لقاء جمع رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في واشنطن، حيث تم توقيع اتفاقية مبدئية بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان لتحقيق السلام وتعزيز العلاقات الدولية.
كما وافقت أرمينيا على التعاون مع الولايات المتحدة وأطراف ثالثة لإنشاء “طريق ترامب للسلام الدولي والازدهار”، وهو ممر يربط أذربيجان بمنطقة نخجوان الذاتية عبر الأراضي الأرمنية.
من جانب آخر، عبّر مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي أكبر ولايتي عن معارضة طهران للمشروع، محذراً من أن تنفيذه “يهدد أمن جنوب القوقاز”.
وأشارت مصادر لوكالة “رويترز” إلى أن أرمينيا تخطط لمنح الولايات المتحدة حقوقاً حصرية لتطوير ممر عبور طويل الأمد يحمل اسم “طريق ترامب”، حيث ستتولى واشنطن تأجير الأراضي لإدارة البنية التحتية وفق القوانين الأرمنية.
إيران: لا نقبل بتغيير الجغرافيا السياسية للحدود ونحذر من التدخلات الخارجية في القوقاز
أكد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي، الأحد، أن بلاده لن تقبل بأي تغيير في الجغرافيا السياسية للحدود، مشدداً على أن أرض أرمينيا الملاصقة لحدود إيران معترف بها لدى طهران، وأن الخط الأحمر يتمثل في منع انعدام الأمن على الحدود.
بدوره، أوضح مهدي سنائي، المستشار السياسي للرئيس الإيراني، أن طهران ترحب بالسلام بين جيرانها ولا تعارض فتح الطرق وخطوط المواصلات، لكنها تتحفظ على أي مشاريع تُدخل قوى ومنظمات من خارج المنطقة في المنظومة الأمنية والجيوسياسية للقوقاز، محذراً من أن ذلك قد يمهد لتصعيد التوتر.
وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية، أن ما يتم تداوله حول تأجير “ممر زنغزور” لمدة 99 عاماً للولايات المتحدة مجرد تصريحات إعلامية، مشددة على ضرورة احترام الحدود الجغرافية شمال غربي إيران وعدم إغلاق الممرات الحيوية.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن طهران على تواصل دائم مع جيرانها في جنوب القوقاز، وتحافظ على علاقات جيدة مع كل من أذربيجان وأرمينيا على أساس المصالح المتبادلة، مشيراً إلى أن نص اتفاق السلام بين البلدين لم يُنشر بعد، وأن ما يُثار حول الممر لم يصدر فيه أي تصريح رسمي.
وجدد بقائي دعم بلاده للسلام بين أذربيجان وأرمينيا، مؤكداً أن إيران تتوقع ألا تؤثر التطورات الأخيرة على مصالحها بشكل مباشر أو غير مباشر، مع التحذير من التدخلات الخارجية.
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد رحبت السبت بنص اتفاق السلام الموقع بين أذربيجان وأرمينيا، لكنها أعربت عن قلقها من العواقب السلبية لأي تدخل خارجي، مؤكدة أنها تتابع عن كثب التطورات في جنوب القوقاز وتتواصل مع الجانبين للحفاظ على الأمن والاستقرار.
وأوضحت الخارجية أن السلام الدائم في القوقاز يصب في مصلحة جميع دول المنطقة، مشيرة إلى استعداد إيران لاتخاذ كل التدابير السياسية والقانونية والاقتصادية لحماية مصالحها الوطنية، مع تأكيد أن فتح طرق التواصل يجب أن يتم في إطار احترام السيادة وسلامة الأراضي وبدون تدخلات أجنبية.
كما جددت طهران استعدادها للتعاون الثنائي والإقليمي، عبر آليات مثل صيغة 3+3، مع كل من أذربيجان وأرمينيا لتعزيز الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
يأتي ذلك بعد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ورئيس أذربيجان إلهام علييف، في 8 أغسطس 2025، إعلاناً مشتركاً في واشنطن ينص على وقف دائم لإطلاق النار، وتطبيع العلاقات التجارية والدبلوماسية، وإطلاق “مبادرة ترامب للسلام والازدهار الدوليين” لدعم الحوار والتعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا.






اترك تعليقاً