هل للانترنت ومجالات التكنولوجيا الأخرى دور في مكافحة الفساد؟!

م. أحمد المجدوب

تغرق العديد من دول العالم في الفساد، الذي تعرفه منظمة الشفافية الدولية ” على أنه سوء استخدام السلطة المخولة لتحقيق مكاسب خاصة”، أي انه سلوك إنساني سلبي تحركه المصلحة الذاتية بالقطاعين العام والخاص. جل مظاهره تتمثل في الرشوة والمحسوبية والمحاباة والواسطة وتهب المال العام والابتزاز واستغلال النفوذ والاختلاس وغسيل الاموال وتهريب الاموال والسوق السوداء والعمولة.

بشكل عام فقد اجمل العديد من الخبراء والاختصاصيين مجموعة من الاسباب التى لها دور في الفساد، والتى منها على سبيل المثال لا الحصر:

1. “انتشار الفقر والجهل.

2. غياب او ضعف التربية بالبيت وغياب الوازع الدينى.

3. تدني دخل العاملين في القطاع العام وتاخر استلامه وارتفاع مستوى المعيشة.

4. تغلب السلطة التنفيذية على القضائية والتشريعية.

5. تزداد الفرص لممارسة الفساد في المراحل الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية.

6. ضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد.

7. ضعف المرافق والخدمات والمؤسسات العامة التي تخدم المواطن.

8. غياب قوانين وقواعد ونظم العمل والإجراءات المكتوبة الملزمة، مع غياب التشريعات والأنظمة التي تكافح الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه.

9. ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها.

10. ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة في الرقابة على الأداء الحكومي أو عدم تمتعها بالحيادية في عملها.

11. غياب حرية الأعلام وعدم السماح لها أو للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة.”

الانترنت وانترنت الاشياء والاستخدام المكثف لمنصات مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الاعلام الاخرى فكلها تعد وسائل سريعة للنشر ولها دور فعال في المساهمة في التغلب والحد من ظاهرة الفساد، بالاضافة الى جعلها منبرا لكل من أراد المساهمة في مكافحة الفساد، وذلك اذا:

ü تم استحداث موقع متخصص في تقديم لمحة عن حوادث انواع الفساد.

ü وجود قاعدة بيانات بالإنترنت لمكافحة الفساد، بامكان الاطلاع عليها من قبل المواطنين.

ü كانت هناك ارادة وبرامج عملية من قبل المسؤولين على مكافحة الفساد.

ü احسن استعمالها ونشرها وتعميمها.

ü وجود جهات متابعة ورقابة تاخذ الاجراءات المناسبة حيال ما يرد.

ü التشهير بكل ما يكون فساد حقيقى وليس كيدى.

ü النشر على نطاق واسع لمؤشر مكافحة الفساد الذي ينشره البنك الدولي ومؤشر مدركات الفساد الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية.

ü استخدام الهواتف الذكية في نشر الرسائل القصيرة لما يتم معرفته عن الفساد والمفسدين.

وامور اخرى ذات اهمية مثل:

اولا: يمكن استخدام الإنترنت لزيادة الشفافية، فعلى سبيل المثال، فى حال قيام الحكومة بتقديم معلومات علنية حول مخصصات الميزانية والتفاصيل الأخرى ذات الصلة حول المشاريع العامة على مواقع الويب المعنية.

ثانيا: من الآليات القوية التي من خلالها المساهمة فى الحد من الفساد، بتطبيق الإدارة الإلكترونية، اذ إن استخدامها يلغي الحاجة إلى التفاعل المباشر بين المسؤول وخاصة الفاسد والمواطن، وبالتالى الحد من نطاق الطلب على الرشوة والفساد الإداري.

ثالثا: استخدام الحكومة الالكترونية من قبل جميع الجهات العامة لتسهيل تعاملها مع المجتمع المدني ومجتمع الأعمال، وخاصة في مجال التوظيف وتحصيل الضرائب والرسوم والمشتريات العامة والتغلب على الروتين، والتغلب على أحد أهم المصادر الخصبة للفساد المتعلقة بأنشطة المشتريات العامة، اذ يمكن أن يكون حجم مشتريات الدولة من السلع والخدمات ضخما، حيث يتراوح في معظم البلدان بين 5 و10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالى فان ترسية العقود يمكن أن تنطوي على قدر من السلطة التقديرية البيروقراطية، ولأن معظم البلدان لها تاريخ طويل في مجال الكسب غير المشروع والعمولات والتواطؤ في المشتريات العامة، فقد اختار عدد متزايد من البلدان تطبيق إجراءات تضمن مستويات كافية من الانفتاح والمنافسة، وتكافؤ الفرص أمام الموردين، وإجراءات عطاءات واضحة تماماً وموجودة على الانترنت بمواقع كل جهة عامة ببوابة الحكومة الالكترونية.

ختاما من المعروف انه لا يوجد بالطبع أي حل تكنولوجي سريع للفساد النظامي والمؤسسي، فقد يكون تغيير التوقعات والسلوك الراسخ مهمة شاقة، ومع ذلك أصبح لدى المواطنين العازمين على التغيير الآن عدد متزايد من الأدوات والأمثلة على الممارسة التي يمكن الاعتماد عليها، وتشير الخبرة حتى الآن إلى أهمية الجمع بين الأساليب غير المباشرة والمتصلة بالإنترنت في الاستراتيجيات العامة لمكافحة الفساد.

 

 

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً