في خطوة تعكس تزايد الوعي السياسي والشعور بالمسؤولية لدى الجيل الجديد، قدم مجموعة من الشباب المغاربة وثيقة شعبية إلى الملك محمد السادس، تتضمن جملة من المطالب الإصلاحية في مجالات السياسة والاقتصاد والمجتمع. الوثيقة التي تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منها، تتبنى مطالب عدة أبرزها إقالة الحكومة الحالية، محاسبة المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد، وضمان العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
وأكد الشباب في الوثيقة أن الجيل الجديد “لم يعد يقبل استمرار الأوضاع الحالية”، مشيرين إلى ضرورة “إصلاح عميق يربط المسؤولية بالمحاسبة ويؤسس لعلاقة جديدة بين المواطن والدولة قوامها الثقة والعدالة”.
وتوزعت مطالب الشباب على ثمانية نقاط رئيسية، شملت:
- إطلاق سراح معتقلي الرأي والحركات الشعبية والطلابية.
- تعزيز حرية التعبير والاحتجاج السلمي.
- حل الأحزاب المتورطة في قضايا الفساد.
- عقد جلسة وطنية علنية للمساءلة أمام أنظار الشعب، برئاسة الملك.
وفي ختام الوثيقة، أكد الشباب على أن “هذه الرسالة تعبر عن إرادة جيل جديد يرفض الاستمرار في دوامة الفساد والفشل، ويؤمن بأن مستقبل المغرب لا يمكن أن يُبنى إلا على أسس العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق والحريات”.
هذه الوثيقة تمثل تطورًا مهمًا في الحراك الشعبي بالمغرب، وتعكس رغبة قوية لدى الشباب في تغييرات جذرية تضمن لهم مستقبلاً أكثر عدلاً واستقرارًا.
هذا وتتواصل احتجاجات شباب “جيل Z” في مختلف المدن المغربية بشكل سلمي لليوم السادس على التوالي، بعد ليلة شهدت أحداث عنف خلفت مصرع ثلاثة أشخاص، وفق ما نقلته مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.
وأفادت المصادر بتراجع مظاهر العنف خلال احتجاجات الخميس، التي انتهت في حدود الساعة الثامنة مساءً، مع غياب حملات التوقيفات الأمنية، في إشارة إلى حالة من الهدوء النسبي.
وتطالب الاحتجاجات بإصلاحات حقيقية في قطاعي التعليم والصحة، إلى جانب مكافحة الفساد الذي يعتبره الشباب سببًا رئيسيًا للأزمات الاجتماعية.
وشهدت العاصمة الرباط، وخاصة في حي أكدال، تجمع عشرات المحتجين من “جيل Z” وهم يرددون شعارات مناهضة للحكومة، حيث وجهوا شكرهم لقوات الأمن التي لم تتدخل خلال التظاهرات السلمية.
وقال أحد الشباب المحتجين: “هناك مشكلة كبيرة في الثقة بين الشباب والسياسيين، ولن يثق أحد في وعودهم مهما قالوا”. وتباينت آراء المشاركين حول دور المؤسسات، بين من يرونها غير فعالة ومن يعتقدون بأن بعضها ما يزال يعمل.
وفي مدن أخرى مثل الصويرة ووجدة وحد السوالم، شهدت الاحتجاجات مشاركة مراهقين وشبابًا مطالبين بحقوقهم الأساسية، خصوصًا في الصحة والتعليم، مع تأكيدهم على تفاقم معاناة المناطق النائية من نقص الخدمات.
وجاءت هذه الاحتجاجات في ظل أزمة سياسية واجتماعية متفاقمة، خاصة بعد مقتل ثلاثة أشخاص في بلدة القليعة خارج أكادير إثر إطلاق نار من قبل قوات الأمن خلال احتجاجات سابقة.
وتنظم الاحتجاجات حركة شبابية غير قيادية تعرف بـ”جيل Z 212″، تؤكد رفضها للعنف، وتطالب بالتعبير السلمي عن المطالب، والتي تشمل تحسين جودة الحياة وتوفير الخدمات الأساسية.
يُشار إلى أن المغرب يستعد لاستضافة بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم هذا العام، فيما يتطلع المواطنون إلى انتخابات برلمانية مرتقبة في 2026، وسط أجواء من الاستياء بسبب الفوارق الاجتماعية والتنموية المستمرة.
في السياق، أكد وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، في تصريحاته يوم الجمعة أن المغرب يعد “دولة قوية” قادرة على التعامل مع الحركات الاحتجاجية بنضج سياسي.
وأشار إلى أن “تلبية مطالب الشباب والقاصرين” تعد من مسؤوليات الحكومة، مؤكداً على أن هناك “قرارات مهمة” ستتخذ في المستقبل القريب لتلبية هذه المطالب.
وفي حديثه لبرنامج “رادار” على قناة “سكاي نيوز عربية”، شدد وهبي على أن “التظاهر السلمي” جزء من ثقافة المجتمع المغربي، مع التأكيد على أن الحكومة تميز بين من يمارس حقه في التظاهر السلمي ومن يرتكب أفعالًا إجرامية تستدعي المحاسبة.
وأضاف أن حماية المتظاهرين والممتلكات والمؤسسات تبقى أولوية بالنسبة للحكومة.
كما تناول الوزير ضرورة استمرار الحوار عبر “القنوات الدستورية” المختلفة، بما في ذلك المدارس والمجتمع المدني، بهدف إيجاد حلول توافقية.
وأكد أن الحكومة تدرك القضايا المشروعة التي يطرحها الشارع بشأن قضايا الصحة والتعليم، وأنها تعمل على صياغة تصورات إصلاحية لها.
وفيما يخص المطالب الاجتماعية، قال وهبي إن الحكومة ملتزمة بتلبية تطلعات الشباب والقاصرين، وأنه يتعين على الجميع “الإنصات للشباب” بدلاً من الدخول في “المزايدات السياسية”.
وأكد أن استمرار المظاهرات يعني أن هناك “مشكلة يجب إيجاد حل لها”، وحذر من “الانزلاقات التي قد تنتج عن الفضاء الرقمي غير المنضبط”، مشدداً على مسؤولية الحكومة في التعامل مع هذه التحديات.






اترك تعليقاً