موجة احتجاجات الهجرة تزعزع المدن الأمريكية الكبرى.. تدخل عسكري في تكساس ولوس أنجلوس ونيويورك

أعلنت ولاية تكساس عن قرارها بنشر قوات الحرس الوطني بهدف “المحافظة على النظام” في ظل احتجاجات متصاعدة في الولاية، في خطوة تعكس مسارا مشابهاً لما حدث في كاليفورنيا مؤخراً.

وجاء الإعلان عن القرار على لسان حاكم تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، مساء الثلاثاء، حيث أكد أن الحرس الوطني سيُنشر في عدة مواقع داخل الولاية لضمان السلم والنظام، وذلك بعد موجة احتجاجات اندلعت على خلفية توقيف مهاجرين، والتي دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإرسال قوات من الجيش إلى مدينة لوس أنجلوس في كاليفورنيا.

وقال أبوت عبر حسابه على منصة “إكس”: “سيتم نشر حرس تكساس الوطني في مواقع في أنحاء الولاية لضمان السلم والنظام. التظاهر السلمي قانوني، ولكن إلحاق الأضرار بأشخاص أو ممتلكات أمر غير قانوني وسيؤدي إلى التوقيف”.

وأضاف الحاكم الجمهوري: “حرس تكساس سيستخدم كل الوسائل والاستراتيجيات الممكنة لمساعدة عناصر إنفاذ القانون في المحافظة على النظام”.

إلى ذلك، شهدت مدينة مانهاتن في نيويورك مواجهات متزايدة بين الشرطة وآلاف المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع رفضًا للمداهمات التي نفذتها وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية، وأوقفت الشرطة العشرات من المحتجين وسط استمرار البعض في التجمّع حتى ساعات متأخرة من الليل.

وطالب المتظاهرون بحقوق كاملة للمهاجرين، مع المطالبة بوقف المداهمات والترحيلات وسحب الحرس الوطني والجيش من لوس أنجلوس، حيث شهدت الاحتجاجات تصعيدًا سابقًا، وقالت الناشطة ياري أوسوريو: “إذا لم نتمكن من التجمع السلمي من دون تدخل الحرس الوطني، فلا شيء يكتسب أهمية حقيقية”.

وشهدت الاحتجاجات محاولة للمتظاهرين الاقتراب من مكاتب المحكمة الفيدرالية للهجرة، حيث تصدت لهم شرطة نيويورك واعتقلت عددًا منهم وسط اشتباكات محدودة، فيما أكد المتظاهرون استمرارهم في التعبير السلمي عن مطالبهم رغم المخاوف من الاعتقال.

على الصعيد الرسمي، دعا عمدة نيويورك إريك آدامز إلى التظاهر السلمي مع استعداد المدينة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تصاعدت التوترات، بينما رفضت الحاكمة كاثي هوكول التعليق على احتمال نشر الحرس الوطني، مؤكدة ثقتها في قدرة شرطة نيويورك على إدارة الوضع.

في سياق متصل، قدمت النائبة نيديا فيلازكيز مشروع قانون “الشرطة لا (ICE)” لمنع عناصر الهجرة من التظاهر بأنهم رجال شرطة، بهدف حماية الثقة والسلامة العامة.

وأثارت رئيسة مجلس المدينة أدريين آدامز جدلًا بدعوتها للتحقيق في تعاون محتمل بين شرطة نيويورك ووكالة الهجرة، وهو ما نفته الشرطة رسميًا واعتبره مكتب العمدة محاولة تأجيج الخوف لأغراض سياسية.

في السياق، تجددت الاحتجاجات في لوس أنجلوس، حيث توافد المتظاهرون على الطريق السريع لليوم الخامس على التوالي، وسط توتر متصاعد في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

وفي سان فرانسيسكو، تسببت التظاهرات أمام محكمتين للهجرة بمنطقة خليج المدينة في إغلاقهما مؤقتاً يوم الثلاثاء، بحسب ما أفادت به مصادر إعلامية.

وشارك المتظاهرون في اعتصام أمام المحاكم، مرددين هتافات مناهضة لوكالة الهجرة والجمارك (ICE)، فيما أكدت شرطة المدينة عدم تنفيذ أي اعتقالات في محيط الاعتصام، رغم تقارير عن بعض الاعتقالات داخل الموقع، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.

أما في دنفر، فقد شهدت المدينة مسيرات غاضبة أغلقت خلالها الشرطة عدداً من الشوارع الرئيسية، تخللتها اتهامات باستخدام الغاز المسيل للدموع، وهو ما نفاه متحدث باسم شرطة دنفر، مشيرًا إلى أن التدخل الأمني اقتصر على الإجراءات الاعتيادية لتأمين التظاهرات.

وامتدت رقعة الاحتجاجات إلى مدن أخرى من بينها سانتا آنا، لاس فيغاس، أتلانتا، فيلادلفيا، ميلووكي، سياتل، بوسطن، وواشنطن العاصمة، حيث تجمّع المتظاهرون في ساحات عامة وأمام منشآت حكومية، للمطالبة بتعديل السياسات الحالية المتعلقة بالهجرة وترحيل المهاجرين غير النظاميين.

واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعض المشاركين في الاحتجاجات التي اندلعت مؤخراً في مدينة لوس أنجلوس ضد قرارات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، بأنهم “مثيرو شغب مدفوعو الأجر”، متهماً جهات لم يسمّها بالوقوف خلف أعمال العنف التي شهدتها المدينة.

وقال ترامب، خلال حديث للصحفيين في المكتب البيضاوي، إن لوس أنجلوس كانت على وشك “الاشتعال” لولا تدخله السريع عبر إرسال وحدات من الحرس الوطني لاحتواء الاحتجاجات، التي وصف بعض مشاهدها بأنها أقرب إلى “حالة عصيان”، بحسب ما نقلته وسائل إعلام أميركية.

وأضاف الرئيس الأميركي أن المتظاهرين استخدموا أدوات حادة كمطارق لتفكيك أجزاء من الأرصفة ورشقوا بها قوات الشرطة، مشيراً إلى أن ما جرى “لم يكن احتجاجاً سلمياً بل كان فوضى مفتعلة”، على حد تعبيره.

بدورها، أعلنت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، فرض حظر تجوال ليلي في وسط المدينة، بعد أيام متواصلة من الاضطرابات وأعمال التخريب التي شهدتها المنطقة.

وجاء هذا القرار في ظل تصاعد الاحتجاجات ومواجهات بين المتظاهرين وقوات إنفاذ القانون على خلفية عمليات مداهمة الهجرة التي نفذتها السلطات الأمريكية.

وقالت باس في تصريح رسمي: “أعلنت حالة طوارئ محلية وفرضت حظر تجول في منطقة وسط مدينة لوس أنجلوس لوقف أعمال التخريب والنهب”.

وأضافت أن الحظر سيشمل مساحة ميل واحد في وسط المدينة، مشيرة إلى أنها ستعقد مشاورات مع القادة المنتخبين ومسؤولي إنفاذ القانون غداً لبحث مدى استمرار الحظر، لكنها توقعت أن يستمر لعدة أيام.

وفي نفس السياق، أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجدل بخطاب ألقاه في قاعدة عسكرية بولاية كارولينا الشمالية، حيث وصف ما يحدث في لوس أنجلوس بأنه “غزو من قبل عدو أجنبي”، مؤكداً أنه “لن يسمح بغزو مدينة أمريكية واحتلالها”، واستهدف ترامب في خطابه الاحتجاجات التي اندلعت بعد مداهمات الهجرة التي نفذتها السلطات.

ويأتي ذلك في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن نشر 700 جندي من مشاة البحرية في لوس أنجلوس للسيطرة على الأوضاع وسط الاحتجاجات التي تشهدها المدينة.

كما أفادت مصادر أمريكية بنشر نحو 500 جندي إضافي من مشاة البحرية التابعين لمركز القتال الجوي البري في كاليفورنيا، علاوة على 2000 جندي من الحرس الوطني تم نشرهم الأحد الماضي لتعزيز الأمن.

وتصاعدت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الهجرة والجمارك الأمريكية خلال عمليات المداهمة التي تستهدف تحديد هوية المهاجرين غير المسجلين، ما أدى إلى تصعيد التوترات في وسط المدينة.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الأحداث تأتي في ظل أزمة متزايدة حول سياسة الهجرة الأمريكية، التي أثارت ردود فعل واسعة داخل المجتمع الأمريكي وعلى الساحة الدولية.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً